7/11/2009

يتصاعد الجدل فى الأوساط السياسية منذ بضعة أيام حول التعديلات الوزارية المرتقبة وما سوف تأتى به من تغيير فى حقائب وزارية معينة ودمج حقائب أخرى، وفك إرتباط حقائب كانت مدمجة، وقد تركزت أغلب التوقعات المرتبطة بهذه التعديلات حول وزارات التنمية الإقتصادية والتنمية الإدارية والتنمية المحلية والبيئة والزراعة والصحة والأوقاف والبترول والعدل والتعليم والتعليم العالى والتضامن الإجتماعى والتجارة الخارجية، وفى هذا السياق يطالب المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية رئيس الوزراء بأمرين : الأول : أن تتضمن تلك التعديلات فصل ملف التأمينات الإجتماعية عن وزارة المالية فتولى المالية لملف التأمينات أضر بحقوق وأموال المؤمن عليهم و أصحاب الحقوق التأمينة حيث سهل هذا الدمج لوزارة المالية أن تقترض من أموال التأمينات ما تشاء دون حد أقصى. الامر الثانى: تغيير رئيس مجلس إدارة بنك الإستثمار القومى وأختيار رئيس آخر غير وزير المالية فقانون البنك فى مواده 5 و 6 يلزم مجالس إدارة صناديق التأمينات بوضع فوائض أموالها لدى البنك وبالتالى يصبح مجلس إدارة البنك هو المتحكم فى هذه الاموال وهو ما أتاح لوزير المالية استخدام هذه الأموال فى تمويل الموازنة العامة وسد أى عجز بها، كما حاول وزير المالية أن يهدر استقلالية موازنة التأمينات الأجتماعية وحاول جعلها جزء ا من الموازنة العامة للدولة حيث قام فى 2006 بموجب قراره رقم 262 بتعديل المادة 218 من اللائحة التنفيذية لقانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1963 حيث جعل إيرادات التأمينات جزء من إيرادات الموازنة العامة، وجعل مصروفات التأمينات جزء من مصروفات الموازنة العامة للدولة، وإستمرار هذا التشابك والدمج بين ملف التأمينات، ووزارة المالية، وبنك الإستمار جعل الدائن والمدين والوسيط شخص واحد بالرغم من تعارض المصالح بين هذه الوظائف المختلفة التى تستلزم كل منها توفير ضمانات لإستقلالها عن الأخرى.

واستمرار هذا التشابك لم تحذر منه فقط لجان الدفاع عن حقوق أصحاب المعاشات بل ذهبت بعض الدوائر الحكومية أيضا فى أبحاثها ودراساتها إلى التحذير من استمرار سيطرة وزارة المالية على ملف التأمينات وعلى بنك الاستثمار القومى ومنها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء ذاته فى دراسة صدرت فى يناير 2006 بعنوان “إصلاح نظام المعاشات فى مصر الخبرات والخيارات” حيث جاء فى الملخص التنفيذى تحت عنوان ملاحظات ختامية ص 14 ” تسببت العلاقة التشابكية بين صناديق المعاشات وبنك الإستثمار القومى والموزانة العامة فى إفراغ النظام التأمينى المصرى من جوهره وتحوله إلى نظام توزيعى عوضا عن كونه نظاما تراكميا قادر على الوفاء بالتزاماته …”

والمركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية إذ يطالب رئيس الوزراء بإحداث وتبنى هذه التعديلات الجوهرية دعما وحماية لأموال التأمينات والمعاشات وانتصار للملايين من أبناء الشعب المستفيدين من هذا النظام التأمينى فالأمر لا يتعلق بالأشخاص بقدر ما يتعلق بالسياسات والمصالح لذلك تثور الشكوك فى ظل استمرار حالة التشابك هذه ليس فقط حول أمان هذه الاموال، وإنما أيضا حول قدرة الحكومة على سداد ما اقترضته منها حتى الآن من ناحية ،وعلى مستقبل النظام التأمينى فى مصر من ناحية أخرى

كما أن هناك تساؤلات حول ما يحيط بعملية الضم من مقتضيات حتمية للشفافية وما يرتبط بها من قضايا تمس صميم تعارض المصالح والاختصاصات مما يخرج القضية من نطاق الاحاديث الجانبية لأن الأمر لا يتعلق بفقدان الثقة فى وزارة المالية من عدمه ولكن يعنى أن لكل جهة أولوياتها ومسئوليتها واهتماماتها التى تستلزم ضرورة الفصل بين الأعمال والأنشطة المتعارضة لضمان الحيادية واستقلال القرار ، وكذلك تعددية الآراء التى تصب بالضرورة فى الصالح العام، وألا يتم اختزال الأمر فى وزارة واحدة أو وزير واحد خاصة أن الأمر يرتبط بحقوق الملايين من أبناء الوطن ،ومليارات الجنيهات من المدخرات الخاصة بهم فى صناديق االتأمينات الاجتماعية وما يلحق بها من فوائد ضخمة، ولن يقتصر الأمر على ذلك، وانما سوف يمتد ليشمل الأعباء والمزايا المقررة والقائمة بالفعل والخطط المستقبلية بشأنها ، وموقف الخزانة العامة للدولة كخصم بحكم ما تتحمله من أعباء وتكاليف وبحكم استخدام الموازنة العامة للدولة لجانب مهم من أموال التأمينات لتمويل العجز بالموازنة وما يحيط بكل ذلك من مقتضيات الرشاد المالى والاقتصادى وحتمياته. المركز المصرى للحقوف الإقتصادية والإجتماعية

المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية