11/3/2007

للمرة الثانية في أيام قليلة يتدخل رئيس الجمهورية لإلغاء قرارات وزير العدل ، الأول كان بتحمل تكلفة علاج (المنزلاوي) القاضي بمجلس الدولة بالخارج ، بعد امتناع الوزير عن تنفيذ حكم قضائي نهائي صادر من مجلس الدولة بذلك، والثاني بإلغاء قرار إحالة القاضي حمدي وفيق عضو مجلس إدارة نادي القضاة إلى لجنة صلاحية كانت ستنظر في أمره بدءا من 17 مارس ، بتهمة إهانة رئيس الجمهورية ، و يبدو أن هذا الاتهام سيكون الرئيسي الذي سوف يستخدمه رجال السلطة التنفيذية مع معارضيهم في الفترة القادمة ، وهو ما سبق أن حدث مع الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور الذي أحيل للمحاكمة بنفس الاتهام وصدر حكم قضائي عليه بالغرامة بناء على هذه الاتهام ، كما حدث مع المدون عبد الكريم سليمان بعد إصدار محكمة جنح محرم بك حكمها عليه بالحبس لمدة 4 سنوات بتهمة ازدراء الأديان وإهانة الرئيس .

وترجع خلفيات المسألة إلى قيام وزير العدل بإحالة القاضي حمدي وفيق بمحكمة دمياط وعضو مجلس إدارة نادي القضاة لمجلس صلاحية في الدعوى رقم 29 لسنة 2007 ، بناء على مذكرة قدمها أحدى القضاة إلى المستشار حسني القرماني رئيس محكمة دمياط تتضمن اتهاماته لوفيق (بأنه دخل غرفة المداولة ونهره لوجود صورة للرئيس مبارك على الحائط ،واتهمه أيضا بسب الرئيس وأهانته طبقا لمذكرة الاتهام)حسب المنشور في صحيفة المصري اليوم في عددها الصادر 11*3/2006 ، بينما يشير (وفيق) بأن هذه الخطوة جاءت بسبب قيامه بجمع توقيعات القضاة بالمحكمة على موافقتهم بخصم مبلغ 20 جنيه شهريا من مرتباتهم لدعم نشاط نادي القضاة تنفيذا لقرار جمعيته العمومية ، وحتى لو صح الجزء الخاص بتعليق صورة الرئيس في غرفة المداولة ، فهو لا يعد سوى رأيا ـ قابل للمناقشة الموضوعية ـ للقاضي ، باعتبار أن وجود صورة الرئيس في غرف المداولة يمثل ضمنيا اعترافا بتبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية (وهو ما يظهر في حال وجود دعوى مرفوعة من أي مواطن ضد رئيس الجمهورية ، والتي تمتلئ المحاكم بالالاف منها ، وسيشعر أي مواطن بالتأكيد بأنه القاضي لن ينصفه لأنه يتبع سلطة رئيس الجمهورية بسبب أنه يعلق صورة خصمه في الدعوى).

وكتب الفقه الإسلامي وعصر الخلفاء الراشدين مليئة بهذه التصرفات التي تؤكد حيادية القضاة والمساواة بين أطراف الدعوى .

في هذا السياق تطالب المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان السيد المستشار وزير العدل بالتوقف عن النهج الصدامي الذي يتبعه ضد نادي القضاة ، حيث لم يكن هذا الإجراء سوى خطوة ضمن خطوات سابقة أخرى قام بها المستشار ممدوح مرعي وزير العدل ضد القضاة وناديهم ، بدءا من رفضه لعقد أي اجتماعات مع مجلس إدارة النادي استمرارا بمنع أي دعم مالي أو عيني عن النادي ، وتشكيل لجان موازية داخل المحاكم لتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية كبديل عن نادي القضاة وهو مؤسسة منتخبة تضم آلاف القضاة ، بالإضافة إلى عدم تنفيذ حكم قضائي يلزم وزارة العدل بعلاج قاضي بمجلس الدولة على نفقة الدولة في الخارج. أنتهاء بإهانة القضاة في مجلس الشورى.

وتأتي كل هذه الخطوات السابقة بسبب معارضة القضاة لسياسات وزير العدل منذ أن كان رئيسا للجنة الانتخابات الرئاسية. كما يذكرنا هذا الإجراء بالأجواء السلبية التي سادت الحياة السياسية والمدنية بعد إحالة القاضيين هشام البسطاويسي ومحمود مكي إلى لجنة تأديب بسبب حديثهم عن تزوير الانتخابات التشريعية ، وقيامهم بالحديث عن قائمة سوداء للقضاة ، والذي شهدت معه القاهرة عشرات من الاعتصامات والتظاهرات التي قام بها المواطنين تعبيرا عن تضامنهم مع دعوات القضاة بالاستقلال .

وتأتي تلك الخطوة أيضا في ظل العبث الدستوري بالمادة 88 من الدستور التي تؤكد على الإشراف القضائي على الانتخابات ، ليتم الإطاحة بها لصالح لجنة معينة تتولى هذه الوظيفة الأمر الذي سوف يلصق العوار والتلاعب الحكومي بأي انتخابات قادمة.

وتدعو المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان وزير العدل إلى التعاون مع نادي القضاة بإعتباره أحد مؤسسات المجتمع المدني المعبرة عن أراء القضاة ومواقفهم ، بما يؤدي إلى تحقيق مصالح القضاة واستقلال السلطة القضائية .