27/5/2008

عقد مركز الأرض لحقوق الإنسان بمقره يوم الخميس الموافق 22/5/2008 بالاشتراك مع مركز معلومات البنك حلقة نقاشية حول ” المؤسسات المالية ودور المجتمع المدنى فى بناء عالم افضل ” فى محاولة من جانب المركزين للإجابة على التساؤلات التالية: ما هي المؤسسات المالية الدولية ؟، وكيف تعمل هذه الهيئات؟، وما هي الهيئات النشطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟، وما هي الهيئات النشطة في مصر؟، وما هي طبيعة نشاطها؟، وكيف تؤثر على حياتنا اليومية؟، وكيف ستطيع منظمات المجتمع المدني التأثير على هذه المؤسسات أو الحد من الآثار السلبية لبعض برامجها؟

ويهدف المركزين من هذه الحلقة النقاشية الى التشاور مع المنظمات المشاركة والبحث عن وسائل وأليات مختلفة لتفعيل دور منظمات المجتمع المدنى لتتمكين من القيام بأنشطة وفاعليات من شأنها وقف التأثيرات السلبية لسياسات المؤسسات المالية الدولية وذلك من أجل بناء عالم افضل اكثر عدلاً وانسانية .

و قد حضر اللقاء 40 مشارك من المنظمات الأهلية و الصحفيين و نشطاء مركز الأرض في الريف من محافظات مختلفة.

حيث بدأ النقاش بكلمة افتتاحية من الدكتور أسامة بدير مستشار المركز أكد فيها على أن العالم قد شهد خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين تطورات اقتصادية كبيرة تمثلت في تأسيس منظمة التجارة العالمية، وإلغاء التعريفات الجمركية، وفرض نظام موحد لمعايير الجودة الشاملة، والنظم المصرفية، وإزالة أى عوائق لسيطرة رأس المال الدولى بمختلف صوره وأشكاله على مقدرات غالبية دول العالم، مما أدى إلى سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على النشاط الاقتصادى الدولى، وفرض تطبيق برامج التكيف الهيكلى على العديد من دول العالم تحت مسمى سياسات الاصلاح الاقتصادى، وتزامن ذلك مع ثورة علمية وتكنولوجية هائلة خاصة في مجال المعلومات والاتصالات، مؤكداً على أن ذلك كله أدى إلى تغيرات جذرية فى الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية فى مختلف دول العالم قادت بدورها إلى ظهور نظام دولى جديد أحادي القطبية، سيطرت فيه الولايات المتحدة الأمريكية على العالم ومقدراته.

وأوضح الدكتور أسامة أن انعكاسات هذه التغيرات كانت أشد وضوحاً على دول العالم النامى ولاسيما المناطق الريفية منها، والتي يعيش فيها نحو 2.7 مليار نسمة ، يعانى غالبيتهم من مشكلات اجتماعية واقتصادية وبيئية خطيرة، أدت إلـى تدنى أحوالهم المعيشيـة. وأضاف أن المؤسسات المالية الدولية التى لها نشاط فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمجموعة البنك الدولى ( البنك الدولى للإنشاء والتعميرـ المؤسسة الدولية للتنميةـ مؤسسة التمويل الدوليةـ الوكالة الدولية لضمان الاستثمار)، وبنك الاستثمار الاوربى، وبنك التنمية الافريقى، وبنك التنمية الاسلامى، وصندوق النقد الدولى لم تكن كل هذه المؤسسات المالية الدولية بمعزل عما يحدث لبلدان العالم كله وخاصة فى المنطقة (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) من هذه التأثيرات السلبية على حياه شعوبها، بل والمؤكد أنها تتحمل قدر كبير من المسؤليه الأخلاقية التى أصبحت الأن لا قيمة لها فى ظل عالم تحكمه لغة المصالح والبزنسس بغض النظر عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحتى السياسية التى كفلتها كافة الأعراف والمواثيق الدولية.

ومن هنا شدد الدكتور أسامة بدير على أنه لابد لمنظمات المجتمع المدنى على اعتبار أنها تمثل فئة الطبقة الدنيا لشعوب الدول النامية أن يكون لها دور فاعل ومؤثر فى تلك المؤسسات المالية الدولية ، وأكد أنه لكى يمكن الاستفادة من دور تلك المنظمات يجب العمل على تمكينها من تحقيق اهدافها فى التفاعل والتنسيق مع المؤسسات المالية الدولية من خلال انشطتها المختلفة لتحقيق رسالتها فى تحسين أوضاع المجتمع وتلافى الاثار السلبية التي قد تتسبب فيها تطبيق بعض برامج هذه المؤسسات.

واختتم الدكتور أسامة كلمته بالتأكيد على أن مصر لم تكن بعيدة عن هذه التأثيرات حيث شهد عقدا الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين سياسة إصلاح مسار اقتصادها، وإعادة هيكلته تمشياً مع الاتجاه العالمي لتحرير الاقتصاد والتجارة. معتمدة فى ذلك على مصادر التمويل من المؤسسات المالية الدولية وبالشروط التى تضعها مما كان له آثار سلبية جمة على حياة الناس كنتيجة حتمية لعدم مشاركتهم فى صنع القرار، وربما تعمد ذلك عن قصد من الحكومة الأمر الذى أدى إلى زيادة معدلات الفقر، وعدم العادلة فى توزيع عوائد التنمية.

