26/3/2006

هل درست الحكومة مخاطر هدم العشش وذبح طيور الفلاحات بعد إنتشار مرض أنفلونزا الطيور في مصر ؟ هل هناك بدائل لهؤلاء الفلاحات التي يعتمدن بشكل أساسي علي عششهم الصغيرة التي توفر لهم بعض الطعام وبعض المبالغ للتحايل علي سوء المعيشة ؟وكيف سيأكلون ويعيشون بعد أن قضت سياسيات الحكومة علي مصدر الدخل والغذاء الرئيسي لهم ؟ هل تتذكر الحكومة هذه القري البعيدة في كل الريف المصري الذي يشكل سكان الفقراء أكثر من 50% من الشعب المصري في خططها وبرنامجها وسياساتها ؟
أسئلة وجدنا أنفسنا في مواجهتها عندما تابعنا حال النساء في إحدى قرى مصر والتي تسمى (شكشوك )تلك القري التي تقع بمركز أبشواي محافظة الفيوم و تعتبر بحيرة قارون هي الحد الشمالي للقرية والحد الجنوبي مركز أبشواي ،والحد الغربي بحيرة قارون ،والشرقي مركز سنورس .

ويعتبر النشاط الاساسي لسكان القرية هو صيد الاسمال فمعظم الاهالي يعملون في صيد السمك أو تجارة السمك وتقشير الجبري في المنازل .

بمجرد الدخول إلي القرية تشعر برائحة السمك منتشرة في كافة أرجائها ،وبعد التوغل قليلا تجد الترعة التي تمر بوسط القرية وتحيط بها القمامة من كل اتجاه ورائحة السمك والقمامة والصرف الصحي بالترعة ساعد على انتشار أسراب هائلة من الذباب والناموس والحشرات وداخل طرقات القرية تجد السيدات والفتيات يجلسون أمام طاولة مليئة بأنواع مختلفة من السمك ويلتف حولهم المشتريين وهم عادة من القري المحيطة بقرية شكشوك .المشهد الرئيسي بالقرية هن النساء الجالسات أمام بيوتهن في حلقة حول طبق كبير ملئ بالجمبري و يقمن بتقشير الجمبري بسرعة وإتقان وحول السيدات والفتيات تلعب الاطفال شبه عرايا وحفاة بملابس متربة ومتسخة ،يقف على وجوهم وأيديهم الذباب في إهمال غير عادي لحقوقهم .ذلك بالاضافة إلي سوء رائحة الجمبري التي تتداخل مع رائحة البيوت الرطبة التي تتكون من طابق واحد أو بالكاد طابقين بدون أرضية حيث تتشابه البيوت في شكلها وتكوينها و لا يوجد بها أثاث بإستثناء الحصير علي الارض الرطبة الغير مستوية .

يعمل الرجال في هذه القرية بمهنة الصيد ونظراً لضيق فرص العمل والصيد ببحيرة قارون ،فقد ترك الرجال القرية وذهبوا للعمل بمهنة الصيد في أسوان والاسماعلية وبورسعيد ….حيث يسافر الرجال بالشهور .ومن ثم فإن النساء داخل قرية شكشوك تمثل قوة إقتصادية كبيرة داخل الاسرة ،فنظراً لغياب الرجال للعمل بمهنة الصيد في المحافظات المختلفة ،فإن المرأة تقوم بدور الاب والأم معا ً داخل الاسرة ،وهي المسئول الرئيسي عن توفير الاحتياجات الاساسية للاسرة وإستمرار بقاؤها .حيث تبدأ في العمل من سن صغير حوالي 8 سنوات فتقوم بتقشير الجمبري ،وبيع السمك ،وزراعة الارض الزراعية ،وتربية الطيور والمواشي وبيعها .حوالي 90% من السيدات تعمل في تقشير الجمبري من كل الاعمار .

