8/1/2007
التطورات الأخيرة على صعيد الخلاف الداخلي الفلسطيني، أخذت تتخذ مناحي خطيرة جديدة فمن القتل والخطف إلى تدمير الممتلكات وإحراق المنشآت العامة وتبادل التهديدات وحتى إطلاق النار على الشخصيات الفلسطينية ممن لا تنتمي للحركتين المتقاتلتين، وهي مؤشرات على بوادر حرب أهلية تفوح في الأفق لعدم استعداد الطرفين التنازل ولتشبثهم بمواقفهم المائلة للمصلحة الفئوية على حساب مصلحة الوطن والشعب الفلسطيني بأسره لصراعهم على سلطة تفتقد للسيادة وخاضعة لسيطرة الاحتلال.
لقد حصد الاقتتال الداخلي بين حركتي وفتح وحماس أكثر من 300 روح فلسطينية وبضمنهم أطفال كما حدث مع الأطفال الثلاثة لعائلة بعلوشة، وذلك حتى نهاية العام 2006 حسب إحصاءات الجهاز المركزي الفلسطيني. وكلها تعتبر جرائم يحاكم عليها القانون وتستدعي جلب منفذيها للعدالة. كما أن الأحداث المؤسفة الجارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة قد فاقمت من انعدام الأمن. فلا أحد آمن على حياته في الشارع او في الدكان أو في المطعم ولا أحد آمن على ممتلكاته التي تدمر في أي لحظة كونه ينتمي أو يؤيد هذا الفصيل أو غيره.
وتساهم الأزمة الراهنة في سحب ثقة المواطن بالمتنازعين على “السلطة”، وتدفع البعض وفي ظل انعدام الآمان التي تشهدها البلاد إلى البحث عن الأمان في مكان ما في هذا العالم بعد أن حرم عليه في وطنه. كما أن الاقتتال الداخلي والصراع على السلطة يسيء لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني ويفقدها الكثير من سمعتها التي اكتسبتها بعد تعميدها بالتضحيات الجسام على مذبح الحرية.
كما أن انتصار أي فريق على آخر في الاقتتال للسيطرة على السلطة لن يساهم إلا بتفاقم الأمور، حيث يفترض بهذه السلطة أن تكون للجميع وليس حكرا على فصيل محدد بعينه. ومن حق جميع أبناء الشعب العربي الفلسطيني في الداخل والشتات أن يشارك في تحديد مصيره إنطلاقاً من حقه بالمشاركة السياسية. وعليه، فإن الأطراف المتقاتلة تتحمل كامل المسؤولية في التراجعات على صعيد القضية الفلسطينية والإخفاقات الجارية.
فأي سلطة ومهما كانت طبيعتها وشكلها، يجب أن لا تكون مدعاة تفرقة للشعب الواحد وبخاصة إذا كان هذا الشعب خاضع لتهديد خارجي يتهدد وجوده في المنطقة والمتمثل بالاحتلال الإسرائيلي العنصري.
ومن المؤسف حقا، أن تتزامن هذه الأحداث المأساوية مع احتضان مدينة رام الله لمؤتمر المنظمات الأهلية الفلسطينية والإسرائيلية والدولية المناهضة للاحتلال والذي انعقد في الفترة الواقعة ما بين 5 إلى 7 كانون الثاني. وهو المؤتمر الذي هدف للاعداد لأنشطة وفعاليات مشتركة ضد الاحتلال الآخذ بالتحول لنظام فصل عنصري لفضح ممارساته والتصدي لها.
ومؤسف حقا أن يتحدي ناشطو السلام الاسرائيليون القوانين الاسرائيلية التي تمنعهم من دخول مناطق السلطة الفلسطينية، وذلك للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي تتنازع قوتاه الرئيسيتان على السلطة التي لم تتحرر بعد من الاحتلال.
والأسف الأشد أن يهيمن الاقتتال الداخلي على كل النشاط الفلسطيني الذي كان يفترض أن يكرس لمواجه التهديد الخارجي المتمثل بالاحتلال وممارساته وسياساته المختلفة الهادفة لأسرلة الضفة الغربية وتهويد القدس ويعمل في كل ساعة على خلق حقائق جديدة على الأرض مستغلا انشغال الفلسطينيين بأنفسهم.
وعليه، فمتى يعي هؤلاء أنهم بنزاعهم، إنما يجنون الدمار والخراب لأكثر من 10 مليون هم عدد الفلسطينيين في العالم؟!