29/10/2006

اعتبر حقوقيون فلسفة النظام الحالى المؤيدة لتزاوج السلطة ورأس المال السبب الرئيسى لأستمرار وتنامى الفساد فى كافة مؤسسات الدولة بما فيها أجهزتها الرقابية ، وأيد تقرير صادر عن مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية بعنوان (مكافحة الفساد بين الأزمة التشريعية والواقع السياسى) مطالب القوى الوطنية والشعبية المطالبة الساعية لإصلاح النظام التشريعى وإجتثاث العوار المصاب به أغلب التشريعات التى مررتها أغلبية حزب الحكومة داخل البرلمان .

وقالت إيناس سليم المحامية والباحثة بالمركز أن غياب تداول السلطة يعنى غياب فاعلية الرقابة الداخلية للمؤسسات على ذاتها فى ظل الرقابة النسبية على الحكم والمقيدة بعبارة (فى إطار المصلحة) ، لافتة إلى احترام الأنظمة الديمقراطية لوضع السلطة القضائية وضمان إستقلالها بوصفها ميزان ضبط العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والضمانة الحقيقية لإحترام الحقوق والحريات ، كما الحال لملكية الشعب لأمواله وإدارته لها كضمانة وحيدة لرقابة صادقة عليها فى ظل وجود أجهزة مزدوجة التبعية والصلاحية الرقابية ،كالمركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية والمدعى الإشتراكى والمجالس الشعبية المحلية منقوصة الاستقلال ، مشيرة إلى تعاظم دور السلطة التنفيذية مقابل السلطتين التشريعية والقضائية بالإضافة إلى صلاحيات رئيس الجمهورية (35 صلاحية) وإعتباره رئيس السلطة التنفيذية ، بما يتخذ معه الأمر أبعادا أخرى لرئاسته أغلب مؤسسات الدولة وتفويض غيره بها .

وسخرت الباحثة – معدة التقرير – من جمع الوزراء بين عضوية السلطة التنفيذية (الحكومة) وعضوية السلطة التشريعية(البرلمان) ، واعتبرت هيمنة الأولى على السلطة القضائية بتورط وزير العدل فى تأديب القضاة مسألة مهينة ، خاصة مع شيوع الأزدواجية فى صلاحيات وطبيعة النيابة العامة الجامعة بين سلطتى الأتهام والتحقيق وأستحالة ائتمان النائب العام على الدعاوى العمومية لتعيينه من قبل رئيس الجمهورية رأس السلطة التنفيذية .

وأكدت الباحثة رصد تقريرها الناقد للنصوص القانونية الحصار الرهيب للحريات العامة والصحافة والإعلام وسلب النقابات المهنية دورها الوطنى بقانون مشبوه وإبعاد الأحزاب عن واقع مجتمعها بالقانون 40 لسنة 1970 الصادر فى ظل المادة الخامسة للدستور والتى ترسخ لفكرة الحزب الواحد ، كما أكدت حصار منظمات المجتمع المدنى كإحدى منافذ العمل العام ، وتهديد ألفاظ مطاطة فى القوانين مثل (تكدير الأمن والسلم العام) وغيرها ، لكل من تسول له نفسه ممارسة حقه فى إبداء الرأى ، بما يخالف المواثيق الدولية التى صارت جزءا من التشريعات الداخلية .

وقال المهندس محمد الأشقر رئيس الجمعية الشعبية لحماية المواطن من الجباية والفساد ، أن الفساد تنامى فى مجتمعنا لدرجة لو فكرت معها الحكومة فى تصديره لربحت الكثير ،

وأضاف الأشقر : أن النظام يحكم منذ 25 سنة بمفهوم البلطجة ولا أتصور أن يمنح ضحاياه فرصة إستعادة حقوقهم ، ولم يأت تزاوج السلطة بالثروة إعتباطا بل قصد به مزاولة البلطجة على الشعب بإستنزاف أمواله وضمان إستمرار تعذيبه . وإتفق الأشقر مع القول بإستحالة القضاء على الفساد عبر سلطة تشريعية تفصل القوانين على يد رجل جاء إلى البرلمان بالتزوير وبدعم المؤسسة الأمنية ، أو عبر برلمان خلع عباءته الرقابية ليؤيد برنامج الرئيس ويؤكد أنه جاء لتنفيذه لا للرقابة عليه بوصفه رئيس السلطة التنفيذية ، مشيرا إلى حاجة البلاد إلى تشريع لمواجهة إنحرافات ترزية التشريعات والقوانين .

وإتهم الأشقر النظام بالتحكم فى مسارات قضايا بعينها، لافتا إلى ضرورة خضوع الأجهزة الرقابية ذاتها للرقابة -الشعبية تحديدا- ، وذكر الأشقر أن تجرته مع الرقابة الأدارية تؤكد ذلك ،فحين أستبعدت الجهة الأدارية ستة من الأعضاء المؤسسين لجمعيته أكد له جهاز الرقابة الأدارية الذى لجأ إليه إستحالة فعله لشىء أمام إرادة أجهزة الأمن ..!!

وإنتقد الأشقر بعض القوى والحركات السياسية-دون تسميتها- لخطورة إعتقادها بأن المظاهرات فقط هى التى ستغير الشعب المصرى ، داعيا إلى تقويم العمل الجماعى وتنظيمه ميدانيا وبدقة لمواجهة الفساد وقواه وتصعيد الوقف ضده تدريجيا وصولا إلى مرحلة العصيان المدنى ثم الثورة الشعبية للأطاحة بالفساد ورموزه وقواه .

وقال أيمن عقيل-مدير المركز- أن تزاوج السلطة والثروة وإقتحام رجال الأعمال للحكومة والبرلمان يزيد الشبهات فى حماية هؤلاء للمال العام ويدعم القول بترجيح مصالحهم الشخصية على مصلحة الشعب ،لافتا إلى خروج تشريعات بعينها من البرلمان لحماية وإنقاذ كبار الفاسدين من المتهمين فى قضايا هزت الرأى العام .

وأشار عقيل ‘لى صعود مصر إلى الرتبة 72 فى تقرير الشفافية الدولية ضمن القائمة السوداء للدول المنتشر بها الفساد رغم تصديق الحكومة على إتفاقية دولية لمكافحته ، وخطورة استمرار تنامى مظاهر الفساد وتعاظم دور الغطاء التشريعى له بما يسلب الشعب حقه فى إدارة ممتلكاته ويحرمه حقه فى محاكمة من يسرقونه .