4/12/2006
حجافل البوليس و الميليشيا تمنع الدكتور المرزوقي و رفاق النضال من الخروج .. و حصار طويل مضروب على كلّ طرقات البلاد لمنع كلّ النشطاء من مغادرة مدنهم في أي إتجاه كان الأحد 3 ديسمبر 2006 يوما أسود بحق على حقّ حرية التنقل و الإجتماع في تونس ، فقد أصدرت حكومة الدكتاتور بن علي تعليمات بدأت قوات البوليس بتنفيذها منذ الصباح الباكر ، تقضي بمنع كلّ نشطاء حقوق الإنسان و المجتمع المدني في البلد دون إستثناء من مغادرة المدينة التي يقيم فيها أي منهم وفي أي إتجاه و مهما كان التوقيت ، و كلّ هذا بهدف ماذا ؟ بهدف منع أي إحتمال لأن يزور أيّ كان الدكتور المنصف المرزوقي في مقرّه المُحاصر بمدينة سوسة .
ففي العاصمة منعت قوات البوليس بالزي الرسمي السيد محمد النوري رئيس جمعية السجناء السياسيين من التوجّه نحو صفاقس حيث كان ينوي زيارة العائلة فقفل راجعا ، و في نفس النقطة التي مُنع فيه السيد النوري وقع منع الأستاذ فتحي الجربي المناضل الحقوقي و القيادي بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية من التوجّه إلى سوسة من قبل عشرات أعوان الأمن المرابطين بأول الطريق السريعة، و في الكاف منع عدد كبير من أعوان البوليس سيارة المحامي و الحقوقي المعروف الأستاذ نجيب حسني من مغادرة المدينة في إتجاه سوسة ، و في صفاقس منع البوليس الأستاذ عبد الوهاب معطر المحامي و القيادي بحزب المؤتمر من التوجّه إلى سوسة لزيارة الدكتور المرزوقي . فيما فاجأ أعوان الأمن الزميل لطفي حجّي رئيس نقابة الصحافيين التونسيين و مراسل قناة “الجزيرة” بقرار منعه من مغادرة مدينة بنزرت و هو قرار كاد يمنعه من السفر اليوم إلى خارج البلاد لولا تراجع السلطات عن قرارها حين تأكّدت من أنّه لم يكن ينوي التوجّه إلى مدينة سوسة و إنّما إلى مطار تونس- قرطاج .
أمّا المهزلة ، بل قل إنّها المجزرة المُتشاكلة الألوان المكتملة الملامح لحقّ الإنسان في التنقل و في الإجتماع المكفولين في دستور البلاد ، فكانت ما جرى أمام و حول منزل الدكتور المرزوقي وما مازال يجري (إلى غياة تحرير هذه الأسطر) ، ففي حدود العاشرة ليلا من مساء السبت (2 ديسمبر ) هاجم أعوان الأمن السياسي المُحاصرين لمنزل الدكتور المرزوقي كوكبة من شرفاء تونس ، و هم السادة علي بن سالم رئيس فرع الرابطة ببنزرت و عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية و طارق العبيدي المحامي و الحقوقي المعروف عندما كانوا يهمّون بدخول منزل الدكتور ، و قد منع أعوان البوليس كلاّ من السيد علي بن سالم و طارق العبيدي من الدخول فيما أمكن للأستاذ العيادي الدخول ، لكنّ السيدين بن سالم و العبيدي و معهما الدكتور المرزوقي أصرّوا على حقّ الدخول ، فقرّر ثلاثتهما المكوث في السيارة للإحتجاج على المنع و إستمرّ هذا الحال طويلا إلى أن سمح لهم الأعوان بالدخول في الساعات الأولى من فجر الأحد! كلّ هذا و أعوان بن علي الكرام غير واضعين إعتبارا لأي شيء بما في ذلك إلى السن المتقدّم لشيخ المناضلين في تونس و عميد الشرفاء السيد الفاضل علي بن سالم أطال الله عمره . .
و ما أن بزغت شمس اليوم الجديد حتّى سجّل النظام مهازل أكبر . .
