12/1/2009

حذر المشاركون فى ندوة التي نظمها المعهد الديمقراطي المصري من مشروع قانون الجامعات الأهلية الجديد وتخوفوا من أن يكون بوابة خلفية لخصخصة التعليم ، جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت أمس تحت عنوان (( القانون الجديد : هل يحل الغأز الجامعات الأهلية ؟؟)) وذلك فى إطار مشروع مراقبة الأداء البرلمانى الذى ينفذه المعهد .

هاجم المشاركون تداعيات اشتراك الجامعات الحكومية بميزانياتها المحدودة في تمويل نشاط وأهداف الجامعات الأهلية ، المنتظر إضافة مواد بإنشائها في القانون 101 لسنة 1992 المنظم لإنشاء الجامعات الخاصة في مصر .

وثار خلاف حاد بين الدكتور محمد خليل نصر الله عضو لجنة التعليم بمجلس الشعب والدكتورة ليلي السويفى أستاذة العلوم بجامعة القاهرة وعضو مجموعة استقلال الجامعات والشهيرة بجماعة “9 مارس” حول مواد مشروع تعديل قانون الجامعات الخاصة المقترحة من قبل الحكومة ، ودارت أغلب نقاط الخلاف حول دخول الجامعات الحكومية طرفا في تمويل أنشطة الجامعات الأهلية خاصة في ظل مناداة العالم المعاصر باستقلال أنشطة المجتمع المدني ومنظماته عن الحكومات ، وأيضا حول صلاحيات وزير التعليم العالي والبحث العلمي الخاصة بتشكيل مجالس أمناء الجامعات الأهلية وطريقة إدارتها التي اعتبرتها الدكتورة ليلي السويفى إحدى المحاولات الحكومية المتكررة لتمرير مشروعات تمحو تدريجيا التعليم الحكومى المجانى .

واعترض رامي حافظ الباحث بالمعهد في ورقته التي استعرضها خلال الندوة علي طريقة إنشاء الجامعات الأهلية بقرار جمهوري ، وقال أن الوزير المختص في تعديلات قانون الجامعات الخاصة يملك صلاحيات تمحو فكرة اللامركزية التي تدعو إليها الحكومة ، وتؤكد اسمية وشكلية استقلال الجامعة وشخصيتها الاعتبارية وصعوبة تفريط الحكومة فى قبضتها المحكمة علي الحياة الجامعية والتي أخرت العمل البحثي عقودا في مصر .

وأكد رامي استحواذ وزير التعليم العالي في مقترح القانون علي حق تعيين نصف مجلس أمناء المؤسسة التي تنشئ الجامعة الأهلية والموافقة علي النصف الآخر الذي تختاره المؤسسة إضافة إلي عضو يعينه بقرار منه حال حصول الجامعة علي أي امتيازات من الدولة وأضاف أن إدارة صندوق مخصصات تطوير الجامعات الأهلية بفكر استثماري من قبل الحكومة يجعل العملية التعليمية بالجامعات الأهلية معرضة لتقلبات السوق وما ينتج عنها من ربح أو خسارة .

واضاف رامى أن انفراد الوزير بتعيين مستشار للجامعة الأهلية بقرار منه والتجديد له يعد تدخلا صريحا في شئونها رغم قيامها في الأساس بأموال أفراد وهذه المادة من ضمن المواد التى ستطبق من أحكام الخاصة بالجامعات الخاصة ، وأختتم بهجوم شديد على المادتين السادسة عشر والثامنة عشر الخاصتين بتشكيل مجلس أمناء الجامعة واختصاصات المجلس المزمع إنشاؤه فى تطبيق القانون .

وكشفت الدكتورة ليلي السويفى عن قيام مجموعة 9 مارس بإرسال رؤيتها إلي لجنة التعليم بمجلس الشعب في شأن مقترح قانون إنشاء الجامعات الأهلية ، وقالت أن المجموعة أوضحت وجهة نظرها وتتلخص في تحول أن الاتجاه لأقرار الجامعة الأهلية جاء نتيجة لضعف الجامعات الحكومية لضعف قدرتها علي تمويل ذاتها ، وأن الاستثمار في التعليم قبل الجامعي سهل التنفيذ علي عكس الجامعي الذي تحتاج أنشطته البحثية إلي أموال وإمكانات مادية وبشرية كبيرة .

