27/12/2008

وصفت ندوة حقوقية مشروع قانون البيئة الجديد المعروض حالياً على مجلس الشعب أنه على محاباة رجال الصناعة ورجال الأعمال من أعضاء مجلس الشعب والشورى بالإضافة تعبيره بصورة واضحة عن أزدواجية الحكومة فى التعامل مع القضايا البيئية بين التشريع والتطبيق وإغفاله للعديد من القضايا البيئية الملحة مثل التغيرات المناخية ومواجهة تلوث المياه الجوفية .

كان المعهد الديمقراطى المصرى عقد مساءاً أمس ندوة بعنوان ” قانون البيئة الجديد … مطالب وتحديات ” شارك فيها الدكتور خليفة رضوان عضو مجلس الشعب ومقرر قانون البيئة والأستاذ عبد الجواد ابوكب المحرر البرلمانى ونائب رئس تحرير مجلة صباح الخير والأستاذ رامى حافظ المحامى ومسئول وحدة التدريب بالمعهد .

أتهم المشاركون فى الندوة الحكومة بمخالفة ما تقره من قوانين وأكدوا أنها أول من ينتهك التشريعات لافتين إلى ترحيب الحكومة المصرية بإستقبال الصناعات الملوثة للبيئة ومخالفة المصانع والمركبات المملوكة للقطاع العام للشروط البيئية فى نفس الوقت الذى تسعى فيه لإصدار قانون جديد للبيئة ،وقالوا : إذا لم تكن الحكومة أول الملتزمين ببنود القانون الجديد وتسعى التطبيق خاصة على منشأتها فلن يلتزم به إحداً من المواطنين .

دافع الدكتور خليفة رضوان عن القانون معتبرة نقله نوعية فى مجال البيئة فى مصر ، وأكدوا أن المشروع الجديد تلافى عيوب القانون الحالى رقم 4 لسنة 1994 ويتفق مع كافة الاتفاقيات البيئية الدولية .

أكد رضوان أن القانون الجديد أشتمل على العديد من الإيجابيات أولها أعادة ضبط التعريفات والصياغات والمصطلحات المتعلقة بالبيئة وأضاف أموراً جديدة ضمن ملوثات البيئة ليست موجودة فى القانون الحالى ، ولفت رضوان نص المشروع الجديد على إليات حماية للممرات المائية المصرية خاصة قناة السويس بإعتبارها مصدر مهم للدخل القومى المصرى ، وقال : أن المشروع الجديد يصنع انياباً واسناناً لجهاز شئون البيئة واعطاه سلطة الضبطية القضائية كما نص على إنشاء شرطة خاصة للبيئة ومنح صندوق البيئة الشخصية الاعتبارية ، وكل ذلك يقوى يد جهاز حماية البيئة فى التصدى للمخالفات البيئية ويسمح لشرطة بسحب رخص المركبات المخالفة فى الشوراع .

أضاف رضوان : أن القانون الجديد حدود شروطاً لإنشاء مراكز الدراسات وبيوت الخبرة البيئية واعتماد الخبراء البيئيين لينهى على فوضى الدراسات البيئية وخبراء البيئة الذين يعملون على الرصيف – حسب وصفه – ، وأكد رضوان أن المشروع الجديد حظر بصورة قاطعة الحرق المكشوف للنفايات والمخلفات والقمامة والزم الجهة الإدارية بتوفير الإمكانيات اللازمة لتجميع ونقل وحرق القمامة بالصورة النموذجية التى نص عليها القانون .

قال رضوان : معظم الأمراض فى مصر تنتج عن تلوث البيئة فنحن لدينا مفارقة قوية بين ما نرجوه فى الوضع البيئى وبين الواقع العملى ومعدلات الفقر المتزايدة ألا أن ذلك يجب ألا يوقف مساعينا للخروج بتشريع يحسن الأوضاع ، وقال : المهم فى مصر التطبيق فنحن سباقون فى التشريعات والمشكلة فى عدم تطبي هذه التشريعات .

هاجم عبد الجواد ابوكب المشروع ووصفه بمشروع رجال الصناعة من أعضاء مجلس الشعب والشورى ، وقال : لقد تجاهل المشروع موقف الصناعات التقليدية والأكثر تلويثاً للبيئة لمحاباة بعض النواب كما اغفل العديد من العوامل الدولية وتجاهل ايضاً مسألة المياه الجوفية وكيفية التصدى لأى محاولة أجنبية ( إسرائيل على سبيل المثال ) لتلويث المياه الجوفية المصرية .

وقال ابوكب : لقد تناسى القانون الجديد التغيرات المناخية وما سينتج عنه مستقبلاً من اقتراب مصر من خط الاستواء وارتفاع درجة الحرارة وهو ما يعرض بالتبعية زيادة الأمراض وانتقالها بصورة سريعة وكبيرة ، كما أن القانون ينص على آليات واضحة لتنفيذ نصوص خاصة فى ظل فتح الحكومة المصرية المجال واسعاً لأستقبال الصناعات الأكثر تلويثاً للبيئة والمطروحة من دول العالم مما حول مصر مصنع للسموم ، وقال : الحكومة تسعى لإصدار قانون جديد وهى الملوث الأكبر للبيئة خاصة شركة ( كيما ) وأتوبيسات النقل العام وسماحها بدخول مئات الآلاف من التوك توك الملوث للبيئة ناهينا عن تجاهل القانون مسألة التعامل مع النفايات النووية وشبه النووية التى تخرج من المستشفيات .

حذر ابوكب من أن يكون القانون الجديد سيفاً جديداً على رقاب الفلاحين والمواطنين العاديين ، وقال: إذا لم تضمن تنفيذ القانون على الجميع وفى المقدمة الحكومة وكبار رجال الأعمال فإن القانون يصبح عبئأ جديداً على المواطنين الفقراء .

وفى كلمة رامى حافظ عرض وجهة نظر المعهد حيث أكد فيها على أن القانون الجديد قد توسع فى الجرائم ورفع من سقف العقوبات لكن المشكلة الأساسية والتى لم يحلها القانون هى وجود جهاز تنفيذى قوى يعمل على تطبيق القانون ويقوم بالدور الرقابى ، واستنكر حافظ مشروع القانون الذى جاء كمحاولة لتوفيق أوضاع القانون على الأتفاقيات الدولية بعيداً عن أن يكون لوزراة البيئة رؤية واضحة واستراتيجية تعمل على تحقيقها من خلال وضع القانون الجديد .

وأضاف حافظ : أن ميزانية مشروعات وزارة البيئة ممولة من مؤسسات دولية وان الأنفاق الحكومى ضعيف جداً على مثل هذا النشاط ، واستنكر طريقة عمل المبادرات التى تطرحها وزارة البيئة حيث تشترط الأنفاق على المبادرات بنسبة 60 % وعلى مقدم المبادرة 40 % وهو ما لا يمكن تحقيقه حيث مبادرات المجتمع المدنى لا يستطيع الأنفاق عليها وخاصة فى مثل هذا المجال ، كما أضاف حافظ أن مشروع القانون الجديد يتطلب أنشطة جديدة مثل صناديق القمامة وموظفى شرطة البيئة وهو جهاز مستحدث فى القانون وهو ما يستلزم رفع ميزانية الوزارة وهو ما استبعده أن يتحقق فى الوقت الراهن ، وطالب وزارة البيئة بالعمل على وضع خطة قومية لرفع الوعى البيئى لدى الجمهور البسيط وأهمية الحفاظ عليها .