18/1/2007
أصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة تونس الابتدائية يوم 18 جانفي 2007 برئاسة عبد الرزاق بن منا في القضيّة عدد 11686/2 حكمها ضد ثلاثة متهمين بارتكاب جرائم إرهابية قضى حضوريا في حق زياد الغضبان (26 سنة، طالب) بالسجن مدة 11 عاما وغيابيّا في حق كلّ من كريم المسوسي (26 سنة) وشعيب الوافي (21 سنة) بالسجن مدة عامين مع إخضاعهم للمراقبة الإدارية لمدة عشرة أعوام وجميعهم كانوا قد أوقفوا منذ جوان 2005.
وقد أنكر المتهم زياد الغضبان أثناء استنطاقه خلال الجلسة ما نسب إليه من “الانضمام إلى تنظيم إرهابي وتلقّي تدريبات بالخارج والدعوة إلى الانضمام إلى تنظيم إرهابي”. وبرّر تحوّله إلى الجزائر بسعيه لمواصلة دراسته الجامعية. كما أوضح المحامون النائبون بطلان محاضر سماعه بعد ثبوت تعرضه للتعذيب الوحشي الذي خلّف له آثارا واضحة بركبتيه تمثلت في جروح وتقيّح طالب المحامون بمعاينتها في طور التحقيق إلاّ أنّ حاكم التحقيق المتعهد رفض آنذاك القيام بما توجبه عليه المادة 14 من مجلة الإجراءات الجزائية بمعاينة الأمر وإعلام النيابة العمومية به.
وكان زياد الغضبان قد روى لمحاميه الأستاذ عبد الرؤوف العيادي في سجن إيقافه في جوان 2005 ما مارسه عليه من تعذيب أعوان فرقة أمن الدولة بالمبنى المحاذي لوزارة الداخليّة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، إذ تمّ حرمانه من النوم طيلة ليلة كاملة، ثم تمّ تعريته تماما من لباسه وعلّق بآلة البلانكو (وهي آلة يستعملها عادة المكانيكيون في رفع محركات السيارات) من سياقه وجعل وعاء من البلاستيك به ماء بعد أن أذيب فيه قرص كتب عليه don’t use in USA، وتولّى الأعوان المباشرون للتعذيب تغطيس رأسه من فينة إلى أخرى في ذلك الوعاء إلى أن يشعر بالاختناق. كما تم صعقه عدّة مرات بشحنات من الكهرباء في مواقع حساسة من بدنه.
وأضاف كذلك أنّ الموظفين المباشرين للتعذيب كانوا يتنادون بأسماء مستعارة مثل “فيلة” و”الشمقمق” و”الحاج” علما وأنّ من أشرف على استنطاقه يدعى رفيق الخياري حسبما جاء بمحضر سماعه المحرّر في 17 /06/2006.
ويوم التحقيق الموافق لـ25 جوان 2005 رفض عميد قضاة التحقيق “عمر منصور” طلب معاينة آثار الجروح والتقيّح الموجدة على جسد المتهم ورفض إعلام النيابة العموميّة لتتبع مقترفي جريمة التعذيب. وفي مقابل ذلك رفض محامياه الإمضاء على محضر الاستنطاق وانسحبا من المكتب دون إمضاء المحضر كما لم يمض المتهم زياد الغضبان على محضر الاستنطاق وهو الأمر المنصوص عليه في محضر استنطاقه. (أنظر بيان المجلس الوطني للحريات في 29 جوان 2005).
والمجلس الوطني للحريات يسجّل غياب كافة شروط المحاكمة العادلة لوجود عديد المخالفات وهي :
- تزييف وقائع التحقيق : فقد تضمّن قرار الإحالة الصادر عن دائرة الاتهام أنّ المتهم زياد الغضبان صادق على ما سبق أن صدر منه من تصريحات لدى بوليس أمن الدولة وهو أمر مخالف لحقيقة ما هو مثبت بملف القضية إذ لم يتمّ سماع المتهم لدى التحقيق في خصوص التهم المنسوبة إليه بعد رفضه الإمضاء على محاضر سماعه وكذلك امتناع المحامين الذين حضرا جلسة الاستنطاق عن إمضاء المحضر المذكور.
- لم تستجب المحكمة لطلب الدفاع عرض زياد الغضبان على الفحص الطبّي كما عمدت المحكمة إلى مقاطعة الدفاع أثناء ترافعه محاولة منها لتوجيه المرافعات وعدم السماح له بعرض دفوعاته في خصوص الانتهاكات الخطيرة التي شابت الإجراءات وكذلك عدم دستورية قانون الإحالة الذي جاء مخالفا لعدة اتفاقيات صادقت عليها الدولة التونسية.
- أصدرت المحكمة حكما غيابيا في حق المتهمين كريم المسوسي وشعيب الوافي دون وجود إنابة لمحام بالنسبة إلى الحالتين المذكورتين بما يعدّ مخالفة لأحكام الفصل 141 من قانون الإجراءات الجزائي الذي يوجب إنابة المحامي في المادة الجنائية.
ويعتبر المجلس أنّ الحكم الذي صدر في حق زياد الغضبان قد قام بتزكية جريمة تعذيب وهو ما يجعل الحكم باطلا لجميع الأسباب المذكورة.
الناطقة الرسمية
سهام بن سدرين