12/9/2007

تابع مركز ماعت بقلق شديد نبأ إحالة الكاتب الصحفي إبراهيم عيسي لمحاكمة عاجلة أمام محكمة جنح بولاق بعد توجيه نيابة أمن الدولة تهمة ترويج شائعة تتعلق بصحة السيد رئيس الجمهورية والتأثير بها علي الاقتصاد المصري بعد خسارة البورصة نحو 350 مليون دولار خلال يومي رواج الشائعة حسبما أشارت التحقيقات . ويعلن المركز موقفه الرافض بشدة لمثول الصحفيين أمام المحاكم الجنائية في قضايا تتعلق بأمور مهنتهم وحركة أقلامهم ، معتبرا ما يدور بحقهم من تكرار (جرجرتهم) إلي ساحات المحاكم ، أمر لا يليق بحكومات الدول الديمقراطية ويخالف المواثيق والمعاهدات الدولية التي تكفل حق الصحفي في إبداء الرأي وحرية التعبير والاجتهاد بحثا عن الحقيقة .

والحديث عن صحة الرئيس ومحاولة البعض الاطمئنان عليها ، هو حق لكل مواطن كما يري المركز ولا يقتصر علي حد التناول الصحفي له ، مع تسليمنا الكامل برفض ترويج الشائعات والأكاذيب ، لكن الحديث عن صحة الرئيس أخذ أكثر مما يستدعي الأمر علي صفحات الجرائد التي تناولت الشائعة ربما بسبب غياب أي رد فعل رسمي عليها أو ظهور أي مسئول لنفيها ، ففي مثل تلك المواقف تتعامل حكومات الدول الديمقراطية بشفافية لنري طبيب الرئيس الخاص أو وزير الصحة يطمئن المواطنين علي حال رئيسهم ، فرئيس الدولة هو رئيس لكل الشعب ولا يجوز احتكار أخباره من قبل جهة بعينها أو حجبها عمن يعنيهم الأمر ، وفي الحالة المصرية نري أن رئيس الجمهورية ، رئيس كل الأجهزة التنفيذية في البلاد ، لا نتصور أن تغيب سيرته عن مواطنيه ، ربما حساسية الموقف المصري ومكانة الدولة وتاريخها في المنطقة أمور تبرز جميعا خطأ التواصل مع الشعب في مثل هذه الحالة أيا كانت النتيجة .

أما الحديث عن انهيار البورصة أو تأثرها بالشائعة فهو أمر تقليدي في أعتي البلدان الرأسمالية والتي تشهد بورصاتها العالمية تقلبات كل ثانية جراء أحداث دولية لا علاقة لها بصحة مسئول هنا أو هناك ، ولا يمكن تحميل مسئولية انهيارها في مصر لشخص لا يملك إلا قلمه ولا يتقاضى لقاء ما يكتبه طوال عمره نصف بالمائة من الرقم المعلن عن خسارتها .

ربما يدور التساؤل بأذهاننا عن أسباب أخري لانهيار الاقتصاد المصري ، ولنسأل سويا الحكومة عن مليارات الجنيهات الهاربة قبل سنوات خارج الوطن وأساليبها في محاولة استردادها ، أو لنسأل عن تقارير دولية وحكومية أيضا حول فاتورة الفساد المستشري في أغلب قطاعات الدولة وشركات القطاع العام بغية تخريبها وبيعها ، أو بمعني آخر .. دعونا نسأل عن راتب إبراهيم عيسي وأقل عمولة تقاضاها أصغر مرتشي أو ميسر قروض هاربة من بنوكنا .

إن الحكومة التي انعقد مجلسها الأعلى للصحافة اليوم لإدانة صحف نشرت شائعة مرض الرئيس عليها أن تراجع نفسها وتستحدث آليات جديدة في التعامل مع حملة الأقلام وأصحاب الرأي ، بعيدا عن ساحات المحاكم التي لم تخل من أقدام الصحفيين المطاردين من قبل مجهولين وغير ذي صفة أو فاسدين ما أراد صاحب قلم لهم إلا إصلاحا .. وأخيرا يدعو ماعت المنظمات الحقوقية والنشطاء لدعم الكاتب الصحفي إبراهيم عيسي في جلسة محاكمته المرتقبة كما يدعو القضاء الحر بتغليب حرية الرأي والتعبير علي أساليب التعتيم والتعقيد في ظل منظومة تشريعية مصابة بالعوار أنتجت قوانين مقيدة لحرية المواطنين وأصحاب الأقلام علي السواء .