2/3/2008
أرسل مركز الميزان لحقوق الإنسان يوم الأحد الموافق 2/3/2008 رسائل إلى السيد بان كي مون، السكرتير العام للأمم المتحدة، والسيدة لويز أربور، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والبعثات الدبلوماسية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية. تناولت هذه الرسائل الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في قطاع غزة، ودعا فيها المركز هذه الأطراف للتحرك العاجل والفوري لحماية السكان المدنيين بعد أن قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 96 فلسطينياً بينهم 25 طفلاً و 6 نساء، وخلفت أكثر من 200 جريحاً في القطاع خلال أربعة أيام. وحذر المركز من تفاقم معاناة المدنيين في ظل استمرار العقوبات الجماعية الإسرائيلية المنافية للقانون الدولي.
ونبه مركز الميزان في هذه الرسائل إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، منذ يوم الأربعاء الموافق 28/2/ 2008، تسببت في قتل فلسطيني واحد وجرح أكثر من اثنين بمعدل كل ساعة واحدة، وكان أكثر من ربعهم من الأطفال. وترافق هذا التصعيد مع العقاب الجماعي الذي تفرضه قوات الاحتلال على قطاع غزة، ما ترك سكانه عرضةً للفقر الشديد والمرض والتراجع التنموي. وحذر المركز من حدوث انتهاكات أخطر لحقوق الانسان إذا ما نفذت قوات الاحتلال تهديداتها بتوسيع العمليات العسكرية، وخاصة بعد أن وصف نائب وزير الدفاع الإسرائيلي “ماتان فيلنائي” التصعيد الواسع للهجمات “بالعملية الروتينية”.
وأشار الميزان إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد انتهكت بفظاعة وبشكل متعمد حقوق المدنيين وكرامتهم الإنسانية، الأمر الذي تشير له البيانات المتكررة لمسئولي الحكومة الإسرائيلية.
وقد أبلغت الرسائل المسئولين الأمميين والدبلوماسيين أن الاستخدام المفرط للقوة دون تمييز داخل مناطق مدنية، إضافةً إلى فشل قوات الاحتلال في التمييز بين الأهداف المدنية والمقاتيلن، قد أفضى إلى سقوط معظم الإصابات من المدنيين وهم داخل بيوتهم. فقد دمرت غارة جوية إسرائيلية بتاريخ 27/2/2008 مبنى وزارة الداخلية في مدينة غزة، قتل بسببها طفلاً رضيعاً وخلفت دماراً واسعاً في عدد من المنازل. وفي اليوم نفسه، استهدف قصف جوي آخر مجموعة من الأطفال أثناء لهوهم في صالة للأفراح غرب مدينة جباليا، فقتل طفلين وجرح خمسة آخرين. وفي يوم الثلاثاء الموافق 28/2/2008، استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي خمسة أطفال عندما كانوا يلعبون بالكرة بالقرب من منازلهم، فقتل أربعة وأصاب الخامس بجروح خطيرة.
في يوم السبت الموافق 1/3/200، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة صواريخ على منزل في مدينة غزة فقتلت 6 من سكانه بما فيهم الأبوين وولدين وأختين، ولا يزال هناك طفل مفقود تحت أنقاض المنزل المدمر. وأصابت القذائف المدفعية والصواريخ منازل ومنشآت مدنية أخرى، مما رفع حصيلة الفلسطينيين الذين قضوا من جراء الهجمات الإسرائيلية في هذا اليوم 59 على الأقل، معظمهم من المدنيين.
كما فرضت قوات الاحتلال قيوداً على حركة الإسعافات وأطلقت النار عليها مرتين على الأقل، على الرغم من إجراء تنسيق مسبق مع تلك القوات للسماح بالمرور إلى المناطق التي تسيطر عليها لنقل الجرحى. ويقبع أكثر ستين ألفاً من المدنيين في منازلهم في المناطق التي اجتاحتها قوات الاحتلال، غير قادرين على الحصول على المياه والغذاء والدواء والكهرباء بسبب رفض قوات الاحتلال الإسرائيلي السماح بمرور الطواقم الفنية إلى مناطقهم منذ يوم صباح السبت.
وأضافت الرسائل أن المستشفيات الفلسطينية قد واجهت صعوبات كبيرة في محاولتها للتعامل مع عدد الإصابات الكبير، في الوقت الذي تعاني فيه من نقص في الأدوية والوقود والكهرباء نتيجة للحصار المشدد الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي أدى أيضا إلى تعطيل أشكال الحياة المختلفة والعيش الكريم.
وقد أوضح مركز الميزان عن إدراكه بأنه خلال نفس الفترة قتلت هجمات بصواريخ محلية الصنع مدنياً إسرائيلياً وجرحت البعض، وبيد أن إطلاق هذه الصواريخ لا يمكنه أن يبرر الاختراقات الإسرائيلية المتعمدة للحمايات التي يمنحها القانون الدولي للأشخاص المدنيين والأعيان المدنية في ظروف النزاع المسلح والاحتلال العسكري. ولقد شدد المركز على أن انتهاكات قوات الاحتلال تتبع نمطاً منظماً ومتواصلاً يعود إلى سنوات قبل بداية إطلاق هذه الصواريخ.
وحث المركز مسئولي الأمم المتحدة والدبلوماسيين للقيام مسئولياتهم الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وضمان امتثال إسرائيل لمبادئ وقواعد ميثاق الأمم المتحدة وصكوك حقوق الإنسان، والالتزامات التي يرتبها عليها القانون الدولي الإنساني. فإسرائيل ملزمة بمراعاة مبادئ التناسب والتمييز والضرورة العسكرية، والامتناع عن استهداف المدنيين أو معاقبتهم بشكل جماعي. كما أنها ملزمة أيضا باحترام حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها قطاع غزة، ويتحمل المجتمع الدولي، من جهة أخرى، مسؤولية ضمان امتثالها لقواعد القانون الدولي.
وأكد المركز على هذا أنه في هذة الظروف بالذات، ظروف الطوارئ والصراع المسلح، نكون في أمس الحاجة إلى حقوق الإنسان وضمان احترامها. ودعا إلى التحرك العاجل عملاً بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية لحماية سكان قطاع غزة الذين عاشوا تحت الاحتلال والاضطهاد لأكثر من أربعين سنة حتى الآن، وذلك بسبب فشل المجتمع الدولي في تطبيق القانون الدولي.
انتهى