1 سبتمبر 2004

إلى أبناء شعبنا الليبي المناضل
إلى آباءنا وأمهاتنا وإخوتنا وأخواتنا
إلى أرواح شهداءنا الأبرار .. إلى الثكلى واليتامى ..إلى المحرومين من أبسط حقوقهم في الحياة السعيدة الكريمة
إلى من انتهكت حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية
إلى أبناء ليبيا الشرفاء في داخل الوطن وخارجه

تمر علينا اليوم ذكرى اغتصاب السلطة الشرعية الدستورية على أيدي النظام العسكري الذي قاد الانقلاب صبيحة يوم 01-09-1969 ونحن نعيش آلامنا وآهاتنا وجراحاتنا، جراء الانتهاكات الصارخة والمستمرة لحقوق الإنسان في ليبيا..

في هذا اليوم نقف هاهنا أمام إحدى رموز النظام الحاكم لنقول للجميع: ها هي جموع من أبناء ليبيا المهجَّرين قسراً والفارين من القهر والاستعباد، يلتمسون الطريق نحو الخلاص، ولفت نظر العالم أجمع لما يتعرض له شعبنا المناضل من انتهاكات لحقوقه ومكتسباته وقيمه وأخلاقه.. لنقول للعالم: ماذا تنتظرون بعدُ من هذا النظام الذي شرَّد وقهر أبنائه وطالت جرائمه كل البشرية ..!!؟

وفي هذا السياق وبهذه المناسبة نود أن نضع العالم أمام مسئولياته بأن نوضح له ما يلي:
أولاً: بالرغم من كافة التنازلات التي قدمها النِّظَام للغرب على حساب أبناء ليبيا .. وذلك بتنازله عن برامجه النووية وادّعائه الحرص على تحسين ملف حقوق الإنسان في ليبيا، وتلك المبادرات التي أطلقتها مؤسسة القذافي الخيرية من خلال العمل على إطلاق عشرات من سجناء الرأي والسياسة، والذين ما كان ينبغي أصلاً اعتقالهم بسبب آرائهم وأفكارهم.. إلا أنه لم يتم حتى الآن العمل على إطلاق جميع سجناء الرأي والسياسة الذين يتجاوز عددهم اليوم أكثر من ألفين وخمسمائة سجين.. ولم تتم تصحيح أوضاع أولئك الذين أطلق سراحهم.. ولم تتم باقي الإجراءات والخطوات التي وعد النظام بتحقيقها في سبيل تحسين ملف حقوق الإنسان في ليبيا.. بل الواقع يؤكد عكس تلك الوعود ويؤكد استمرار النظام في إحكام قبضته بالمزيد من كبت الحريات وانتهاك حقوق الإنسان، بدليل استمرار العمل بالقوانين التعسفية وانتشار المحاكم الاستثنائية، وعلى رأسها محكمة الشعب.. بالرغم من صدور تصريحات من قائد النظام شخصياً بالعمل على إلغاء هذه القوانين وتلك المحاكم ولكن لم يتم ذلك حتى يومنا هذا؟

ونذكّر -على سبيل المثال لا الحصر- باستمرار النظام في انتهاكه لحقوق الإنسان في ليبيا، وذلك باعتقاله لبعض المواطنين الذي جهروا بمعارضتهم للنظام منهم: المناضل فتحي الجهمي والمناضل عاشور الورفلي الذين تم اعتقالهما واختفائهما ولم يتم تحديد مصيرهم بعد!! هذا بالإضافة إلى تعمد النِّظام إبعاد بعض المقيمين على أرض ليبيا والذين سبق للنظام أن منحهم حق الإقامة باعتبارهم معارضين لحكوماتهم، حيث أبعد قسراً بعض المواطنين الآرتريين إلى بلادهم ليواجهوا مصيرهم هناك.. وليس هذا فحسب .. فإن النظام لازال يماطل ويناور بعدم التعاون الجادّ لإجلاء وبيان مصير المختفين قسراً من أمثال المناضل الحقوقي: منصور الكيخيا وعزات المقريف وجاب الله مطر والشيخ : موسى الصدر ورفيقيه..

ثانياً: وإمعاناً في إذلال الشعب ونهب ثرواته وتبديدها دون مسوغ من القانون.. وذلك بتصرف النظام الحاكم المنفرد ودون العودة إلى الشعب بدفعه لمليارات الدولارات كتعويضات لأمريكا وفرنسا وألمانيا، لجرائم ارتكبها عملاء النظام، لا ناقة للشعب الليبي فيها ولا جمل، في حين أن أبناء ليبيا في أمسِّ الحاجة إلى هذه الأموال لمشاريع التنمية وتطوير الاقتصاد والتعليم والصحة وكافة مناحي البنية التحتية.. ولا بد من لفت انتباه العالم إلى ما يعانيه الشعب الليبي من انتهاك لحقوق الاقتصادية والمعيشية، حيث يعيش العديد من أبناء الوطن تحت خط الفقر، ورواتب الموظفين الليبيين لا تزال تتأخر الأشهر تلو الأشهر، وهي لا تزيد عن خمسين دولاراً في الشهر، حسب القوانين الجائرة لمرتبات الموظفين في الحكومة !!

