28/12/2009
بقلم: مفتاح
أيام معدودات تفصلنا عن ختام عام 2009، لم يكن الختام مسكا ً كما لم تكن البداية بشراً، هذه هي هدايا إسرائيل لنا في أعيادنا مع بداية ونهاية كل عام، إذ أرغمتنا على استقبال عام 2009، بقبور مفتوحة، ودموع على فراق الأحبة، وجراح لم تلتئم بعد، عام بدأ على جرائم حرب في غزة، انتهت باستشهاد حوالي 1400 شخص معظمهم من الأطفال والنساء، وآلاف الجرحى والمعاقين، ودمار طال كل نواحي الحياة، ومازالت آثاره ماثلة حتى الآن، فلا وعود بالأعمار تحققت، ولا حصار رُفع أو خفف.
عام كان الأصعب والأسوأ بجدارة، على كل المستويات، فإسرائيل أبت أن تنهيه إلا بسيل الدماء الفلسطينية، في نابلس وغزة، بالعودة إلى سياسة الاغتيالات والإعدام المباشر بدم بارد أمام أعين الأطفال والنساء، دون أي اعتبار لحقوق إنسانية أو دولية، تحقيقاً لبرنامجها السياسي اليميني المتطرف، باستباحة الدم الفلسطيني كما استباحة الأرض والحقوق الفلسطينية، والتنصل من الاستحقاقات الدولية، للهروب من أي خطوة اتجاه أي عملية سلمية في الأفق.
عام جديد في سلسة المسيرة الطويلة لكسب الرأي العام الدولي من أجل الاعتراف بالحق الفلسطيني ورفع الاحتلال، لكن وأنى لنا التغيير!، ما دمنا على انقسامنا، واختلافنا وضعفنا، فمازلنا بحاجة ماسة لرأب الصدع الداخلي، وتحقيق الوحدة الوطنية، وإلا فعلينا أن ننسى أمر تغيير الرأي العام الدولي، طالما أن طلاقنا الجغرافي والسياسي على حاله، والإرادة السياسية لتحقيق المصالحة الوطنية مفقودة فعلياً.
عام مضى على تعطل الحياة الديمقراطية، فلا انتخابات تشريعية ورئاسية في وقتها المحدد، ما انعكس علينا وأعادنا للوراء، إلى سياسة التعيين، وتيسير الأعمال في المجالس البلدية، خاصة بعد أن أناط المجلس المركزي الفلسطيني في اجتماعه الأخير الانتخابات بإنجاز المصالحة مع حماس، الأمر الذي يلغيها إلى أجلٍ غير مسمى، بعد أن أضحى الانقسام واقع بتنا نعتاد عليه.
وفي كل عام يخلف الأمل موعده مع الفلسطينيين الذين يعيشون على الأمل بغدٍ أفضل وعام أمثل، بعيدا ًعن واقعهم الذي تفرضه آليات جيش الاحتلال، التي تواصل مصادرة أراضيهم من أجل ضمها داخل الجدار الضم والتوسع، ومن أجل بناء المستوطنات، وتواصل عمليات الهدم والطرد، وسحب الهويات، والتطهير العرقي بحق المقدسيين، وتنتهك الحرمات المقدسة.
عام مضى والفلسطينيون يحلمون بحرية أسراهم من سجون الاحتلال، الذي يتلكأ في صفقة التبادل بين الأسرى الفلسطينيين، والجندي الإسرائيلي.
عام لم تدخر فيه إسرائيل أي وسيلة للتضييق على الفلسطينيين، والتنغيص على حياتهم، في ظل صمت عربي ودولي، يعجز عن التدخل، لتغيير الأمر الواقع وإنهاء الاحتلال، والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ومحاسبة إسرائيل وملاحقتها قضائياً وقانونياً على جرائمها أمام العدالة الدولية.
فإذا ما تغير هذا العام، عندها قد يتمكن الفلسطينيون أن يتفاءلوا بعام جديد، حتى إن لم يصدقوا أنفسهم بهذا التفاؤل، أمام كل ما سلف، لكنهم في نهاية المطاف، يأملون كما دوما ً أن تخطئ توقعاتهم.
المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية / مفتاح