يقوم إقتصاد بلدة شكشوك علي تقشير الجمبري وبيع السمك وهذه الاعمال تقوم بها النساء (سيدات وفتيات علي السواء ).والمتوسط اليومي لتقشير الجمبري عند النساء 50 كيلو جمبري حيث تحصل النساء علي عشرة قروش ثمناً لتقشير كيلو الجمبري ومن ثم إذا قاموا بتقشير عشرة كيلو جمبري يحصلون علي جنيه واحد بالاضافة إلي قشر الجمبري الذي يستخدمونه لغذاء الطيور اللاتي يقمن بتربيتها في بيوتهن وبيعها للمساعدة في مصاريف البيت .

ولكنهن في المقابل يقمن بتقشير الجمبري طوال اليوم ومعهن بناتهن بالاضافة إلي الحالة العامة من عدم النظافة التي تستمر في بيوتهن طوال الوقت ،وتؤدي إلي إنتشار أمراض الحساسية داخل البيت بأكمله .

تقوم كل النساء بالقرية تقريبا ً بتربية الطيور ومن ثم يقمن بتقشير الجمبري حيث يحصلون علي قشر الجمبري كغذاء للطيور وخاصة البط الذي يقومون ببيعه في الاسواق للمساهمة في مصاريف البيت .ومن الممكن تخيل ما نتج عن إنتشار مرض أنفلونزا الطيور ونفوقها من تأثير كبير علي دخل الاسرة وعلي نساء شكشوك .

وعن المشاكل الصحية التي يتسبب بها وجود الجمبري فقد أجمعت النساء علي أن الجمبري (بيزفر البيت )فهو يترك رائحة سيئة بالبيوت ويسبب المرض للأطفال والحساسية ،(عيونهم بتتعب بتتوسخ ،بجيب رابسو للغسيل وصابونة احم العيال ،أنبوبة مرهم للعين بـ3 جنيه يعني ما بكسبش حاجة الي جاي علي قد الدوا والنظافة ).

فالأوضاع الصحية المتدهورة داخل القرية لم تكن بحاجة إلي القضاء علي طيورهم من البط والدجاج الذي هو مصدر دخلهم الرئيسي بعد انتشار مرض إنفلونزا الطيور .حيث تعاني الاسرة من انتشار الامراض الجلدية وخاصة الثعلبة وأمراض إلتهاب العيون بين الاطفال .وتنتشر داخل القرية الامراض الجلدية بجميع أنواعها ,وأمراض العيون نتيجة لتقشير الجمبري .حيث تشكو الفتيات من أن الجمبري يتسبب في الضرر لأيديهم وجسمهم بالإضافة الي الرائحة السيئة.

ولم يقتصر الامر عند هذا الحد ،فالقرية كلها تعاني من إنعدام وسوء في الخدمات فمن أهم مشاكل القرية :

– عدم وجود صرف صحي وما ينتج عن ذلك من وجود بيارات تحتاج من الاهالي للكثير من المال لكسحها .

– وجود ترعة تمر في القرية وتتراكم حولها أكوام القمامة وما يسببه ذلك من إنتشار للأمراض .

– وجود طابونة واحدة لبيع الخبز ،وهي غير كافية لعدد السكان بالقرية ،وتعاني النساء من التكدس والازدحام للحصول علي الخبز .

– عدم وجود سور للبحيرة مما يؤدي إلي دخول مياه البحيرة الملوثة إلي الشوارع و البيوت .

يطالب المركز محافظ الفيوم ومؤسسات التنمية في مصر بالعمل علي معالجة الاثار السلبية لسياسات الحكومة وذلك بتعويض السيدات عن طيورهم النافقة وهدم عششهم مع تسهيل إجراءات وصول التعويضات إلي هؤلاء السيدات كما يناشد كافة الوزارات المعنية والمسئولين ومنظمات المجتمع المدني بالعمل علي إيجاد بدائل للنساء الريفيات في مصر لكفالة حقوقهم في العمل وتوفير الغذاء والحياة الكريمة.

لمزيد من المعلومات يرجا الاتصال بالمركز
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org