23/2/2005

منذ احتلال المدينة المقدسة عام 1967، دأبت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على تغيير معالم المدينة واحداث تغييرات جوهرية لصالح تعزيز الوجود اليهودي على حساب الوجود الفلسطيني. وفي سياق اجراءات تهويد المدينة، شرعت حكومات الاحتلال العديد من القوانين التي تخدم سياستها هذه.

ومن أهمها:-

    • – ضم مدينة القدس وتوسيع حدود البلدية بعد ضم 70 كلم (70 ألف دونم) إضافة لحوالي 28 قرية محاذية للقدس لاسرائيل، بحيث أصبحت حدود البلدية تشمل مساحة تبلغ 108 كلم مربع، وهو ما يمثل 28% من أراضي الضفة الفلسطينية.

 

    • – في 28 حزيران 1967 قام الكنيسة الاسرائيلي باصدار قانون يعتبر القدس عاصمة اسرائيل.

 

    • – مباشرة بعد احتلال المدينة، قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي باجراء تعداد للنفوس حيث احصت 66,000 فلسطيني يعيشون في المدينة المقدسة، حيث اعتبروا كمواطنين دائمين في مدينتهم، بحسب قانون ما يسمى الدخول لاسرائيل الذي يعود للعام 1952.

 

    • – جرى هدم أكثر من 2000 منزل فلسطيني في القدس منذ احتلال اسرائيل للقدس حسب مركز بيتسيلم لحقوق الانسان.

 

    • – وخلال السنوات الأولى من احتلال مدينة القدس، قامت حكومة الاحتلال بمصادرة ما يقرب من 25،870 دونما من الأراضي الفلسطينية في القدس، حسب تقرير بعثة مجلس الأمن، تشرين ثاني 1980.

 

    • – وما بين العام 1967 والعام 1996 تم مصادرة ما يقارب من 23،500 دونما في اطار ما يسمى قانون تنظيم الأراضي والاكتساب للمصلحة العامة الذي يعود للعام 1943 (حسب احصاءات بتسيلم، سياسة تمييز، القدس، 1995).

 

    • – في 30 تموز 1980، أكدت الحكومة الاسرائيلية على قرار ضم للمدينة المقدسة وأعلنت عنها عاصة أبدية غير المقسمة لدولة اسرائيل.

 

    – في العام 1993 فرض الاغلاق على مدينة القدس مما عنى حرمان ابناء الضفة الغربية والقطاع من الدخول اليها.

وفي مجال الاستيطان، أقامت قوات الاحتلال العديد من الأحزمة الاستيطانية حول القدس بغية عزلها عن محيطها العربي.
وفي هذا السياق، أقام الاحتلال مستوطنة راموت اشكول عام 1968 على اراضي لفتا؛ وماونت سكوبس عام 1968 على اراضي شعفاط، العيسوية والطور؛ وجفعات شبيرا عام 1968 على اراضي شعفاط والعيسوية؛ وعطروت عام 1970 على أراضي قلنديا وبيت حنينا؛ وجيلو عام 1971 على أراضي شرفات، بيت جالا والمالحة؛ والنبي يعقوب عام 1972 على أراضي حزما وبيت حنينا؛ وراموت الون عام 1973 على أراضي بيت اكسا ولفتا وبيت حنينا؛ وتلبيوت الشرقية عام 1973 على أراضي صور باهر؛ وبسغات زئيف عام 1985 على أراضي حزما وبيت حنينا؛ وجفعات همتوس في العام 1991 على أراضي بيت صفافا، وبيت جالا؛ وهار حوما عام 1991 على أراضي أم طوبا وبيت ساحور؛ وريخس شعفاط عام 1994 على أراضي شعفاط.

واذا ما أضفنا الى هذه الممارسات، نوايا بلدية القدس لوضع خارطة هيكلية جديدة لمدينة القدس تستهدف الحد من الوجود والتوسع الفلسطيني في مدينة القدس وتعزز الغالبية اليهودية في المدينة المقدسة.

وبالطبع، لا يغيب عن بالنا إغلاق المؤسسات الفلسطينية المختلفة وبخاصة بيت الشرق بغرض القضاء على أي وجود مؤسسي فلسطيني في المدينة المقدسة. وهذا ناهيكم، عن الحروب الاقتصادية التي تشنها على المقدسيين المتمثلة بالضرائب الباهظة جدا وسياسية سحب الهويات والقيود على اعمال البناء الفلسطيني. وبالتأكيد ان جميع هذه السياسات تصب في صالح فرض المزيد من الضغوط على المقدسيين لحثهم على الرحيل عن المدينة حتى تبقى يهودية خالصة.

