1/9/2007
تابعت أمانة الاتحاد هذا الملف، الذى يسير من سيء إلى الأسوأ ولم يطرأ عليه أي تغيير ينمُّ عن تحسن أحوال حقوق الإنسان في ليبيا.. هذا الملف المحتقن نتيجة وجود عدة مظاهر تصب جميعها في اتجاه واحد ألا وهو انتهاك حقوق الإنسان منذ الأول من سبتمبر 1969 إلى يومنا هذا.. فكل المعطيات تشير إلى أنَّ الأسباب المؤدية إلى المزيد من التطاول على الحريات العامة فى ليبيا لازالت قائمة بالرغم من مناداتنا الدائمة -بالإضافة إلى مناداة كافة المنظمات الحقوقية ذات العلاقة بحقوق الإنسان سواء الليبية منها أو الدولية- بضرورة إلغاء كافة المظاهر المنتهكة للحقوق والمهدرة للحريات..
ومن هذه المظاهر السيئة: الاستمرار فى تطبيق القوانين المكبِّلة للحريات، والمنتهكة للحقوق، وعلى رأسها قانون تجريم الحزبية! وقانون حماية الثورة! ووثيقة الشرعية الثورية وما يسمى بميثاق الشرف! الذي كرَّس العقوبات الجماعية فى ظاهرة فريدة من نوعها.
وكذالك الأوامر المستديمة الصادرة عن تجمعات اللجان الثورية التي تنص فى مجملها على تصفية من تمَّت تسميتهم بأعداء الثورة، فى إشارة الى كل معارض لنظام القذافي.
وبالرغم من الوعود التى أطلقها قائد النظام الحاكم في ليبيا في مناسبات عديدة بضرورة إلغاء تلك القوانين لعدم الحاجة إليها الآن، كما جاء فى إحدى خطاباته التي إشارة إلى إلغاء محكمة الشعب وإلغاء هذه القوانين.. إلا أن هذه القوانين لازالت سارية المفعول.. والتى من نتائجها الملموسة فى وقتنا الراهن ما تعرض له بعض المعارضين للنظام سواء العائدين لأرض الوطن بعد وعود قائد النظام وابنه سيف القذافي.. وعلى رأسهم الدكتور: إدريس بوفايد .. والكاتب جمال الحاجي والكاتب محمد فريد والمحامى المهدي صالح وآخرين ممن كانوا قد دعوا لتظاهرة سلمية بميدان الشهداء بمدينة طرابلس, وتمَّ القبض عليهم وتقديمهم لمحاكمة متخصصة غير شرعية بتهم باطلة لا أساس لها من الصحة، تطبيقاً لنصوص تلك القوانين الجائرة.. وبالتالي تعرض أولئك المعتقلين لعقوبات جسدية قد تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد..
وعليه فإن تلك القوانين القمعية كان يجب العمل على إلغائها وفسح المجال للحريات العامة وصيانة لحقوق الإنسان في ليبيا..
وفى غياب الحياة الدستورية وعدم وجود دستور شرعي للدولة.. فسح المجال لانتشار هذه القوانين القمعية، ومن ثمَّ انعدام تواجد الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا التي تراقب شرعية ودستورية القوانين.
وفى هذه المناسبة.. طالعتنا الأخبار بأنَّ المجلس الأعلى للقضاء قد أصدر عفواً عاماً عن أكثر من ألفين سجين بعد انقضاء نصف العقوبة المقضي بها ضدهم جنائياً, إلا أنه للأسف الشديد لم يتدخل هذا المجلس للنظر في أحوال السجناء السياسيين وسجناء الرأي والكلمة.. والعمل بالتالي على إصدار قراره بالعفو عنهم، وهو أي المجلس على يقين بأن وجود أولئك السجناء في المعتقلات وجودٌ غير قانوني وغير شرعي ومخالف لكل القوانين والأعراف الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان..
بناء عليه.. فإننا ننبه الجميع إلى المخاطر التي لازالت تحيط بالمواطن داخل ليبيا، نتيجة الاستمرار في سريان تطبيق تلك القوانين المكبِّلة للحريات والمنتهكة للحقوق.. هذا بالإضافة إلى انتشار ظاهرة ما يسمى بالمحاكم التخصصية التي حلَّت محل محكمة الشعب التي تم إلغاؤها نتيجة عدم شرعيتها..
وبالتالي فإننا أيضاً نهيب بالمجلس الأعلى للقضاء بأن يتحمل مسئوليته التاريخية حالة الاستمرار في حبس المعتقلين السياسيين القابعين خلف القضبان ظلماً وعدواناً.. ونهيب بالمجلس بضرورة العمل إصدار قراره الشجاع والتاريخي بالإفراج عن كافة السجناء السياسيين والأمر بإلغاء كافة القوانين القمعية.. وبالتالي العودة إلى دولة القانون والدستور والحريات.
المحامي
الشارف الغرياني
الأمين العام للاتحاد الليبي للمدافعين عن حقوق الإنسان