وفى السياق ذاته تحدثت إيمان عقداوى مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من مركز معلومات البنك حيث بدأت حديثها بإعطاء نبذة عن مركز معلومات البنك وقالت: ما هو مركز معلومات البنك؟

مركز معلومات البنك هو هيئة مستقلة، غير هادفة للربح وغير حكومية، تعمل من أجل حماية الحقوق ودعم قيم المشاركة والشفافية والمساءلة العامة في إدارة وعمل المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية وصندوق النقد الدولي وغيرها. يتعاون المركز مع منظمات المجتمع المدني في البلدان النامية والإنتقالية للتأثيرعلى سياسات وأساليب إتخاذ القرار في البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى من أجل دعم العدالة الإجتماعية والإقتصادية والبيئة.

ونظراً للدور المركزى الذي تلعبه المؤسسات المالية الدولية في التأثير على الخطاب حول التنمية وتوجيه الإستثمارات فإن المركز يسعى إلى دعم صوت وأنشطة حركات القاعدة الشعبية من أجل ضمان تأثير أكبر للشعوب على قرارات التنمية التي تؤثر عليهم وعلى بيئتهم، وكذلك من أجل الوصول إلى بدائل مستدامة للعمليات التي تمولها المؤسسات المالية الدولية.

ثم ألقت إيمان الضوء على التعريف بالمؤسسات المالية الدولية وقالت: أنها عبارة عن مؤسسات تعمل فى مجال الاستثمار العام والتنمية وهى مملوكة للدول الاعضاء بها، وتعمل على توفير التمويل، والمعونة الفنية والمشورة فى مجال السياسات والابحاث وغيرها من أشكال الدعم غير المالى للحكومات فى الدول النامية والانتقالية، كما يعمل عدد ليس بالقليل من المؤسسات المالية الدولية على توفير التمويل للشركات العاملة فى مجال الاستثمار بالعالم النامى، وأكدت على أن البنك الدولى يعتبر أسماً معروفاً لدى الكثير من المنظمات مقارنة بغيره من المؤسسات المالية الدولية الاخرى، حيث أنة أقدم بنك دولى عام انشىء فى سنة 1944 أثناء انعقاد مؤتمر بريتون وودز فى الولايات المتحدة الامريكية بهدف إعادة بناء أوربا فى أعقاب الحرب العالمية الثانية. أما فى الوقت الحاضر فتعد الرسالة الأساسية للبنك هى محاربة الفقر، وتشجيع النمو الاقتصادى والتنمية. وتشترك حكومات 185 دولة فى ملكية مجموعة البنك الدولى وهم فى نفس الوقت الدول الأعضاء فى المجموعة حيث تمتلك كل دولة حصة من أسهم البنك بنسبة حجم اقتصاد كل منها، ولذلك تحدد حصة أسهم كل دولة فى البنك وزن صوتها فى مجلس البنك، وتدار مجموعة البنك بواسطة مجلس الإدارة الذى يضم 24 عضواً يتولى مسؤلية اتخاذ القرارات اليومية المتعلقة بتنفيذ التمويل والسياسات مع العلم بأن كل عضو من الاعضاء يمثل حكومة أو أكثر من حكومات الاعضاء، ويعتمد حق التمثيل فى مجلس الإدارة على حصة الدولة فى البنك، ولذلك فإن الدول الثمانية صاحبة أكبر الاقتصاديات حجماً ومن بينها السعودية يمثلها فى المجلس مدير تنفيذى فى حين باقى الدول وعددها 177 تشترك فى عدد المقاعد الباقية فى المجلس وهى 16 مقعد، وفى المجمل تمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 8.5% من إجمالى سلطات التصويت فى البنك الدولى.

ولفتت إيمان الأنظار إلى أنه يحق للناس المشاركة فى اتخاذ القرارات المتعلقة بالتنمية خاصة تلك القرارات التى تؤثر على حياتهم ومستوى معيشتهم والبيئة التى يعيشون فيها.

ثم طرحت أيمان عقداوى سؤلاً: لماذا يجب على هيئات المجتمع المدني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تهتم بمناقشة دور المؤسسات المالية الدولية بطريقة أكثر فاعلية؟

وفى معرض إجابتها على هذا التساؤل أكدت على أن حجم القروض التي تمنحها المؤسسات المالية الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد زاد خلال الأعوام القليلة الماضية بطريقة لافتة للنظر. فقد إرتفعت إستثمارات البنك الدولي في المنطقة لتبلغ 1.7 بليون دولار أمريكي عام 2006 بعد أن كانت 2.6 مليون دولار عام 2002. وكانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة التي شهدت أكبر زيادة في حقيبة إستثمارات مؤسسة التمويل الدولية عام 2007حيث بلغت إستثمارات المؤسسة في المنطقة 1.7 بليون دولار عام 2007 وهو ضعف المبلغ الذي إستثمرته المؤسسة في المنطقة عام 2006. كما خصص بنك الإستثمار الأوروبي مبلغ 8.7 بليون يورو للمنطقة للفترة من 2007- 2013 ، وتمثل القروض التي منحها بنك الإستثمار الأوربي للمنطقة خلال السنوات الخمس الأخيرة 40% من إجمالي قيمة القروض التي منحها البنك خارج أوروبا.