فقد قرّر الدكتور المرزوقي فكّ إعتصامه ببيته و العودة إلى الحياة العامة و النضال الميداني إنطلاقا من صباح الأحد ، إلاّ أنّه و فور مغادرته للمنزل في حدود العاشرة صباحا بصحبة السيد علي بن سالم و الأساتذة عبد الرؤوف العيادي و طارق العبيدي رياض البدوي ، حتى هاجمتهم قوات من البوليس و ذلك بمعيّة عناصر من ميلشيات تابعة لأجنحة أفراد نافذين في التجمع الدستوري الديمقراطي ( لست أدري لماذا مازالوا يُسمّونه دستوري و ديمقراطي و هو لا علاقة له لا بالديمقراطية و لا بالدستور ) ،و حسب شهود العيان فإنّ أعوان البوليس مع أعوان الميليشيا الذين أمر النظام بإنتشارهم يوم الأحد في كلّ منطقة القنطاوي حيث منزل الدكتور المرزوقي يعدّون بالمئات ، و كأنّ في المدينة مُجرمين خطرين سيخرجون و ليسوا كوكبة من أشرف شرفاء تونس الأبرار الأخيار الذين باعوا الغالي و النفيس من أجل الكرامة لهذا الوطن السليب .. كان الهجوم مهولا و لكنّه لم يكن أكبرفي شيء و لا أقوى في شيء من صوت الحقّ الذي رفعه الدكتور المرزوقي مع رفاقه في وجه عملاء الطاغوت حينئذ مردّين في وجوههم نشيد “حماة الحمى” وهتافات الحرية التي لم يستطع أعوان الميليشيا الردّ عليها إلاّ بالسُباب الأجوف المعتاد من قبيل إتهام الدكتور و رفاقه بالعمالة لأمريكا و لإسرائيل . . فيما وجّه بعض الأعوان عنصرا نسائيا من الميليشيا إلى الأستاذ المحامي طارق العبيدي لإدعاء التحرّش بها.
و في مرحلة موالية ، أحضر الأعوان “شنقالا” نقلوا بواسطته سيارة الأستاذ العبيدي من أمام المنزل ، بل قل سرقوا السيارة و حوّلوها إلى مكان مجهول ، و لم يرجعوها إلاّ في أوّل ليل الأحد ، حيث توجّه أحد قيادات البوليس في سوسة إلى الأستاذ عبد الرؤوف العيادي معلما إيّاه بأن النظام قرّر منع الدكتور المرزوقي من السفر إلى العاصمة و بالتالي عدم السماح بركوبه السيارة مع الأستاذين العيادي و العبيدي و السيد علي بن سالم في طريق عودتهما إلى العاصمة .
و هكذا و لأنّ القانون و معه ميثاق حقوق الإنسان و معهما قيم الديمقراطية و أصول التعدّدية لم يكن لها يوما وجودا في قاموس هذا النظام ، فقد نفّذ أعوان الطاغوت قراره بمنع المرزوقي من المغادرة بيته بتاتا سواء في إتجاه العاصمة أو أي مكان ، و هو ما يؤكّد أن بن علي عجز عن سجن المرزوقي و هذا صحيح و لكنّه خيّرمحاولة إستبدال سجنه بصورة تقليدية و في سجن تقليدي ، بسجنه في بيته وهو ما يسمّى بالإقامة الجبرية ، و لكنّه سجن على أية حال بل إنّه أسوأ من السجن العادي لأن للسجين حقوق كما نعلم منها حق الزيارة الذي حّرم منه المرزوقي و محبيه في كلّ أنحاء الجمهورية . .
فماذا يحسب الدكتاتور من كلّ هذا ؟ إذا كان “الدكتاتور” يحسب أنّه بهذه المحاولات السخيفة لعزل “الدكتور” أنّه سيعزله فعلا فقد خاب رجاؤه و ليطمئن ، لأنّ صوت المرزوقي لن يخمد له لهيب مهما كانت محاولات الطاغوت حتّى أمكث في المنزل أم خارجه ، و ليعلم حاكمنا العزيز أننا كلّنا المرزوقي و سوف تُبدي له الأيام ذلك ، أمّا إذا كان يُريد محاولة إجبار الدكتور على المكوث في البيت فلينسها هذه أيضا لأن الدكتورأعلن تمسّكه الذي لا يُقهر بحقّ الإتصال بإخوته من التونسيين و كلّنا معه متمسكين بهذا الحق و لن يقبل و لن نقبل هذا المنع الرخيص الذي ستسحقه بإذن الله إرادات شريفة لإرساء الحقّ و إنارة سبيله .
ملاحظة :
هذه المُراسلة كُتبت في الساعة السابعة تقريبا من مساء الأحد وكان يُفترض إرسالها على الفور إلى “تونيس نيوز” ، إلاّ أن ذلك لم يكن مُتاحا على السيد سليم بوخذير كما تعذّر على غيره مُراسلتنا من تونس ، و ذلك بسبب إصدار وزارة الإتصالات بمعية وزارة الداخلية بقطع خدمات المُشغّل “ياهو” خلال أغلب الوقت بالعاصمة و بعديد مناطق البلاد يومي السبت و الأحد ، و بقطع “ياهو” يكون وزير الإتصالات منتصر ويلي الذي لم يحصل إلاّ على 9 أصوات في إنتخابات الإتحاد الدولي للإتصالات مؤخرا بما فيها صوته همو بسبب معاداته و معاداة النظام الذي يُمثّله لحرية تبادل المعلومات و الإتصال و حرية التعبير عموما ، و كأنّه يريد أن يقول لكلّ العالم : حتّى 9 أصوات فقط أنا لا أستحقّها . . .