2/5/2007
كل يوم تكشف الرقابة على تداول المبيدات قضية تتعلق بإنتاج مبيدات مغشوشة أو استخدام مبيدات محظورة تؤدى لانتهاك أمان الغذاء والصحة العامة للمواطنين وكان أخرها ما تم اكتشافه بمدينة بدر بوجود مائة طن مبيدات زراعية مغشوشة ومصنعه من مواد مجهولة المصدر ومحظورة ومن نفايات خطرة ضارة بالصحة موجودة بـ 9 مخازن ومعده للتوزيع على المزارعين لاستخدامها فى الزراعات كما تؤكد تقارير مختلفة بانتشار مصانع غير مرخص لها بإنتاج المبيدات خاصة بمحافظة البحيرة والفيوم .وترجع أهمية ترشيد استخدام المبيدات باعتبارها المنتج الأساسي للشعوب الذى يشكل فيما يسمى بالأمان الحيوى لهم وذلك يعنى أنها تمس بشكل مباشر او غير مباشر صميم حياة كل فرد لانها تدخل فى طعامه وشرابه وصحته .
والجدير بالذكر ان أسباب تفشى هذه الظاهرة يعود الى تضارب وإهمال سياسيات وزارة الزراعة بشان تداول وصناعة وتوزيع المبيدات حيث لا توجد معايير واضحة بحظر استخدام المبيدات طبقاً للمواصفات التى توصى بها منظمات الفاو والصحة العالمية فتصريحات المسئولين تؤكد على أنها سوف تقوم بحظر استخدام المبيدات المحظورة بأسواق الاتحاد الأوروبي وأمريكا دون ان تحدد معايير هذا الحظر حيث ان المواطنين وخلال العشر سنوات الفائتة تناولوا غذاء غير صحى لاحتوائه على 167 مبيد محظور دوليا إلى أن جاء وزير الزراعة السابق “الليثى” وحظر استخدام هذه الأنواع ثم فوجئنا بقرار أخر منذ حوالى شهر بحظر استخدام 64 نوع جديد من المبيدات المحرمة دولياً وان عدد المبيدات المحظور استخدامها يبلغ 371 نوع ممنوع استخدامها ومحرم دخولها أسواق أمريكا والاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة والشئ الغريب انه على الرغم من حظر استخدام هذه المبيدات والانواع إلا أن استهلاكنا من المبيدات قد زاد من 4-5 آلاف طن سنويا أعوام 2005 وما قبلها إلى 11 ألف طن فى عام 2006 رغم كل ما أثير من حملات لوقف استخدام المبيدات المغشوشة ومنتهية الصلاحية فى عملية الزراعة وعلى الرغم من تناقص واهدار جزء من أراضينا الزراعية !! ومن ناحية أخرى فان غياب دور الدولة فى الرقابة والإشراف أدى أيضاً إلى تزايد ما يسمى بالمبيدات المغشوشة ومنتهية الصلاحية والمحظورة فى الأسواق كما ان سياسيات السوق الحرة والاتجار بصحة وحياة المواطنين أدت إلى احتكار 7 شركات فى سوق وتجارة المبيدات فى مصر وساعد ذلك على تفشى الفساد والغش وارتفاع أسعارها وارتفاع نسبة استهلاكها حيث تستهلك مصر وحدها من المبيدات اكثر مما تستهلكه منطقة الشرق الأوسط بالكامل دون مبرر مفهوم باستغلال جهل الفلاحين بهذه المواد الكيماوية ومخاطرها الأمر الذى يزيد حجم الاستيراد الذى لا يقل حتى الآن عن 3 مليار جنية سنوياً وفى ظل وضع مأسوي للمزارعين وإهمال حكومى بغياب الإرشاد الزراعى والتنظيمات الفلاحية والجمعيات التعاونية مما يجعل الفلاح مضطر لقبول الاستخدام غير الرشيد لاى نوعية للمبيدات بصرف النظر عن كميتها او درجة سلامتها وامانها.