وقالت السويفى أن مشروع القانون يعيبه عدم تصور الحكومة وجود مؤسسة علمية أو أكاديمية مستقلة عن قبضتها الأمنية والبيروقراطية حتي ولو أنشئت بأموال الشعب ، واعتبرت محاولات تمرير مشروع القانون استكمالا لمساع حكومية بتضييق هامش التعليم المجاني في مصر بعد إنشاء الجامعات الخاصة التي تعاني نقصا شديدا في عدد الطلاب المقبلين عليها ، وأكدت أن إنشاء أقسام خاصة بمصروفات داخل بعض الكليات بالجامعات الحكومية جزء من مخطط وزارة التعليم العالي لإلغاء التعليم العالي المجاني بدلا من علاج سلبياته لمصلحة بلد فقير وشعب يفتقد وجود مشروع قومي يبني خلاله مستقبله ، وحذرت السويفى من إلغاء مكتب التنسيق أو تهميش دوره في قياس أحقية الطلاب في دخول الكليات علي أساس المجموع كمعيار محايد لا يفرق بين مستوياتهم المادية ، وطالبت بتحسين دوره وعدم إلغائه وأضافت أن الجامعات الخاصة أفرزت خريجين دون المستوي المرجو منها .

فيما أكد الدكتور محمد خليل نصر الله تشكيل لجنة التعليم بمجلس الشعب لجنة الاستطلاع والمراجعة والاستماع من أساتذة ورؤساء الجامعات ورؤساء الجامعات الخاصة والأخذ بآرائهم في مشروع القانون خلال 10 جلسات ، وأضاف أن 6 جلسات تنتهي مساء غد الثلاثاء تشترك فيها لجان التشريع والخطة والموازنة والشئون الدستورية تناقش حاليا مواد تعديل القانون 101 لسنة 1992 وسط مشاركة 18 أستاذاً جامعياً باللجنة أكثر من ربعهم ينتمون إلي المعارضة .

ونفي نصر الله أن تكون ضمانات إنشاء الجامعات الأهلية قيودا علي أصحابها مؤكدا ضرورة توافق خططها مع أهداف الدولة الاستراتيجية في مجال التعليم ، ولفت نصر الله إلي تأكيد المادة 14 من مشروع القانون عدم هيمنة المؤسسة المنشئة للجامعة الأهلية علي نشاطها وتمتعها بالشخصية الاعتبارية الخاصة منذ نشأتها وفقا للمادة 12 من القانون ، وأضاف أن الجامعات الأهلية تستهدف استيعاب الطلاب الزائدين عن قدرات الجامعات الحكومية مقابل مصروفات ” مخفضة ” بغرض تلبية احتياجات ملحة للطلاب بعد أن انحرفت الجامعات الخاصة نحو الربح فقط ، وأكد نصر الله تعديل أن لجنة التعليم خلال مناقشاتها مشروع القانون المادة 11 لتجيز للجامعات الحكومية الاشتراك في إنشاء جامعات أهلية وتمويل المنح الدراسية المجانية لطلابها المتفوقين وتعديل المادة 16 ليكون لكل جامعة أهلية مجلس أمناء من 9 – 15 عضوا علي أن يكون نصفه باختيار المؤسسة المنشئة للجامعة والنصف الآخر باختيار الوزير بالاتفاق مع المؤسسين علي أن يضم كبار العلماء والأساتذة في مجالها وبعض الشخصيات العامة بينهم ممثل واحد للدولة يختاره الوزير أيضاً .

ورفض الدكتور نصر الله اقتراح الدكتورة ليلي السويفى بأن يكون تشكيل مجلس أمناء الجامعة الأهلية من مؤسسيها ويكون بين أعضائه ممثل للحكومة يختاره الوزير علي أن يوافق المجلس الأعلى للجامعات علي تشكيل المجلس ويعتمده ، ورأي نصر الله أن رفض المؤسسين قرار الوزير بالتشكيل يعني رفضهم أمر تأسيس جامعتهم الأهلية وهذا حقهم ، كما طلبت ليلي السويفى تعديل المادة 18 لتسمح لهيئة الجودة والاعتماد بمراقبة أعداد المقبولين بكل جامعة وإلتزامها بمعايير الجودة في تعليمهم وتخرجهم ونشر تقارير علي الرأي العام تقيم فيها موقف هذه الجامعات دون فرض سيطرة عليها بمعنى أن تكون الرقابة لاحقة وليست رقابة سابقة تعوق نشاط الجامعة وتفرض عقوبات على مخالفة قرارت هيئة الجودة ، إلا أن الدكتور نصر الله أكد أن القانون يعني تجريم فعل مرفوض والحد من آثاره وليس انتظار تعاظمه .

وثار جدل واسع بين نصر الله والسويفى حول موقفهما من وزير التعليم العالي وصلاحياته في مشروع القانون ، خاصة حينما رفضت السويفى العمل بموافقة الوزير علي دعوة أي أستاذ زائر للتدريس أو إلقاء محاضرات بالجامعة حيث أرجع الحق في استقدامه إلي موافقة أجهزة الأمن حفاظا علي سيادة الدولة وأمنها القومى ، وردت عليه السويفى متسائلة ” وهل يؤتمن وزير تابع لحكومة تطبع مع إسرائيل علي هذا الأمر ، ” وأضافت ” أن هاني هلال ليس أكثر وطنية من المواطنين ولو كانوا سباكين الذين سيديرون الجامعات الأهلية .