وفي مقابل القوانين الاحتلالية، اصدرت المنظمة الأممية العديد من القرارات التي تؤكد على بطلان الممارسات والاجراءات الاسرائيلية في القدس، كما تؤكد على عدم قانونية المستوطنات في الأراضي الفلسطينية وبخاصة المدينة المقدسة.

ومن أهم القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة المتعلقة بمدينة القدس المحتلة نورد ما يلي:-

    • – في 7 تموز 1967، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 2253 الذي يطالب اسرائيل باعادة النظر في اجراءاتها والامتناع عن القيام ما من شأنه التأثير على طابع المدينة، حيث انه يؤكد على بطلان الإجراءات الإسرائيلية لتغيير وضع القدس. كما ان هناك القرار 2254 الصادر في 14 تموز 1967 الذي يؤكد على القرار السابق.

 

    • – وفي 15 تشرين ثاني عام 1980، اصدرت الجمعية العامة قرارها 35/169 الذي دعا الى “الانسحاب الكامل وغير مشروط لاسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ حزيران 1967 وبضمنها القدس، انسجاما مع المبدأ الأساسي حول عدم جواز كسب الأرض بالقوة.

 

    • – وفي 28 نيسان 1982، أصدرت الجمعية العامة قرارها ES-7/4 الذي أدان فيه الاجراءات الاسرائيلية وبخاصة انتهاك حرمة الحرم الشريف في القدس واقدام افراد الجيش الاسرائيلي على قتل وجرح المصلين في باحات الحرم الشريف في 11 نيسان 1982. كما أدان الاعتداءات والتدخل في عمل المؤسسات المدنية والدينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبضمنها القدس على وجه التحديد المؤسسات التعليمية.

 

    • – وفي 19 كانون اول 1983، اصدرت الجمعية العامة قرارها رقم 38 /180 الذي اعلن صراحة عن ان الممارسات والاجراءات الاسرائيلية الخاصة بالضم او التي تستهدف ضم الأراضي الفلسطينية والعربية وبضمنها القدس غير قانونية وتنتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة. وهذا ما أكدت عليه القرارات التالية: 39/146 (14 كانون اول 1984) والقرار 40/168 (16 كانون اول 1985) والقرار 41/162 (4 كانون اول 1986) و42/209 (4 كانون اول 1989) و45/83 (13 كانون اول 1990) و45/68 (6 كانون اول 1990)، وغيرها العشرات من القرارات.

 

    • – وفي 15 تموز 1997، اصدرت الجمعية قرارها ES-10/3 الذي يؤكد على ان الأعمال الاسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية وبخاصة الأنشطة الاستيطانية والاجراءات العملية الناجمة عنها، لا يمكن الاعتراف بها بغض النظر عن مرور الوقت. كما طالب بوقف كل اعمال البناء في مستوطنة جبل ابو غنيم، جنوب شرق القدس المحتلة وجميع الانشطة الاستيطانية اضافة لكل الاجراءات غير القانونية في القدس.

 

    • – وفي 20 تشرين اول 2000، أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم ES-10/7 الذي ادان العنف الذي وقع في 28 ايلول 2000 والايام التالية في الحرم الشريف والأماكن المقدس الأخرى وفي بقية المناطق الفلسطينية المحتلة .. كما أكد على ان المستوطنات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبضمنها القدس، غير قانونية وتشكل عقبة امام السلام ودعت الى تجنب الأفعال غير القانونية من قبل المستوطنين.

 

    – وفي 17 أيار 2004، اتخذت الجمعية العامة قرارها 58/292 الذي يؤكد على وضعية الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 وبضمنها القدس التي هي احتلال عسكري وتؤكد حسب قوانين ومبادىء القانون الدولي، ان للفلسطينيين الحق في تقرير المصير والسيادة فوق أراضيهم وان اسرائيل، القوة المحتلة، عليها واجبات وتعهدات القوة المحتلة حسب ميثاق جنيف فيما يتعلق بحماية الأشخاص المدنيين في أوقات الحرب، الصادر في 12 آب 1949 والأنظمة الملحقة بميثاق لاهاي فيما يتعلق بقوانين وأعراف الحرب على اليابسة للعام 1907.

ومن جانبه، تناول مجلس الأمن قضية بالعديد من القرارات نذكر منها:-

    • – القرار 250 في 27 نيسان 1967 الذي يدعو إسرائيل للامتناع عن إجراء عرض عسكري في القدس. واعقبه اصدار القرار رقم 251 في 2 أيار 1967 عن مجلس الأمن أيضا يشجب قيام إسرائيل لقيامها بالعرض العسكري في القدس.