والشئ الذى يؤكد تضارب وإهمال سياسيات وزارة الزراعة ايضاً وتجاهلها معالجة المشكلة ان مبررات فشلها كما يراها المسئولين بوزارة الزراعة تعود الى عدم الاستخدام الآمن للمبيدات من جانب الفلاحين بالرغم من إهمالها المتواصل بعدم توفير المعلومات والإرشاد الزراعى بالجمعيات الزراعية كما يجب ان يتم تدريب المزارعين وعمال الرش على الطرق السليمة لرش المبيدات وجودتها وكميتها وتوقيت رشها وطرق التخلص الآمن من العبوات وتوعيتهم باشتراطات الاستخدام الأمثل للمبيد الزراعى. كما يجب تغليظ العقوبات ضد من يقومون بإنتاج وتداول وبيع مبيدات مغشوشة أو محظورة لتسميم المواطنين . هذا ومن الجدير بالذكر أن جوانب المشكلة تعود الى قيام الدولة بعد تبنيها سياسات السوق الحرة باستيراد التقاوى والمبيدات التى لا تتلاءم مع بيئتنا المحلية فأنتجت حشرات جديدة وأحدثت إخلال فى النظام البيئى وطرق المقاومة والمركز يؤكد على ضرورة قيام مراكز البحوث الزراعية والمزارعين بإنتاج الشتلات الطبيعية وتفعيل دور مراكز بحوث التقاوى ووقف تشغيلها لصالح المستوردين .كما انه فى ظل سياسات الربح والخسارة فان المبيدات الرديئة هى التى تدخل السوق المصرية لرخص أسعارها فهناك مبيدات عالمية تنتهى فاعلية موادها السامة بمجرد تعرضها للضوء أو الشمس أو ذوبانها فى الماء ولكن هذه الأنواع لا تنتشر فى مصر .
كما تعود جوانب المشكلة أيضاً إلى احتكار شركات دولية متعددة الجنسية لاسواق المبيدات وعدم تطبيق اتفاقية حقوق الملكية الفكرية مما يؤدى ذلك بضرورة قيام الدولة بتحمل مسئوليتها لحماية أسواقنا من البذور والمبيدات المغشوشة والغير ملائمة لبيئتنا المحلية ووضع معايير تخص زراعتنا المصرية مع وقف الاتجار فى صحة وغذاء المواطنين ، ويعتبر المركز بان المبيدات الزراعية يجب معاملتها مثل الادوية العلاجية والتى تشترط وزارة الصحة وضع نشرة طبية داخل كل علبة تحتوى على كل المعلومات اللازمة عن الاستخدام والمخاطر وتاريخ الإنتاج والصلاحية … الخ . لذلك يجب تدوين على علبة المبيد الاسم والمادة الفعالة ونسبتها والمواد الخاملة ونسبتها والشركة المستوردة والشركة المنتجة واسم الآفة التي سيتم مكافحتها والمحصول وحجم الجرعة ومعدل الاستخدام وطريقة الرش وتوقيته وتاريخ الإنتاج والصلاحية ورقم التسجيل المحلي والمحاذير من الاستخدام وطرق الوقاية عند حدوث ضرر بشري وكذلك تحديد فترة ما قبل الحصاد وهي الفترة التي يجب أن تمر من تاريخ آخر رشة حتي جمع المحصول وطرحه في السوق وهي فترة تدور حول10 أيام وأسبوعين .
