10/7/2008

أربع سنوات مرت على إصدار المحكمة الدولية العليا في لاهاي الرأي القانوني بعدم شرعية جدار الضم والتوسع والفصل العنصري الإسرائيلي، وهي شهادة قانونية عززت الموقف الفلسطيني الرافض للجدار، الذي تحت ذريعته صادر الاحتلال أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية، فأصبح الجدار يخترق المدن والقرى الفلسطينية ويحاصر القدس.

إصدار هذا الرأي القانوني كان انتصارا قانونيا وسياسيا فلسطينيا، واثبت أهمية الجهد الجماعي، سيما وان المؤسسات الرسمية والأهلية وجامعة الدول العربية والمتضامون مع القضية الفلسطينية، عملوا مجتمعين بشكل مكثف ومهني وقانوني على إقناع القضاة الدوليين بعدم شرعية هذا الجدار ذو الدوافع التوسعية السياسية، والهادف إلى مصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية، وليس لحماية الأمن الإسرائيلي كما يدعي الاحتلال.

وبالأمس ولمناسبة مرور أربعة أعوام على إصدار المحكمة الدولية قرارها ورأيها القانوني، انطلقت المسيرات لإحياء ذكرى القرار في مختلف الأراضي الفلسطينية وخاصة القرى التي يمر منها الجدار، حيث ندد المتظاهرون بالجدار وطالبوا بتطبيق الأمم المتحدة لرأي محكمة لاهاي، وهي مطالب ومصلحة فلسطينية بحاجة إلى عمل مكثف على مختلف المستويات لتصبح واقعا يمكن من خلاله أن يهدم الجدار وتعاد الأرض إلى أصحابها.

دروس التاريخ تؤكد أن لا احتلال يدوم إلى الأبد، ولا جدران عازلة تبقى مشيدة إلى الأبد، فنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقا انهار، وجدار برلين أزيل، ولكن المسألة الآن، هل قمنا بما علينا من دور لنحقق مطالبنا ولكي لا يطول عمر الجدار؟، فالعالم لا يمكن أن يخوض عنا معاركنا، إذ أن إزالة الجدار والمستوطنات أيضا وإنهاء الاحتلال معركة فلسطينية على الفلسطينيين أن يخوضوها، بدعم العرب والأصدقاء حول العالم.

وكما نجح العمل الجماعي في استصدار قرار لاهاي، فانه من الضرورة التحرك الآن، بعيد عن الحديث والاكتفاء بإصدار التصريحات وانتهاج الأساليب التي أثبتت عقمها، والعمل من جديد بنفس الطريقة السابقة التي أوصلتنا إلى هذا الانجاز في لاهاي، والتحرك تجاه تحريك المواقف الأوروبية والأمريكية والأسيوية والمجتمع الدولي ككل، سواء على المستوى البرلماني والحكومات ومؤسسات المجتمع المدني والمجموعات الضاغطة حول العالم، وعلى المستوى القضائي والقانون أيضا، لإجبار إسرائيل على أن تزيل الجدار وتعيد الأرض المصادرة إلى أصحابها، وهو هدف ليس من السهل تحقيقه في ظل الرفض الإسرائيلي للامتثال للقانون الدولي وتراخي الضغط الدولي على دولة الاحتلال، تحت ذريعة أن “المفاوضات وما يتفق عليه الطرفين هو الذي تقرر مصير الأراضي والحدود”. إن المجتمع الدولي الآن أمام دولة احتلال ترفض الامتثال للقانون الدولي بل وتستهتر على مدار أربع سنوات بالرأي القانوني من أعلى محكمة دولية، وحتى أن إسرائيل لا تلتزم بقرارات محكمتها العليا، والتي أصدرت أحكاما بتعديل مسار الجدار في بعض الأماكن، إلا أن السلطات الإسرائيلية لا زالت تتجاهل أيضا قرارات محاكمها.

ولحين تنظيم الجهود الفلسطيني وخوض النضال الجماعي الرسمي والأهلي والشعبي ضد الجدار وعلى كافة المستويات الإقليمية والدولي، فان توفير مقومات الصمود والدعم للمواطن الذي يتصدى للجدار عبر ثباته في أرضه وعدم تنازل عنها أو رحيله منها، هو عنصر أساسي في هذه المعركة القانونية السياسية، وهو أمر على الحكومة أن تجعله أولوية وان تطبقه بشكل أوسع واشمل، بل وان تدعم المقاومة السلمية، فتجربة بلعين ونعلين اكبر مثال على أن المتابعة والنضال المستمر وصمود المواطن يحقق النتائج والأهداف