4/1/2009

المثل العربي القديم كان يقول تمخض الجمل فولد فأرا ، أما الآن فالجمل تمخض على لا شيء ، و تولد عن مخاضه حالة صمت مريبة ، وجملنا هو مجلس الأمن الدولي الذي أنهى جلسته الطارئة اليوم الأحد 4 يناير 2009 لبحث تطورات الوضع في غزة، دون التوصل إلى اتفاق أو إصدار قرار، لتستمر معاناة شعب غزة وتتواصل عمليات الإبادة الجماعية المنظمة التي تنتهجها إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين ولكن هذه المرة على مرأى ومسمع من العالم وبمؤامرة صمت من أهم وأكبر مؤسساته الدولية المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين ، و الذي أعطي بصمته هذا صك غفران لإسرائيل عن مجازرها الوحشية التي ارتكبتها وضوءا أخضر لترتكب المزيد منها .

وقد تلقى مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية نبأ فشل اجتماع مجلس الأمن في التوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار في الأراضي الفلسطينية بحالة أسى شديدة وأسف على ما آل إليه حال مجلس الأمن وعدم قدرته على اتخاذ قرار أو حتى إصدار بيان لإنقاذ حياة شعب يتعرض لأبشع الانتهاكات الإنسانية ، ويرى المركز أن السبب المباشر والجوهري في ذلك هو سيطرة بعض الدول الكبرى على مجلس الأمن وتوظيفها المشين لحق الرفض ( الفيتو ) في تحقيق أهدافها السياسية التي تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان ومتطلبات السلام العالمي ومصالح الشعوب الفقيرة وقد تجلى ذلك في الموقف الأخير لمجلس الأمن من العدوان الإسرائيلي على غزة حيث رفضت الولايات المتحدة مسودة القرار الذي تقدمت به الدول العربية عبر ليبيا العضو العربي في مجلس الأمن يطالب إسرائيل بوقف فوري لإطلاق النار و ادعى السفيران الأمريكي والبريطاني إن مسودة القرار متحيزة للغاية حيث لم تذكر الصواريخ التي تطلقها حماس باتجاه إسرائيل .

هكذا بمنتهى البساطة يساوي مندوبا الدولتين الأكبر في العالم بين الجلاد وضحيته ، وبين عدد محدود من صواريخ بدائية الصنع يطلقها أفراد مقهورون يأسوا من إنصاف المجتمع الدولي لهم وإعادة حقوقهم المغتصبة ولا تصيب أحد في غالب الأحوال ، وبين صواريخ الـ ” جي بي يو 37 ” القادرة على اختراق الخرسانة المسلحة بعمق 30 متر والقنابل العنقودية التي تقتل المئات بدون تمييز .

ويتساءل مركز ماعت عن موقف أصحاب الضمائر الحية في العالم من هذا العار الذي لحق بالإنسانية بتواطؤ أكبر المؤسسات الدولية في جريمة إبادة شعب ، ويدعو المركز إلى طرق أبواب جديدة واستخدام آليات أخرى ليس فقط لإيقاف المجزرة الحالية ، ولكن أيضا لردع إسرائيل ومنعها من العدوان المستمر والمتكرر على الشعب الفلسطيني والعمل على إقرار السلام الدائم والشامل في المنطقة ، ولن يكون ذلك إلا بتكاتف المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني العربية وغير العربية المعنية بالقضية والمتعاطفة مع مأساة الشعب الفلسطيني وتكوين تحالف دولي يستطيع الضغط على المنظمات الدولية الأمنية والحقوقية وخاصة مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان ودفعها للتدخل الايجابي في القضية ، وكذلك تنظيم حملات إعلامية تخاطب الضمير العالمي و مواطني الدول الكبرى للتعريف بانتهاكات إسرائيل المستمرة في حق الشعب الفلسطيني وتشكيل رأي عام يسهم في تحويل مسارات سياسات تلك الدول باتجاه نصرة المطالب العادلة للفلسطينيين .

مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية

[an error occurred while processing this directive]