1/12/2007

أجّلت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس للمرة الثانية النظر في قضية ما يسمى “بمجموعة سليمان” وعيّنت الجلسة لتاريخ 15 ديسمبر الجاري.

وقد انعقدت الجلسة في ظروف استثنائية حيث طوّقت مبنى المحكمة والمناطق المؤدية إليه مجموعات كبيرة من مختلف الفرق الأمنيّة، وبالخصوص فرق البوليس السياسي وفرقة التدخل السريع المجهّزة بالسلاح والكلاب المدرّبة.

وقد منع عدد هام من المتقاضين العاديّين بشكل تعسفي من دخول المحكمة وقضاء مصالحهم.

وكانت هذه المحاكمة قد اتخذت منحى استعجاليا منذ انطلاقها في 21 نوفمبر 2007. فحال البت في القضيّة من قبل محكمة التعقيب تم تعيينها من الغد دون تضمين موعدها بدفتر القضايا. ولم يقع إبلاغ بعض المحامين بموعد المحاكمة سوى في صبيحة الجلسة. كما تم تأخير القضيّة لفترة غير كافية أي 9 أيّام في حين يحتوي ملف القضية على أكثر من ألفي صفحة.

1- عدم حياد المحكمة

رُفعت الجلسة بعد مشادة مع هيئة الدفاع التي اصطدمت منذ بداية الجلسة بتسخير مجموعة من المحامين غير المتمرّنين المنتسبين لخليّة الحزب الحاكم (من بينهم عضوة باللجنة المركزية للحزب الحاكم وعضوة من جمعية أمّهات تونس شبه الحكومية) من قبل رئيس المحكمة سيّء الصيت السيد محرز الهمامي. وأثارت هيئة الدفاع بحضور أعضاء هياكل مهنة المحاماة عدم قانونية هذا التسخير ومخالفته لأحكام قانون المحاماة الذي يخوّل لهيئة المحامين وحدها صلوحية التسخير، مطالبين “إحالة الأمر على رئيس فرع تونس الذي يسخّر محاميا لمن ليس له نائب”.

وكان المتهمون بدورهم قد رفضوا إنابة المحامين المسخّرين بالجلسة. لكنّ القاضي محرز الهمامي امتنع عن تسجيل رفضهم. وهو ما أثار ردود فعل بعض المتهمين، فتدخل رئيس المحكمة وطلب من الشرطة إخراج جميعهم، مخالفة منه للإجراءات القانونية التي تنص على إخرج من تولّى التشويش فقط. كما انقضّ عدد من أعوان الأمن السياسي بالزي المدني على العائلات وأخرجوهم من القاعة.

وقد أصرّ رئيس المحكمة على مواصلة المحاكمة وإنابة المسخّرين الذين عيّنهم. وإزاء احتجاج الدفاع وتهديده بالتجريح في هيئة المحكمة رُفعت الجلسة لتنتصب المحكمة من جديد بعد مشاوراتها وتعلن تأجيل المحاكمة.

2- خرق مبدأ علانية الجلسة:

لم يسمح للعديد من أفراد العائلات بدخول قاعة الجلسة ومتابعة أطوارها وفُرض دخول فرد واحد من كل عائلة، بينما اُحتلّت قاعة الجلسة بعناصر البوليس السياسي.

كما لم يسمح لمراقبين الاقتراب من مبنى المحكمة، كما منع الصحافيون من الدخول ما عدا مراسلي وكالات الأنباء الأجنبية. ومنعت رئيسة تحرير مجلة كلمة من حضور المحاكمة بدعوى أنّ “بطاقتها المهنيّة غير معترف بها”.

والمجلس الوطني للحريات:

  • يسجّل أنّ هيئة المحكمة لم تلتزم بالحياد ولم تحترم مبدأ علانية المحاكمة مرتكبة عددا من الخروقات التي تفقد هذه المحاكمة شروط المحاكمة العادلة المطلوب توفّرها بشكل ملحّ خاصّة وأنّ المتهمين مهدّدون بأحكام ثقيلة تصل عقوبتها إلى الإعدام.
  • وبالنظر لوجود شبهة عدم حياد المحكمة يطالب المجلس بسحب القضيّة منها وإحالتها لمحكمة أخرى يتوفّر فيها حد أدنى من الحياد.
  • يذكّر بأن رئيس الدائرة المتعهدة بالقضية محرز الهمّامي قد تميّز بخرقه المستمرّ في جميع القضايا المتعلقة “بقانون مكافحة الإرهاب” لحقوق الدفاع والقانون وخاصة منه المتعلق بمناهضة التعذيب. ويطالب بإحالته على مجلس التأديب وفصله من هذه الوظيفة السامية. خلفيّة:

    يحال في هذه القضية عدد 75910/10، 31 شابا (تتراوح أعمارهم بين 24 و36 سنة) اعتقلوا في الفترة بين النصف الثاني من ديسمبر 2006 وبداية شهر جانفي 2007 في مناطق مختلفة من البلاد وقد اشتبه في صلتهم بالمجموعة التي اشتبكت مع القوات النظامية التونسية نهاية ديسمبر 2006. وقتل من تلك المجموعة 12 فردا.

    وقد وقع استخدام التعذيب بشكل منهجي عند اعتقالهم في وزارة الداخلية وتم تزييف محاضر الاحتفاظ. وقد أودعوا السجن بعد أكثر من شهر من الإيقاف. وقد تعرضوا لمعاملة استثنائية في السجن ومورس عليهم التعذيب من جديد. فبمجرد وصولهم السجن تم وضع أقنعة على رؤوسهم وتولّى عدد من الأعوان الاعتداء عليهم بالضرب المبرح وأجبروا على ارتداء لباس خاص أزرق اللون ووضعوا دون أغطية في زنازين منفردة وحرموا من الزيارة لبضعة أيام. كما كانوا خلال الأيام الأولى من سجنهم ينقلون إلى زيارة محامييهم في السجن مكتوفي الأيدي ومعصبي الأعين. ولا يزالون محرومين من حقهم في الفسحة اليومية إذ لا يدوم خروجهم سوى دقائق قليلة.

    عن المجلس
    الناطقة الرسمية
    سهام بن سدرين