وشددت إيمان على أنه قد تكون هناك ثمة نتائج سلبية لعمليات المؤسسات المالية الدولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فالإهداف المعلنة للتمويل الذي تمنحه تلك المؤسسات للمشروعات الإستثمارية والإصلاحات السياسية في المنطقة هي غالباً لمحاربة الفقر وتشجيع التنمية الإقتصادية. إلا أن بعض قروض المؤسسات المالية الدولية في العديد من المناطق في العالم قد تسببت في خسائر بيئية وإجتماعية وإقتصادية كبيرة. كما تسببت بعض هذه القروض في تهجير السكان وهم في الأغلب من الطبقات الفقيرة أو المعدمة من المناطق التي تم تنفيذ المشروعات الممولة فيها. وشكلت بعض المشروعات مخاطر صحية على المواطنين.

وأضافت أن العديد من عمليات المؤسسات المالية الدولية تهدف إلى تشجيع التجارة الحرة والإستثمارات الخاصة في الخدمات والمشروعات الموجهة للتصدير. إلا أن هذه السياسات قد تكون لها أيضاً آثار سلبية على الفقراء وقد تمثل فرصاً للفساد إذا ما لم يتم متابعتها جيدا.

ً وانتقدت إيمان عقداوى دور المجتمع المدني وهيئاته الذى غالباً ما يتم تنفيذ أنشطة المؤسسات المالية الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدون المشاركة الواعية من جانب الناس المتأثرين ، وفي حالات كثيرة بدون مشاركة المشرعين في البلاد التي تقترض من هذه البنوك. وأكدت على أن مشاركة المجتمع المدني بكل منظماته في مرحلة متقدمة وعلى المستويات المختلفة خلال عملية صنع القرار هو أمر حيوي للحد من الآثار السلبية لأي عملية وللإستدلال على خيارات أفضل بشأن مشروعات التنمية والسياسات المتبعة. وعندها يصبح المجتمع المدني أكثر قدرة على وضع الحكومات والمؤسسات المالية الدولية موضع المساءلة في ما يخص القرارات التنموية عندما يكون أكثر دراية بالأمور.

وكشفت إيمان النقاب على حقيقة غاية فى الأهمية ربما قد تكون غائبة عن معظم العاملين فى منظمات المجتمع المدنى وهى: توجد لدى أغلب المؤسسات المالية الدولية هياكل تنظيمية وإجراءات تتيح فرصاً، وإن كانت محدودة الأن، لجماعات المجتمع المدني للإشتراك في المراحل المختلفة في عملية صنع القرار. وقد إستطاعت بعض مؤسسات المجتمع المدني الإستفادة من هذه الفرص وجعلت المؤسسات المالية الدولية تعدل من سياساتها أو تغير من تصميم أو تنفيذ المشروعات أو تتبنى بعض المعايير للحد من الآثار السلبية الإجتماعية والبيئية المحتملة.

وألقت إيمان باللوم على المجتمع المدني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذى مازال متغيباً نسبياً، في الوقت الذي تتعاون فيه العديد من مؤسسات المجتمع المدني مع المؤسسات المالية الدولية، أو تواجهها في بعض مناطق العالم.

واختتم إيمان حديثها بسؤال عن: كيف يستطيع مركز معلومات البنك مساعدة منظمات المجتمع المدني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للقيام بدور الرقيب على مشروعات التنمية التى تتولى تنفيذها الحكومات بتمويل من المؤسسات المالية الدولية ؟

وقالت أن المركز يعتبر مصدراُ رئيسياً للمعلومات والدعم الإستراتيجي لهيئات المجتمع المدني والمجتمعات المتأثرة وحركات القاعدة الشعبية التي تعمل على الحد من الأثار السلبية المترتبة عن العولمة. كما أن موقعنا في واشنطن، وخبرتنا مع المؤسسات المالية الدولية، وشبكة الإتصالات التي نعمل من خلالها، تمكننا من أن نعمل كسفراء في واشنطن لجماعات المجتمع المدني الموجودة في البلدان النامية حتى تتمكن هذه الجماعات من عرض مطالبها لدى المؤسسات المالية الدولية وتحقيق نتائج تنموية أكثر مساواة. كما أن عمل المركز كحلقة وصل بين المجتمع المدني في العديد من مناطق العالم والمؤسسات المالية الدولية يمكنه من توصيل تلك المطالب لإجراء التعديلات المطلوبة في السياسات التي تعمل بها المؤسسات المالية الدولية من أجل علم أكثر عدلاً.

لمزيد من المعلومات رجاء الاتصال بالمركز

تليفون وفاكس / 25750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org