ويندهش المركز من اعتراف جهات رسمية بالمشكلة وخطورتها ومع ذلك مازالت الأجهزة الحكومية متخبطة فى قراراتها تبرر المشكلة بعدم وعى المواطنين او تدعى بأنها تلتزم بالمعايير الدولية بعد إنشاءها لجنة للمبيدات بوزارة الزراعة متجاهلة النتائج التى توصل لها تقرير صادر من لجنة الشئون الصحية والبيئة بمجلس الشعب فى مطلع عام 2007 عن التأثير الصحي السلبى لاستخدام مبيدات الآفات الزراعية جاء فيه أنه خلال العقود الأخيرة صار استخدام المبيدات في تزايد مستمر وأن خطر المبيدات لم يعد يقتصر علي استخدامها لرش الفواكه والخضراوات فقط ولكن الأمر امتد إلي كل ما يخرج من باطن الأرض حتي القطن والأخشاب وصارت بعض المنتجات من الملابس والأثاث التي تصدر إلي الخارج يتم رفضها لزيادة نسبة المبيدات بها كما يؤثر ذلك على تردى الأوضاع الصحية للمواطنين .وأشار التقرير إلي أن الاستخدامات غير السليمة للمبيدات أدت إلي ظهور عديد من المشاكل والأضرار الصحية والبيئية ، مثل تراكم متبقيات المبيدات بالأغذية والمحاصيل الزراعية والأعلاف وظهور موجات وبائية من الآفات بالإضافة إلي التلوث البيئي بالمبيدات ومتبقياتها وتواجدها بمستويات مختلفة بكل من التربة والماء والهواء والكائنات الحية. كما تجاهلت وزارة الزراعة نتائج تقرير رسمى أخر صادر عن المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا خلال عام 2007 بسبب المشكلات التي تواجه التنمية الزراعية وصحة المواطن المصري حيث تشير الأرقام إلي أن الاستخدام العشوائي للمبيدات في رش الزراعات أدي إلي تفشي الأمراض المختلفة والأوبئة وفي مقدمتها الفشل الكلوي والكبدي والسرطان وغيرها من الأمراض المختلفة بل ووصل مقدار الخسائر الاقتصادية الناتجة عن التلوث بالمبيدات إلى حوالي مليار دولار بما يوازي ناتج مساحة تزيد علي 4.2 مليون فدان وأكد التقرير على ان المبيدات المغشوشة تتسبب في وجود عشرات الملايين من الأطنان السامة في مياه النيل التي تتفاعل مع المياه وتكون أكثر من 168 مادة كيميائية سامة تسبب الفشل الكلوي والكبدي خاصة تلك المياه التي تم تنقيتها بالكلور والذي يتفاعل مع مكونات المبيدات الزراعية والحشرية مكوناً تراكمات من المواد الكبريتية والصوديوم ذات تأثير سيئ علي صحة المواطنين .
ورغم وجود جهات رقابية عديدة على المبيدات تتمثل في: قسم الرقابة علي المبيدات بالمعمل المركزي للمبيدات، وأقسام الرقابة علي المبيدات بمديريات الزراعة بالمحافظات ، وشرطة المسطحات ، والبيئة ، وأجهزة الرقابة بوزارة البيئة ، لكن وحتى الآن مازالت المشكلة فى تزايد مستمر ولا توجد رؤية لإيجاد حلولاً لها ولا توجد عقوبة رادعة ضد منتجى ومروجى المبيدات المحظورة والمغشوشة ومنتهية الصلاحية خاصة في حالة تعمد سوء الاستخدام وتغليب الربح على حساب صحة وحياة المواطنين !!! ومن جانب أخر فان الأضرار التى تنتج عن استخدام مبيدات مغشوشة ومحظورة ومنتهية الصلاحية يسفر عن خسارة للاقتصاد المصرى وأن الأضرار تصل الى إصابة واحد من كل 24حالة عجز جسدى وواحد من كل 17 حالة وفاة يسببها تلوث البيئة بالمبيدات . ولا تتمثل خطورة المبيد فقط بتناوله عن طريق الفم ولكن يمكن أن يمتص من خلال الجلد والعين والرئتين وترتبط خطورة المبيد باختلاف صورة المستحضر وتزداد خطورته مع تركيز المادة الفعالةlبما يجعل تأثيره الخطر يمتد إلى كل العاملين فى هذا المجال والزراعة فى مصر .ومما لا شك فيه أن استخدام المبيد بجرعة أكبر من الموصى بها أو المغشوشة أو المحظور تؤدى إلى زيادة مستوى المتبقى منه فى وقت الحصاد عن الحدود المسموح بها كما أن عدم مراعاة فترة الأمان يؤدى إلى زيادة مستوى المتبقى من المبيد وقت الحصاد مما يشكل خطورة على صحة المواطنين . وتتمثل الخطورة الكبرى في إنتاج الصوبات الزراعية بسبب زيادة نسبة بقاء المبيدات في المحصول نتيجة استخدام المبيدات بكميات كبيرة، لذا لابد أن تكون هناك فترة كافية بين الرش والجمع تحسب خلال الفترة التي يحتاجها النبات لامتصاص المبيد وطرده من خلاياه وخاصة المركبات الفسفورية.
