18/1/2009

دائما تولد الحقيقة من رحم الأحزان ، وتميز الأحداث الجسام بين الغث والثمين ، وبين أصحاب القضايا وأصحاب المصالح ، و بين المدافعين الحقيقيين عن الإنسانية وحقوقها والمتخاذلين عن نصرتها والحفاظ على كرامتها ، وقد أثبتت الأحداث المأساوية الأخيرة في غزة والعدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني أن منظمات المجتمع المدني العربي عموما والمنظمات الحقوقية على وجه التحديد وصلت إلى مرحلة النضج وقد ظهر ذلك جليا في تعاطيها مع الأزمة وطبيعة تحركاتها خلال الأسابيع الثلاث الماضية علما بأن هذه المنظمات تتحرك في بيئة تشريعية وسياسية معوقة لعملها في كثير من الأحيان ، ومع ذلك فقد استطاعت هذه المنظمات أن تحرك المياه الراكدة ، وأن تخلق آليات لطرح المأساة الفلسطينية أمام المنظمات و المنتديات الدولية والأجنبية ، وذلك من منظور حقوقي قادر على تجاوز إشكاليات وعقبات السياسة .

ومن منطلق متابعته المستمرة للقضية وللجهود المبذولة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي سواء على المستوى الحكومي أو المستوى الأهلي فقد كان ” ماعت ” معنيا بضرورة تكوين شكل من أشكال التحالف بين منظمات المجتمع المدني العربية من أجل اكتساب القوة اللازمة لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية والتحرك في اتجاه محاسبة القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين كمجرمي حرب وملاحقتهم قضائيا وسياسيا ، وكذلك فضحهم أمام الرأي العام العالمي ، وقد دعا المركز إلى ذلك في كل بياناته الصحفية المنشورة وفي كل مخاطباته مع المنظمات الأخرى ، كما كان هذا التوجه حاكما لمركز ماعت في كل تحركاته ، وفي إطار ذلك جاءت دعوته لعقد اجتماع لمنظمات المجتمع المدني العربية في أحد العواصم العربية والذي يجري التحضير لانعقاده في العاصمة اليمنية صنعاء بمشاركة حوالي مائة منظمة عربية وعدد من الشخصيات السياسية والفكرية والمسئولين في الأقطار العربية والأجنبية ، و يقوم على تنظيم الاجتماع مؤسسات “الرابطة العربية للديمقراطية ” و ” المركز الوطني لحقوق الإنسان وتنمية الديمقراطية ” و “منتدى جسور الثقافات ” بالإضافة إلى” ماعت” الذي يقوم بدور المنسق المصري للاجتماع .

وفي نفس الإطار شارك ” ماعت ” في تأسيس التحالف العربي الذي دعا إليه مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان والذي يهدف إلى إقامة الدعاوى القضائية على المستوى الوطني والمستوى الدولي وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين والضغط على المؤسسات الدولية للقيام بمسؤولياتها في هذا الشأن ، واستقطاب الدعم والمناصرة من المنظمات والشخصيات الحقوقية في الغرب ، ومساعدة المنظمات الحقوقية والإعلامية الفلسطينية على رصد وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية .

كذلك يعرب ” ماعت ” عن مناصرته و تأييده للمبادرات التي قامت بها منظمات حقوقية أخرى في هذا الشأن وأهم هذه المبادرات ما قامت به اللجنة العربية لحقوق الإنسان من بناء تحالف من منظمات عربية ودولية من أجل إعداد عريضة للدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية لدفعها للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي عليه في 27 ديسمبر الماضي ، كما يؤيد مركز ماعت سعي اللجنة للحصول على رسالة من الرئيس الفلسطيني بقبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بنظر الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة ، كذلك يساند ” ماعت ” توجه المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة بوصفه منسقا للتحالف العربي من أجل المحكمة الجنائية الدولية للتقدم بطلب إلى المدعي العام للمحكمة ” لويس أوكامبو ” مدعما بأقراص مدمجة ووثائق تثبت ارتكاب إسرائيل لجرائم ضد الإنسانية .

ويدعو ” ماعت ” كل المنظمات الحقوقية في العالم العربي ألا يفتر حماسها ، وألا تتوقف تحركاتها و أن يكون الهدف النهائي لتلك التحركات هو تقديم المسئولين عن المجازر الإنسانية وعمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل على مدار ثلاث أسابيع متصلة إلى العدالة الدولية ، والوصول إلى حل جذري ودائم وعادل لمعاناة الشعب الفلسطيني .

مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية

[an error occurred while processing this directive]