6/10/2009

رصد مركز “سكايز” عدداً من القضايا المرتبطة بواقع الحريات الصحافية والثقافية في الدول الأربعة التي يغطيها عمل المركز، لبنان وسوريا وفلسطين والاردن.

1- لبنان:
يشهد لبنان منذ بداية الصيف هدوءاً نسبياً، على الصعيد الأمني والسياسي رغم كلّ التعثّرات السياسية وعدم القدرة على تأليف حكومة. وكان التوتر في البلاد قد أثار هاجس الأمن الشخصي للصحافيين والمراسلين الصحافيين على وجه التحديد بصورة متصاعدة قبيل الانتخابات التشريعية التي جرت في حزيران/يونيو الماضي.

– إخلاء سبيل الصحافية غادة عيد
وشهد شهر أيلول/سبتمبر حدثاً ايجابياً تمثّل بتخلية سبيل الاعلامية في تلفزيون “الجديد” غادة عيد مقابل كفالة مالية، في الدعوى بالتهديد والقدح والذمّ التي رفعها ضدّها القاضي شهيد سلامة على خلفية اتصال هاتفي بينهما في قضية اطلاق الموقوفين في جريمة زحلة التي قتل فيها ابن عم غادة عيد نصري ماروني.

– موجة صرف موظفين في مؤسسات اعلامية
غير أن شهر ايلول/سبتمبر أقفل على تطوّر كبير أصاب الجسم الإعلامي اللبناني، تمثّل بصرف أعداد كبيرة من الصحافيين والموظفين في مؤسسات إعلامية، وسط الحديث عن إمكانية انتشار “عدوى الصرف” بين المؤسسات الأخرى.

وقد صرفت جريدة النهار (27/9) نحو خمسين محرّراً وموظفاً من الخدمة، من بينهم صحافيون لهم حضورهم الكبير في الصحافة اللبنانية وفي مسيرة الجريدة العريقة على وجه التحديد، وتحدّثت مصادر صحافية عن صرف 60 موظفاً من محطة “أم تي في” (30/9)، فيما أكدّ مسؤول في المحطة لـ”سكايز” أن ثمانية من المسرّحين فقط هم من فريق المحطة، وأن الباقين هم من العاملين في شركة “استوديو فيزيون” للانتاج.

ويسود الجسم الصحافي قلق من هذه الظاهرة، في ظلّ الحديث عن اجراءات مماثلة تعدّ لها مؤسسات أخرى، وفي ظلّ إعلان احد المسؤولين في جريدة النهار عن إمكانية صرف دفعة جديدة في المستقبل القريب.

• واعتبرت نقابة الصحافة في بيان أن “كل صحيفة تجد نفسها في مثل هذه الحال بين امرين أحلاهما مرّ، وأهون الشرّين في مثل هذه الحال عدم الاستغناء عن خدمات كل العاملين في المؤسسة، ومنهم زملاؤنا المحررون، في حال الاضطرار للتوقف الدائم عن الصدور” وإن كان البيان اكد على “وجوب التزام احكام قانون العمل في ما يتعلق بمستحقات الذين يشملهم الصرف من الزملاء الصحافيين”.

– المعتدون على الصحافية مي شدياق ما زالوا خارج اطار المحاسبة
ويحمل شهر ايلول/سبتمبر المنصرم الذكرى الرابعة لمحاولة اغتيال الصحافية مي شدياق، في الوقت الذي يبقى منفذو الاعتداء عليها خارج اطار المحاسبة. يذكر أن عبوة ناسفة استهدفت سيارة الصحافية في المؤسسة اللبنانية للارسال مي شدياق وتسببت ببتر ساقها ويدها اليسرى واصابتها بجروح مختلفة، وقد وقع الانفجار في 25/9/2005 شمالي العاصمة بيروت.

2- سوريا:
تشهد سوريا منذ مطلع الصيف اشتداداً للقبضة الأمنية على الحريات، تواصلت في شهر ايلول/سبتمبر، وقد نددت منظمة “مراسلون بلا حدود” باشتداد “قبضة السلطات منذ أوائل الصيف، إذ نفذت وزارة الإعلام موجة من الاستدعاءات والتوقيفات طالت المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحافيين (…) كما تضاعفت عمليات إقفال المكاتب والاستدعاءات، مما أثار استغراب الصحافيين الذين باتوا يشعرون بمزيد من الاضطهاد يوماً بعد يوم.”