 

    • – وفي 21/5/1968، اصدر مجلس الأمن القرار 252، الذي يعتبر “جميع الاجراءات التشريعية والادارية والأعمال التي قامت بها إسرائيل، وبضمنها مصادرة الأراضي والممتلكات، التي تهدف لتغيير الوضع القانوني لمدينة القدس، باطلة ولا يمكنها تغيير تلك الوضعية.” وهذا ما أكد عليه القرار 267 الصادر في 3/7/1969 والقرار 298 الصادر في 25/9/1971.

 

    • – في 20 آب 1980 اصدر مجلس الأمن الدولي القرار 478 الذي اقر ببطلان جميع الاجراءات التشريعية والادارية والأعمال التي اتخذتها اسرائيل، القوة المحتلة، التي تغير او تدعو لتغيير طبيعة او وضع المدينة المقدس.

 

    • – وفي 12/10/1990 شجب مجلس الأمن “اعمال العنف التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية، مما أسفر عن جرح وفقدان الحياة البشرية،” في 8 أكتوبر في الحرم الشريف. كما دعا القرار اسرائيل، القوة المحتلة، الى الالتزام بتعهداتها القانونية ومسؤولياتها حسب معاهدة جنيف التي تطبق على الأراضي التي تحتلها اسرائيل منذ 1967.

 

    – وفي 28 أيلول عام 1996، عقب حفر النفق أسفل الحرم القدسي الشريف، اتخذ مجلس الأمن قراره رقم 1073 الذي دعا إسرائيل للوقف الفوري والعودة عن كل الأفعال الناجمة عن تصعيد الأوضاع والتي تركت آثار سلبية على عملية السلام في الشرق الأوسط. كما أكد على حماية المدنيين الفلسطينيين، إضافة الى الاستئناف المباشر للمفاوضات السلمية وتطبيق الاتفاقات الموقعة ما بين الطرفين.

هذا ناهيكم عن سلسلة من القرارات الأممية التي تؤكد انطباق معاهدة جنيف على الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس، نذكر منها على سبيل المثال قرارات مجلس الأمن: رقم 237 (1967)، و259 (1968)، و271 (1969)، و446 (1979)، 452 (1979)، 465 (1980)، 480 (1980) و592 (1986) و607 (1988)، و694 (1991)، و799 (1992)، 904 (1994)، و1322 (2000).

وعليه فلمن الغلبة، أهي لعشرات القرارات الأممية؟ بالتأكيد أن ما يحدث ويطبق على ارض الواقع في المدينة المقدسة هي القرارات الاسرائيلية فقط. أما القرارات الأممية فهي قرارات مع وقف التنفيذ، حيث أن المجتمع الدولي ومنذ لحظة وقوع العدوان على الأراضي الفلسطينية فشل في تنفيذ قراراته وبخاصة في مدينة القدس. وما زال هذا المجتمع منساق للقرارات والاملاءات الأميركية الحليف الاستراتيجي لأسرائيل والمدافع عنها في المحافل الدولية.

والآن، بعد مصادقة الكنيسة في 20/2/2005 على المسار الجديد لجدار الفصل العنصري الذي يلتهم 7% من أراضي الضفة الغربية بعد ان يضم معاليه ادوميم وغوش عتصيون، جنوب الضفة اضافة الى اجزاء من مستوطنة اريئيل في نابلس. هذا، مع العلم انه قبل هذا القرار، كانت مستوطنات الضفة تشكل 2% فقط من أراضي الضفة الغربية. كما ان هناك نوايا اسرائيلية لاقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية بغية استيعاب مستوطني غزة.

ومن يدري غدا بماذا سيطل علينا الاحتلال من اجراءات وممارسات جديدة تقوض وتمنع إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافية وقابلة للحياة. فالاحتلال يصول ويجول في أراضينا يفعل ما يشاء دون رادع دولي ودون إرادة دولية صادقة على إنصاف الفلسطينيين، ودون أي دور عربي فاعل على الساحة الدولية..

ومن المؤسف والعار على المجتمع الدولي أن ينجح في تقسيم أراضي فلسطين التاريخية لاقامة وطن قومي لليهود لكنه يفشل بعد 58 سنة من صدور قرار التقسيم في إقامة الدولة الفلسطينية على ثلثي أراضي فلسطين التاريخية؟!

والسؤال المطروح الآن، الى متى سينتظر الفلسطيني حتى يتم انصافه، وهل ما تبقى له من ارض ومصادر طبيعية صالحة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة؟!.