21/1/2009

بانتخابه لباراك أوباما يكون الشعب الأمريكي قد أثبت أنه دار بمقدار 180 درجة وغير موقعه على خريطة السلام المجتمعي إلى الجهة المقابلة تماما ، و بدل جلد العنصرية الذي كان طافيا على سطحه ، فبعدما كان يستحيل على رجل ذو بشرة سوداء أن يتناول الطعام في مطعم عام يرتاده ذوي البشرة البيضاء منذ سنوات قليلة ، حيث كان ينظر إلى ذوي البشرة السوداء على أنهم مواطنين من الدرجة العاشرة ، أصبح ذوي البشرة البيضاء أنفسهم هم من يفتحون أبواب البيت الأبيض أمام ذوي البشرة السوداء ، و ينتخبون رجل ذو بشرة سوداء ليحكمهم لأربع سنوات قادمة وبأغلبية كاسحة أيضا .

وإلى جانب الرغبة الملحة في التغيير ، والافتتان بديناميكية النموذج الأمريكي في تبديل جلده والتخلص من عيوبه ونواقصه ، فإن اهتمام واحتفاء العالم بتنصيب باراك أوباما يوم الثلاثاء 20 يناير 2009 رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ينبع من حالة السخط العام على السياسة الأمريكية في السنوات الثماني السابقة في أغلب مناطق العالم وفي الشرق الأوسط تحديدا ، تلك السياسة التي تبنت العنف منهجا لها في حربها المزعومة على الإرهاب ، وتميزت بالتحيز الأعمى لإسرائيل ومساندتها في الباطل وتوفير الغطاء الدولي لجرائمها اليومية في حق الشعب الفلسطيني ومن قبله الشعب اللبناني ، ولم توظف إمكانياتها الكبيرة وعلاقاتها الواسعة بحكام المنطقة في نشر مبادئ العدل والحرية واحترام حقوق الإنسان ، والمساعدة في التنمية الاقتصادية لدول المنطقة ، رغم إنها اتخذت من هذه الكلمات شعارا زائفا لها للتدخل في شئون الدول بما يخدم مصالح النخبة الأمريكية الحاكمة دون أن يكون لذلك أي تأثير على حياة الشعوب في الشرق الأوسط .

و في إطار اهتمامه ورصده المستمر لأوضاع السلام المجتمعي والعالمي ، فإن ” ماعت ” يأمل أن يؤدي تغير الإدارة الأمريكية وقدوم باراك أوباما بكل ما يحمله هذا التغيير من مضامين ثورية داخل المجتمع الأمريكي ، إلى تغيير مماثل في المواقف الأمريكية من قضايا الشرق الأوسط ، بحيث تكون تلك المواقف أكثر عدلا وإنصافا ، وأقل تحيزا إلى جانب إسرائيل على حساب الحق والحقيقة ، خاصة وأن تنصيب الرئيس الجديد جاء على خلفية مذبحة بشعة وجريمة من جرائم الحرب ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني بعدوانها الوحشي والبربري على غزة الذي استمر لأكثر من ثلاثة أسابيع متصلة ، كما يأمل ” ماعت ” أن تشهد فترة حكم أوباما إقرار السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين ، وكذلك عودة السلام والهدوء إلى مناطق التوتر الأخرى في الشرق الأوسط وخاصة العراق وأفغانستان .

كما أن ” ماعت ” يعلق أمالا على الرئيس الأمريكي الجديد في مساعدة الدول النامية والفقيرة على تجاوز أثار الأزمة المالية العالمية التي بالتأكيد ستؤثر على البنى الاجتماعية والسياسية في هذه البلدان ، وذلك في إطار الالتزام الواجب الذي تفرضه قيم الإنسانية والمسئولية التاريخية على الدول الكبرى والغنية تجاه الدول الأقل نموا ، أيضا ينتظر “ماعت ” من الساكن الجديد في البيت الأبيض تقديم الدعم الحقيقي لجهود نشر قيم الحرية والسلام وتعزيز احترام حقوق الإنسان في العالم .

مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية

[an error occurred while processing this directive]