5/5/2006

في خطابه أمام الكنيست، لنيل الثقة بحكومته اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود اولمرت، على انه ينوي البدء بتنفيذ خطته “الانطواء” لترسيم الحدود الدائمة لإسرائيل في الضفة الغربية بعد سنتين، أي خلال ولاية الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش. وحتى ذلك الحين، سيعمل على تركيز جهوده لحشد تأييد سياسي لخطته وموافقة دولية عليها. وشدد على أن برنامج حكومته يقوم على مواصلة مكافحة ما أسماه الإرهاب الفلسطيني وفي كل مكان. وأن حكومته لن تتفاوض مع الحكومة الفلسطينية الحالية لعدم اعتباره إياها كشريك في عملية السلام!

كما تعهد أولمرت في خطاب نيل الثقة بأنه سيضم المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية إضافة إلى مدينة القدس ومنطقة الغور، وسيرسم حدود دولة الاحتلال من جانب واحد، مما يعني ان ما سيتبقى من أرض لاقامة الدولة الفلسطينية عليها، لن يتعدى 9% من اجمالي مساحة فلسطين التاريخية.

بكل تأكيد ان برنامج الحكومة الاحتلالية، الذي لم نسمع أي صوت مما يسمى المجتمع الدولي يقوم بانتقاده او حتى الاعتراض عليه، ينص على مواصلة السياسيات أحادية الجانب وتغييب الشريك الفلسطيني ومواصلة نهب المصادر الطبيعية وبخاصة المائية وسرقة الأراضي الفلسطينية التي خصصتها الشرعية الدولية للدولة الفلسطينية المستقلة والمتعارف عليها أنها حدود الرابع من حزيران للعام 1967. وعليه، فإن البرنامج الحالي للحكومة الاسرائيلية يتعارض مع الشرائع والقوانين الدولية بل أنه ينتهكها بكل صراحة وفظاظة.

ومن المعلوم ان اولمرت سيقوم بتسويق برنامجه الحكومي خلال زيارته المرتقبة لواشنطن ولربما لبعض العواصم الأوروبية الأخرى. وهنا بودنا تذكير تلك العواصم بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 465 للعام 1980 والذي ينص على انه لا يجوز للدول أن تقدم أية مساعدة يمكن أن تستعمل في تنفيذ سياسة ضم الأرض المحتلة. وهذا ينطبق على واشنطن التي قدمت ملايين الدولارات لحكومة الاحتلال لما يسمى تحسين المعابر داخل الضفة الغربية، في اطار الادعاء انها مساعدات للشعب الفلسطيني.

وفي ضوء ميزان القوى الراهن المائل لصالح حكومة الاحتلال المدعومة أميركيا وأوروبا، فمن المتوقع أن ما يسمى المجتمع الدولي سيبارك لأولمرت برنامجه الانتخابي وخطته الانطوائية عن الشعب الفلسطيني لضمان دولة أثنية يهودية على حساب أصحاب الأرض الشرعيين. فالسياسة الدولية تتحدث بلغة المصالح وليس بلغة الحقوق، وانما بحق القوة وليس قوة الحق. بالتأكيد أن أولمرت سيحظى بمباركة أمريكا التي تشن حرب تجويعية ضد الشعب الفلسطيني من خلال تهديدها للدول وحتى البنوك من مغبة التعامل مع الحكومة الفلسطينية، وتمارس شتى سياسات الحصار والعزل سعيا وراء إسقاط الحكومة الفلسطينية الحالية، ولتعزيز ثنائية السلطة من خلال تعزيز دور رئاسة السلطة على حساب الحكومة!! وهو ما قد يحمل مخاطر حدوث انقسامات داخل الشعب الفلسطيني.

هذه السياسة الأميركية وان نجحت في اسقاط الحكومة الحالية، فانها ستقود الى تقييد وحتى شل حركة الحكومة القادمة بفضل حجم المعارضة الكبيرة التي ستواجهها، مما يعني استمرار الأزمة. كما ان النيات الغربية بتعزيز دور شبكات المنظمات غير الحكومية قد يقود الحكومة الى التصدي لمحاولات الالتفاف عليها وعزلها من خلال سن القوانين التي قد تقيد عملية تلقي الدعم الخارجي.

وعليه، لن نطالب المجتمع الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأميركية بالتدخل لنصرة الشعب الفلسطيني ومنعه من الموت جوعا، وإنما سنحصر مطالبتنا بالشعب الفلسطيني في الداخل والشتات ومن كافة الشرائح، لاطلاق حوار وطني فلسطيني داخلي وخارجي بغية التوصل لاستراتيجية عمل واضحة تشكل الحد الأدنى لكافة أبناء الشعب الفلسطيني للالتفاف حولها من اجل الخروج من المأزق الراهن والتصدي للتحديات القائمة التي تستهدف إجهاض وتصفية القضية الفلسطينية برمتها.