15/9/2007

لم ينفك النظام السعودي عن ممارسة سياسته البغيضة ضد الطائفة الشيعية التي تعتبر أكثر مكونات المجتمع السعودي تعرضا للتفرقة والتمييز والإجحاف بحيث أصبح لا يتوانى عن استخدام كافة السبل في تكريس هذه السياسة وتحشيد جميع طاقاته من أجل إثارة الفتنة الطائفية والتي يضن بأنها مجدية في لجم أفواه أتباع هذه الطائفة المطالبة بأبسط حقوقها الإنسانية بحيث تعدت ممارساته بالإيعاز الى مؤسسته الدينية لإصدار فتاوى من أجل تغذية مشاعر الحقد والكراهية لدى شعب الجزيرة العربية من المنتمين للمذاهب الأخرى ضد الشيعة بالإضافة الى قيامه بمنع جميع المظاهر الدينية والتي تناقض المذهب الرسمي الذي تنتمي إليه الحكومة وفئات قليلة من المجتمع. لقد تعددت مظاهر هذه السياسة من إصدار فتاوى الى منع شعائر الى اعتقالات تعسفية.

فقد دأبت السلطات الامنية السعودية على معاقبة المواطنين الشيعة بالسجن بتهمة إقامة الشعائر الحسينية وكذلك صمتها إزاء دعوات التكفير ضد الشيعة من قبل كبار رجال الدين السنة.

كما بدأت حملة إصدار فتاوى وآراء متطرفة تثير الكراهية والعنف ضد الطائفة الشيعية. وكانت معظم الخطب التي تلقى في المساجد والمرافق الدينية تحمل لغة الكراهية والعنف والطائفية البغيضة حيث استغل رجال الدين المنتسبون للسلطة لإلصاق تهم ضد الطائفة الشيعية ووصفهم بعدم الولاء للبلاد وتحرض ضد اتباع أهل البيت(ع) وتدعو الى اجتثاث هذا المذهب وتأتي هذه الفتاوى متزامنة مع قيام السلطات السعودية بإغلاق المساجد والحسينيات الشيعية بسبب إقامتها لمآتم بمناسبة استشهاد أحد الأئمة أو إقامة أفراح بمناسبة ولادتهم.

وغالباً ما كان النظام السعودي ينظر لاتباع الطائفة الشيعية بريبة ويعتبرهم كأعداء للدولة , كما انه لم يعمد الى ايقاف التهجم العلني المضاد لهم. من الملاحظ على النظام السعودي عدم استجابته للدعوات المتكررة من قبل المنظمات الحقوقية للتوقف عن هذه السياسة العدوانية وكأنها أصبحت سمة ملازمة له لا يمكن التخلي عنها.

ففي 4 يوليو / تموز 2007 قامت السلطات الأمنية بالأحساء بمنع إقامة صلاة الجماعة بأحد المصليات الشيعية المقامة في منزل خاص بشمال المبرز واستدعت إمام المصلى السيد عبد الله الموسوي وأجبرته على توقيع تعهد خطي بعدم إقامة الصلاة أو أي أنشطة دينية في المصلى.

وفي 20 اغسطس / آب 2007 الغت السلطات احتفالا مزمعا بقرية الرميلة بمناسبة ميلاد الامام المهدي واستدعت القائم على الحسينية الفاطمية بالقرية وأجبرته على توقيع تعهد خطي بعدم اقامة الحفل وهددته باقفال الحسينية .

وفي 27 اغسطس / آب 2007 عمدت السلطات الأمنية بالأحساء بتخريب الاحتفالات السنوية التي يقيمها الأهالي بميلاد الإمام المهدي عبر تفريق المحتفلين ونزع مظاهر الزينة ولافتات التبريك في العديد من القرى.

وفي 29 اغسطس / آب 2007 الغت السلطات الأمنية بمحافظة القطيف مهرجانا إنشاديا أهليا كان مزمعا انطلاق فعالياته في بلدة سنابس بمناسبة مولد الإمام المهدي. كما قامت السلطات باستدعاء القائمين والمشرفين على الحفل وأجبرتهم على توقيع تعهدات خطية تلزمهم بالغاء المهرجان.