وفي المقابل تمَّ منح الشركات الأمريكية والأوروبية والألمانية عقوداً بمليارات الدولارات أيضاً مقابل قبول أمريكا وأوروبا دخول ليبيا للشراكة الأوروبية والتي نأمل ألا تكون على حساب سعادة وحرية وكرامة الشعب الليبي وأن لا يؤدي ذلك إلى عدم انتباه الدول الأوروبية وأمريكا إلى استمرار النظام في المزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان وإلا ستكون هذه الشراكة وَبَالاً وَخِيماً على مبادئ حقوق الإنسان وحمايتها بالنسبة للشعب الليبي.

ثالثاً: نرحب بخطوات الاتحاد الأوروبي بصورة عامة وألمانيا بصورة خاصة نحو تطبيع العلاقات مع ليبيا والقبول بدخولها للشراكة الأوروبية، ولكن على أن يتم ذلك بعد عمل السلطات الليبية على احترام حقوق الإنسان، وذلك بتعديل أو إلغاء كافة القوانين والمحاكم التي في مجملها مخالفة لكافة المواثيق والعهود الدولية .. وفي هذا الخصوص نودُّ لفت نظر الحكومة الألمانية باتخاذ كافة الإجراءات الاحتياطية والضمانات لعدم تكرار عمليات الابتزاز السياسي، كالذي حدث سنة 1983 عندما تم خطف بعض المواطنين الألمان العاملين في ليبيا مقابل الإفراج عن الدبلوماسيين الليبيين الذين قاموا بخطف بعض المعارضين للنظام وتعذيبهم داخل مقر السفير الليبي بمدينة بون عام 1982 على أيدي كلا من مصطفى الزايدي وعبد الله الفرجاني .. ونحيي بهذه المناسبة القضاء الألماني الذي أعاد فتح هذا الملف مجدداً بعد إغلاق ملف الملهى الليلي ببرلين.. والذي يطالب السلطات الليبية بتسليم هذين المطلوبين للعدالة الألمانية لإعادة محاكمتهما على تلك الجريمة النكراء التي تمت على الأراضي الألمانية.

رابعاً: نطالب اليوم الحكومات الأوروبية وسلطاتها القضائية بعدم اتخاذ التطورات الأخيرة التي طرأت على العلاقات الليبية الأوروبية ذريعة للمساس بحقوق الليبيين المتواجدين على أراضيها في طلب اللجوء السياسي أو الحصول عليه، وعدم الاحتجاج بأن الأوضاع السياسية في ليبيا قد تحسنت في مجال حقوق الإنسان .. لأن واقع الحال الفعلي يؤكد بأن ليبيا لازالت بلداً غير آمن بالنسبة للمعارضين للسلطة فيها، لاستمرار نفاذ وتطبيق القوانين التعسفية المتعارضة مع أبسط قواعد حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً .. وبالتالي نطالب هذه الحكومات بعدم الترحيل القسري إلى ليبيا بالنسبة لليبيين المقيمين على أراضيها تحت هذه المبررات.

خامساً: طالما أنَّ مبدأ التعويض عن جرائم الاعتداء على الأرواح الآمنة أصبح معمولاً به بعد جرائم لوكربي والطائرة الفرنسية وملهى برلين.. فإنه من باب أولى تعويض الشعب الليبي عن خسائره الناجمة عن الاعتداء الجوي الأمريكي في عهد الرئيس الراحل ريغان سنة 1986 على مدينتي طرابلس وبنغازي، وكذلك تعويض الليبيين المتضررين من جراء ظلم النظام وانتهاكه لحقوقهم، خلال ثلاثة عقود ونيف من الزمان.

و في الختام… فإن المعتصمين أمام سفارة النظام بلاهاي، وهم ينظرون إلى واقع حقوق الإنسان في ليبيا بقلق شديد، فإنهم يتطلعون إلى اليوم الذي تنتهي فيه كافة مظاهر الانتهاكات للحريات وحقوق الإنسان في ليبيا، وعودة الحياة الدستورية التي يعيش فيها المواطن تحت مظلّة القانون بحرية وكرامة وعزة، وإلى أن يتحقق ذلك، فإنهم يؤكدون على مطالبهم الثابتة التالية:
1- العمل على إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، والكشف عن مصير الذين اختفوا قسراً.
2- إطلاق الحريات العامة وعدم تقييدها إلا في حدود القيم والأخلاق، وعلى رأسها حرية الصحافة والإعلام، وتحقيق كل ما من شأنه الرفع من معنويات الشعب الليبي، في الحياة بعزة وكرامة.
3- التحقيق الفعلي والجاد في كافة الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في حق أبناء ليبيا، الذين قتلوا ظلماً فوق أعواد المشانق أو في المعسكرات أو داخل المعتقلات أو الذين تمت تصفيتهم جسدياً خارج ليبيا، والعمل على تعويض ذويهم.
4- التحقيق في جريمة العصر بالنسبة للشعب الليبي المتمثلة في مجزرة أبو سليم، للكشف عن مرتكبيها وتقديمهم للعدالة ، والكشف التام عن أسماء ضحاياها والابتعاد عن سياسة الإعلان التدريجي عن أسماء الذين قتلوا في هذه المجزرة الرهيبة.
5- العمل على إلغاء كافة القوانين والتشريعات المقيدة للحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
6- إلغاء كافة المحاكم الاستثنائية وعلى رأسها محكمة الشعب وبالتالي إلغاء كافة الأحكام الصادرة عنها.

وفَّق الله الجميع لما فيه خير شعبنا المناضل، وما ضاع حق وراءه مطالب.
المعتصمون أمام مبنى السفارة الليبية بلاهاي