– الحكم بسجن مدوّن سوري شاب ثلاث سنوات
أصدرت محكمة أمن الدولة العليا بدمشق (13/9) حكماً بسجن المدون السوري كريم أنطوان عربجي ثلاث سنوات بتهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة”، وذلك على خلفية كتاباته مقالات انتقد فيها السلطات السورية، ونشرها في منتدى أخوية الإلكتروني.

• وقال المحامي والناشط السوري محمد مصطفى تعليقاً على هذه القضية في اتصال أجراه معه مركز “سكايز”: “إن هذه التهمة باطلة ولم ينل عربجي محاكمة عادلة كزملائه، وبات النظام يتعامل مع أي حركة شبابية أو مدنية بمزيد من القمع، إن الانتقام من الحراك السياسي والمدني في سوريا يدفع النظام إلى اتهام أي ناشط بتهمة نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة”.

– اغلاق “المركز السوري للاعلام”
أغلقت السلطات “المركز السوري للاعلام” الذي يديره مازن درويش (13/9)، وكان المركز قد انتقد سياسة المنع الشفهي للبرامج والصحف التي ينتهجها وزير الاعلام محسن بلال.

• وقال مدير “المركز السوري للاعلام” مازن درويش لمركز “سكايز” ان اغلاق المركز في هذا التوقيت يأتي تتويجاً لمرحلة جديدة من الضغوط المستمرة التي يواجهها منذ تأسيسه في نهاية العام 2004، هذه المرحلة الجديدة بدأت في شهر شباط/فبراير الماضي عندما اصدر المركز دراسة بعنوان ( اشكالية المنع من السفر في سورية ) و تصاعدت مع اصدار التقرير السنوي الثالث حول حالة الاعلام و الحريات الصحفية في سورية بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافي في الثالث من أيار/مايو وحمل التقرير عنوان “صمت الاقلام وضجيج الرقابة” لتصل الى اغلاق مقر المركز بعد حملة الكشف عن قرارات منع توزيع الصحف الشفهية الصادرة عن وزير الاعلام”.

واعتبر درويش اغلاق المركز “ضربة موجعة لم تكن في الحسبان” وأكد ان المركز سيطلق موقعاً جديداً يقدم من خلاله الدعم القانوني والمهني للعاملين في الاعلام وحرية التعبير، اضافة الى مواصلة “رصد الانتهاكات الواقعة على الحريات الصحفية و كشفها و التشهير بها من خلال البيانات الصحفية”

– حجب موقع “سكايز ميديا”
كما حجبت السلطات السورية الموقع الالكتروني لمركز “سكايز” (14/9) عن المتصفّحين السوريين، ليصبح عدد المواقع المحجوبة في سوريا 241 موقعاً وفق المركز السوري للاعلام، من بينها 49 موقعاً كردياً و35 موقعاً معارضاً و22 موقعاً لبنانياً و15 موقعاً لمنظمات حقوقية، و9 مواقع ثقافيّة.

• وكانت لجنة حماية الصحافيين صنّفت سوريا في المركز الثالث عالمياً في لائحة الدول الأشد قمعاً للصحافة الاكترونية في العالم عام 2009 بعد بورما وايران (30/4/09).

– صدور حكم قضائي جديد على جريدة “الوطن”
أصدرت محكمة سورية حكماً بتغريم رئيس تحرير صحيفة “الوطن” وضاح عبد ربه ومدير التحرير جورج قيصر لينضم الى سلسلة الاحكام الصادرة مؤخراً على الصحيفة، على خلفية مقال يتهم كتاباً سوريين بأنهم “سفراء لإسرائيل”. • واعتبر عدد من الذين كسبوا الدعاوى القضائية على جريدة الوطن ان هذه الاحكام أنصفتهم وجعلت الكثيرين يفكّرون قبل القاء تهم التخوين جزافاً، فيما رأى مدير “المركز السوري للاعلام” مازن درويش ان هذه الاحكام أتت “في سياق قضائي طبيعي، ولا أظن أنه يمكن اعتمادها كمؤشر على وضع الحريات بالمعنى العام”.