وفي 8 سبتمبر / أيلول 2007 قامت السلطات بإلغاء مهرجانا نسائياً اقيم في حسينية السيد الخوئي في بلدة سنابس التابعة للقطيف, واستدعت صاحب الحسينية وأجبرته على توقيع تعهد خطي تلزمه بإيقاف البرنامج.

وفي 9 ابريل / نيسان 2007 قام مفتي آل سعود الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بتكفير الدولة الفاطمية وأتباعها واعتبرهم من الكفار وطعن في نسبهم وأتهمهم بالمجوسية. وأتبع ذلك بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الحكومية بإصدار بيان مفصل يكفر الدولة الفاطمية .

وفي 20 يناير / كانون الثاني 2007 اصدر عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين رئيس ما يسمى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بأصدار فتوى يكفر الشيعة حيث جاء فيها (نحذر المسلمين جميعًا من الانخداع بدعاياتهم ودعاويهم ” الشيعة “، فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فهم العدو اللدود، وهم أكبر من يكيد للمسلمين، فيجب الحذر والتحذير من مكائدهم وحيلهم، وتجب مقاطعتهم وطردهم وإبعادهم، حتى يسلم من شرهم المسلمون).

وفي 21 اغسطس / آب 2007 قام مكتب الدعوة والإرشاد في المدينة المنوّرة بتوزيع كتيب بعنوان (أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق) لاحد الوهابيين المتشددين وهو سليمان الخراشي حيث قام بالتشكيك والطعن بأغلب عقائد المسلمين الشيعة, كما قام المكتب بتوزيعه في مقبرة البقيع على الزوّار الوافدين لزيارة الرسول وأئمة البقيع . وفي 17 اغسطس / آب 2007 القى ما يسمى بامام الحرم المكي الشيخ صالح ال طالب خطبة هاجم فيها مذهب اهل البيت عليهم السلام.

إن التسامح الديني ينعدم بصورة كاملة في شبه الجزيرة العربية وضمن نظام آل سعود الذي يمارس الاضطهاد الديني بحق جميع الطوائف الدينية الاخرى الغير منظوية تحت المذهب الحكومي, كما يعتبر النظام السعودي من أكثر الأنظمة انتهاكاً للحقوق الدينية حيث يعاني الشيعة من اضطهاد حكومي بشع منذ عقود طويلة ولم تعمد الدولة الى ايقاف التهجم العلني المضاد لهم.

ان النظام السعودي يخشى من تنامي النفوذ الشيعي وهذا ما يثير قلقا لديه مما يجعله يحاول التحضير لشن حرب دعائية وسياسية ومذهبية ضد الشيعة في العالم الإسلامي عموماً وفي المنطقة الشرقية خصوصاً , وكذلك اثارة الفتنة الطائفية ضدهم في دول الخليج.

ان لجنة حقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية تدعو جميع المنظمات الدولية والمحلية إلى الالتفات إلى هذه الانتهاكات التي يمارسها النظام السعودي وتطالبهم ببيان موقفهم من هذه الممارسات واصدار بيانات وتقارير تعبر عن القلق إزاء الانتهاكات الصارخة والمنهجية لحقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية, وحث الحكومة على إلغاء جميع القوانين والممارسات القائمة على التمييز ضد أبناء الطائفة الشيعية وفقاً للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وغيرها من المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تمنع جميع أشكال التمييز, وينبغي على الحكومة أن تجعل قوانينها وممارساتها متوافقة مع هذه المعايير الدولية وكذلك حث النظام السعودي السماح للمنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بزيارة البلاد للتحقيق في أوضاع حقوق الإنسان.

إن على السلطات السعودية إدخال تغييرات في نصوص قوانينها والممارسات العملية للسلطات الأمنية والدينية لأجل إن تكفل الحفاظ على الحقوق المنصوص عليها في المعاهدات والقوانين الدولية وجعلها حقيقة ملموسة وليكون ذلك هو الكفيل ببعث الأمل في نفوس الطائفة الشيعية المضطهدة.