كما تشير تقارير رسمية إلى أن مخاطر استخدام مبيدات الآفات الزراعية فى مصر يؤدى إلى ظهور عديد من الأضرار الصحية ، مثل تراكم متبقيات المبيدات بالأغذية والمحاصيل الزراعية والأعلاف وظهور موجات وبائية من الآفات بالإضافة إلي التلوث البيئي بالمبيدات ومتبقياتها وتواجدها بمستويات مختلفة بكل من التربة والماء والهواء والكائنات الحية وتفشى الأمراض المختلفة والأوبئة وتدهور خصوبة التربة نتيجة الحقن بكميات عالية من المبيدات مما يؤثر على أعداد الكائنات الحيوية النافعة والمضادة تصل إلى حد الإبادة التامة وتلوث التربة الزراعية ببقايا المبيدات كما أن التأثير السلبى للمبيدات على البيئة يشير إلي أن البيئة مسئولة بنسبة20% عن مرض السرطان . كما تؤثر على الجانب الوراثى للخلية وتشوه الأجنة وتزايد حالات الإجهاض ، ويعد تدهور السلالات النباتية السريع حصاد للزراعات الكيمائية والآثار على وراثة الخلية وتؤدى لتلويث المياه السطحية لنهر النيل والبحار بالمبيدات نتيجة الرش أو من خلال الرشح خلال التربة . وتضعف مناعة الإنسان وتضخم الطحال وتصيب الإنسان بالفشل الكلوى والكبد الوبائى باعتبار “الكبد مخزن السموم”
والمركز إذ يتقدم بهذه الرسالة وشكاوى بعض المواطنين والمزارعين للسيد رئيس الوزراء ورئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة للعمل على إصدار برنامج وقانون لترشيد استخدام المبيدات يبنى على معايير واضحة للمبيد الآمن يتلاءم مع بيئتنا المصرية ويراعى اشتراطات الاستخدام والمواصفات القياسية والتى توصى بها المنظمات الدولية وعلى الأخص الفاو والصحة العالمية ويوقف الاستثمار الخفى لتجارة وغش وتداول المبيدات المغشوشة ومنتهية الصلاحية والمحظورة ويدعم المقاومة الحيوية للآفات ويرشد استخدام المبيدات عن طريق توعية وارشاد المزارعين بطرق وكميات ووقت استخدام المبيد الآمن ويغلظ العقوبة لمنتجين ومستوردين وتجار المبيدات المغشوشة او منتهية الصلاحية أو المحظورة مع التعويض والعلاج المجانى لمرضى الفشل الكلوى والكبد الوبائى عن الأضرار التى لحقت بهم جراء سياسيات الحكومة والتى ادت لتناولهم غذاء غير آمن أدى إلى إصابتهم بهذه الأمراض والسماح للمزارعين بتنظيم روابطهم وجمعيتهم للدفاع عن مصالحهم وتلبية احتياجاتهم وادارة مواردهم الاقتصادية وتحسين أوضاعهم بحيث يكفل لهم المستوى المعيشى اللائق والكريم ويضمن لبلادنا مستقبل افضل اكثر عدلاً وإنسانية .
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Websitewww.Lchr-eg.org