3- فلسطين:
تتواصل في كلّ من الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة انعكاسات صراع الاخوة على العمل الصحافي، في الوقت الذي يواجه الصحافيون في الاراضي المحتلّة اعتداءات مسلّحة لدى تغطيتهم النشاطات الاستيطانية والتظاهرات الاحتجاجية الاسبوعية على الجدار الفاصل الذي يقضم مساحات متزايدة من الضفة الغربية.

– اعتداءات مسلّحة
لم تسجّل في الضفة الغربية الخاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، ولا في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة “حماس” منذ صيف 2007، أي اعتداءات مسلّحة على الصحافيين.

وسجّلت حالتان من هذا النوع في المناطق التي يحتّلها الجيش الاسرائيلي. فقد أطلق الجنود الاسرائيليون الرصاص الحيّ عمداً على المصورَيْن الصحافيَيْن حمودة سعيد عميرة ودافيد ريد (4/9) في قرية نعلين من دون سابق إنذار وهما يرتديان الزي الخاص بالمصورين الصحافيين، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على فريق “الجزيرة” (باللغة الانكليزية)، وذلك أثناء تغطية التظاهرة الأسبوعية ضد “جدار الفصل العنصري”، كما أصيب مصوّر وكالة “رويترز” عبد الرحمن قوصيني بأربع قنابل غاز أطلقت عليه عمداً أثناء تغطيته مسيرة سلمية احتجاجاً على اعتداءات المستوطنين اليهود على اراضي الفلسطينيين في قرية عراق بورين المحاذية لمستوطنة ايتسهار جنوب نابلس (25/9).

– احتجاز/استدعاء/اطلاق سراح
في الضفة الغربية، احتجزت السلطات الفلسطينية 3 صحافيين هم: موزّع صحيفة الحال نوفل أبو كشك في نابلس (2/9)، والصحافي في فضائية “الأقصى” أسيد عمارنة في بيت لحم (5/9)، والمدير الإعلامي لمكتب نواب حركة “حماس” في مدينة رام الله الصحافي مراد أبو البهاء (24/9) من منزله في بلدة بيتونيا القريبة من رام الله، بعد أقل من شهر على إطلاق سراحه. وقد عادت السلطات الفلسطينية وأفرجت عنهم في فترات متفاوتة.

وفي المقابل أفرجت الاجهزة الامنية التابعة للسلطة الوطنية عن أربعة صحافيين اعتقلوا في وقت سابق وهم: مدير فضائية “الأقصى” في الضفّة الغربية محمد اشتيوي (2/9) بعد ثلاثة ايام على استدعائه، واياد سرور (9/9) بعد عام على اعتقاله، ومدير مكتب اذاعة “الحقيقة الدولية” ومراسل موقع “إسلام أون لاين” قيس أبو سمرة (18/9) بعد 88 يوماً على احتجازه وسوء معاملته، ومراسل فضائية “الاقصى” طارق أبو زيد (21/9) بعد 32 يوماً على احتجازه وسوء معاملته. ويذكر أن مبادرة لتبادل اطلاق المعتقلين السياسيين بين “فتح” وحماس” قد انعكست ايجاباً على أوضاع الصحافيين المحتجزين لدى الطرفين.

وفي غزّة، افتتح شهر ايلول/سبتمبر باعتقال الاجهزة الامنية التابعة للحكومة المقالة للصحافي في شبكة تلفزيون “معاً” ابراهيم قنن، والتحقيق مع مدير مكتب وكالة “معا” عماد عيد.

ومن جهة اخرى أفرجت الاجهزة الأمنية في غزة عن مراسل صحيفة “الاتحاد” الاماراتية و”القدس” الصادرة في القدس، الصحافي الفلسطيني علاء المشهراوي (7/9)، بعد 22 يوماً على احتجازه وسوء معاملته.

وتصدّرت المناطق الواقعة تحت نفوذ الاحتلال الاسرائيلي لائحة اعتقال الصحافيين، اذ تمّ تجديد اعتقال النائب عن كتلة حركة “حماس” الصحافي الفلسطيني نزار عبد العزيز رمضان (14/9)، المعتقل منذ 25 أيلول/سبتمبر 2005، والذي أنهى فترة اعتقال إداري دامت ستة شهور. وكان من المقرر الافراج عنه قبل أسبوع ، بعدما برّأته المحكمة نفسها يوم الثلاثاء 8 أيلول/سبتمبر من التهم الموجهة إليه.

