6/8/2008

ما حدث في قطاع غزة الأسبوع الماضي من تصعيد للأوضاع الميدانية واقتحام للمؤسسات، كان له انعكاساته على مختلف المواقف والتصريحات محليا وإقليميا أيضا، إذ سادت أجواء الإدانة والانتقاد لهذه الحملة التي مثلت نهجا في قمع العمل الأهلي والمؤسساتي وحرية التعبير والتعددية، فيما القطاع يعاني أهله من حصار مشدد منذ أكثر من عام، طغى على مختلف معالم الحياة.

ولأن الوضع الداخلي الفلسطيني لا يحتمل مزيدا من إنتاج عوامل الانقسام والفرقة والأزمات الداخلية، فان جميع القوى والمؤسسات الوطنية مطالبة الآن بالعمل على نزع فتيل كل ما من شأنه تعزيز الفرقة والعمل على تهدئة الأوضاع، والدفع باتجاه إعادة اللحمة بين شقي الوطن واستعادة الوحدة الوطنية عبر الحوار، وهو ما كانت ستباشر مصر بالعمل على إطلاقه، لولا ما حدث من تصعيد في القطاع ومهاجمة المؤسسات ومنازل المواطنين وحملات الاعتقال.

وبينما الأوضاع المتوترة تسود القطاع، شهدت جامعة بيرزيت، إشكالا بين كتلتي فتح وحماس الطلابيتين، تطورت إلى عراك بين الطلبة، مما جعل إدارة الجامعة تسارع إلى إغلاقها ليومين تجنبا لازدياد حدة التوتر بين الطلبة. إن ما حدث في ساحات الجامعة ينذر بتدهور الثقة واحترام الرأي الآخر داخل المجتمع الفلسطيني، وخاصة الجيل الشاب، المفترض أن يكون هو عراب للتغير تجاه الأفضل والأحسن وحامي الديمقراطية وحرية الرأي و التعبير.

إن حماية المؤسسات الوطنية، وبخاصة الجامعات مهمة تقع على عاتق المجتمع لفلسطيني وخاصة الشباب، وذلك عبر تجسيد لغة الحوار بعيدا عن التشنجات الحزبية والفصائلية، والابتعاد عن استخدام الجامعات كمنابر لتعزيز الفرقة والفكر الظلامي، وضرورة منع أي محاولة لجر المجتمع إلى تصعيد مماثل لما يشهده القطاع، لكن دون أي مساس بالحق في التعبير عن الرأي.

إن منع أي تدهور للأوضاع في الضفة الغربية على صعيد الجبهة الداخلية، باتجاه إعادة اللحمة مع القطاع، يكون عبر حماية الحريات بمختلف أشكالها، والحيلولة دون بروز أي انفلات داخلي ينقل أجواء الانقسام والاقتتال من القطاع إلى الضفة، ويقود المجتمع الفلسطيني نحو منزلق خطير.

كما أن الحفاظ على التعددية وحرية الرأي حق يجب على كل مكونات المجتمع الدفاع عنه، كي لا نفقد منجزات شعبنا الذي عانى من الاحتلال طويلا، ولكنه في كل منعطف كان يصر على أن تسوده حرية الرأي والتعددية وأن يمارس الديمقراطية.