24/1/2009

يبدو أن الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما قرر البدء بشكل فوري في الانخراط في العملية السياسية في الشرق الأوسط كما قال قبيل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، حيث عمد إلى تعيين السناتور الأمريكي جورج ميتشل المطلع على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والذي سبق وان اصدر تقريرا في العام 2001 دعا فيه إلى تجميد الاستيطان الإسرائيلي والى رفع الحصار وغيرها من التوصيات، وهو الذي سيصل إلى المنقطة الأسبوع المقبل، ليلتقي خلال جولة زعماء المنطقة إيذانا ببدء مهامه.

ورغم أهمية أن تنخرط الإدارة الأمريكية الجديدة في العميلة السياسية بفعالية وبجدية، إلا أن التطور الأهم يكمن في إذا ما واصلت العمل من حيث انتهت المفاوضات وليس من نقطة الصفر، وضغطت تجاه تحقيق هدف هذه العملية المتمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ورحيل جيش الاحتلال ومستوطنيه عن الأرض الفلسطينية، وتطبيق حل الدولتين وكذلك قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والابتعاد عن مجاراة المماطلة الإسرائيلية المعهودة الهادفة إلى التهرب من استحقاقات العملية السياسية.

أما فلسطينينا، فخلال اجتماع لجنتها التنفيذية، أكدت منظمة التحرير الفلسطينية وممثلي القوى الوطنية برئاسة الرئيس محمود عباس، عدم استعدادها للدخول في مفاوضات سياسية جديدة إذا لم تتم على أُسس جديدة واضحة تبدأ أولاً بالوقف الشامل والتام للاستيطان في القدس وسائر أنحاء الضفة الغربية، وتؤدي إلى إنهاء الاحتلال عن جميع الأراضي المحتلة عام 1967 وفق اعتماد مبادرة السلام العربية التي تتضمن في عناصرها جميعها قرارات الشرعية الدولية، لافتة إلى أن هذا الموقف الجديد، يحرص على عدم العودة إلى الدوامة الماضية وإلى إفقاد شعوبنا كلها أية ثقة في عملية السلام.

إن هذا الموقف الجديد، الضروري التمسك به، هام لجهة عدم الدخول مرة أخرى في دوامة مفاوضات دون تحديد موقف زمني وهداف واضح لها، والحيلولة دون الانجرار وراء سياسية المماطلة والتسويف الإسرائيلية، إلا أن الأهم هنا هو القدرة على إقناع المجتمع الدولي، بل والحصول على دعم الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لهذا الموقف، وهو ما يتطلب عدة عوامل ذاتية وإقليمية قادرة على أن تجعل من الموقف الفلسطيني قوي بما فيه الكفاية لمواجهة التحديات، وكفيل بإنجاح أي مفاوضات سياسية قادمة وإنهاءها ضمن سقف زمن وبأهداف محددة.

وكي يتحقق ذلك، فان مطلب الوحدة الوطنية وتحقيقها عبر حكومة توافق وطني، تعمل على التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية وفق التمثيل النسبي، ليقول الشعب كلمته وموقفه تجاه كل ما يجري على الساحة، تصبح أكثر إلحاحا، بل وواجبا للتصدي للمرحلة المقبلة ومتطلباتها والتحديات التي تواجه شعبنا، ليس اقلها إعادة اعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

كما أن عملا عربيا مشتركا في هذا المجال، وبشكل حثيث مع إدارة الرئيس الأمريكي أوباما ، يمثل رافعة فعالة لإحداث التوازن في السياسية الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وصولا لتحقيق أهداف المفاوضات والعملية السياسية، التي لا يجب أن تبقى مستمرة دون أن تثمر عن أهداف تحقق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وهو بالطبع ما يستدعي تنسيقا فلسطينيا مع الدجل العربية كافة، وخاصة ذات التأثير وتلك التي لديها علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وكذلك صاحبة تأثير، فالعمل العربي الجماعي أثبت قدرته على التغيير في السياسية الدولية وإحداث التأثير المطلوب.

كما أن العمل الفلسطيني العربي تجاه تطوير الموقف الأوروبي نحو هدف إنهاء الاحتلال والوصول للأهداف المرجوة من العملية السياسية دون مماطلة أو تسويف، واستثمار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، لتتحرك دوله تجاه إدارة أوباما وحثتها على الانخراط بشكل فاعل ومؤثر والضغط على حكومة إسرائيل كي تنفذ ما يمكن أن ينهي الصراع ويجلب الاستقرار للمنطقة، أي إنهاء الاحتلال والانسحاب من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 ليتسنى للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وان يقرر مصيره بأيديه.

وحتى لا يصبح تحرك الإدارة الأمريكية الجديدة العاجل، من خلال تعين ميتشل مبعوثا قفزة في الهواء، فان الدفع تجاه الشروع فورا في عملية سياسية تنهي الاحتلال تحت سقف زمني وبضمانات دولية، مع إلزام إسرائيل بالتجميد تام للاستيطان، هو كفيل بأن يثبت بأن إدارة أوباما جادة في إنهاء الصراع والتدخل لإنهاء الاحتلال، وربما يعيد للعملية السياسية مصداقيتها.

بقلم: مفتاح
المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية / مفتاح