كما جددت سلطات الاحتلال الاعتقال الاداري مرة ثانية ولستة أشهر جديدة، بحق الباحثة الحقوقية والكاتبة في مجال الأسرى رجاء نظمي الغول (أم قيس) من مخيم جنين في الضفة الغربية (30/9)، وردت طلب المحامين الافراج عنها. وكانت القوات الاسرائيلية اعتقلتها في المرة الاخيرة في 31 آذار/مارس الماضي.

واعتقلت قوات الاحتلال في مدينة القدس الصحافي والناشط فادي عيسى الرجبي (9/9)، والمصور الصحافي (25/9) هيثم الخطيب، خلال مسيرة احتجاج سلمية في قرية بلعين.

• ولم تستغرب الصحافية نائلة خليل (صحافية مستقلة تعمل مع مركز “سكايز” من رام الله- مؤلفة دراسة بعنوان “الاعتقال السياسي تصفية حسابات بين فتح وحماس”) الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال، غير أنها أسفت لاستمرار انعكاس صراع الأخوة على العمل الصحافي، ولعدم تحوّل مبادرة تبادل المعتقلين السياسيين بين “فتح” و”حماس”الى واقع على الارض “فلم يتمّ حتى الآن تبييض السجون من المعتقلين السياسيين لدى الطرفين رغم الافراج المتبادل عن البعض ذرّاً للرماد في العيون، كما ان التوقيفات والمضايقات مستمرّة وإن كان بعض ضحاياها يطلبون عدم إثارتها خوفاً من اجراءات انتقامية”.

واضافت “تعتقل السلطة الوطنية الفلسطينية مراسلي “الأقصى” وجريدة “فلسطين”، وهم أشخاص لهم صفة الانتماء الى حركة “حماس” اضافة الى صفتهم الصحافية، لكن التحقيقات لم تظهر مرّة ارتباط هؤلاء الذين يعتقلون ويتعرضون لسوء المعاملة بأي تهمة أمنية، وهذا يضعف برأيي موقف السلطة”.

كما أشارت الى وجود اجراءات مماثلة و”مسح أمني” أيضاً للصحافيين والموظفين العامين في قطاع غزّة الذي تسيطر عليه حركة “حماس” منذ صيف العام 2007.

– منع الصحافيين من القيام بعملهم
منعت الشرطة الاسرائيلية (27/9) الطواقم الصحافية من دخول الحرم القدسي الشريف لتغطية أحداث اقتحامه من قبل الشرطة والمستوطنين اليهود في “عيد الغفران اليهودي”.

– المنع من السفر
سجّلت في قطاع غزّة حالة منع من السفر بحقّ رئيس تحرير مجلة “سياسات” ومدرِّس العلوم السياسية في جامعة الأزهر الكاتب والروائي الدكتور عاطف أبو سيف، بمنعه من السفر إلى الولايات المتحدة الاميركية (10/9)، تلبية لدعوة رفيعة المستوى تلقاها للتدريس والمشاركة ككاتب وأكاديمي في جامعة براون، وأبلغه مسؤولو الجهاز أن اسمه ما زال موجوداً على لائحة الممنوعين من السفر.

4- الاردن
تطغى في الأردن ظاهرة منع الكتب على غيرها من قضايا حريّة التعبير، وقد تكثّفت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة. غير أن شهر أيلول/سبتمبر لم يسجّل أي حالة منع جديدة.

• وقال رئيس رابطة الكتّاب الاردنيين ونائب الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب في اتصال اجراه معه مركز “سكايز” إن عدم وجود حالات منع كتب خلال شهر أيلول ربما يعود الى امور عدّة مجتمعة من بينها “التغيير الذي حصل في ادارة المطبوعات مما أدى الى تعذّر منع الكتب من خلال اجتهادات غير سليمة”.

ووضع قبيلات هذا “الانفراج” ضمن “ثمار الحملة التي تمّت قبل سنة ضد منع الكتب وتقديم الكتّاب الى المحاكم بواسطة دائرة المطبوعات” مشيراً الى “كلام ايجابي” من وزير الاعلام نبيل الشريف حول هذه القضية ومتمنياً ان يكون رفض المنع “دائماً ومستمراً”.

غير أن قبيلات أشار الى “تطور خطير يجب وقفه”، وهو قيام مدير المطبوعات الحالي بتحويل الكتب الى المفتي لمراقبتها، “وهو برأينا لجوء الى جهة غير مختصّة ومحاولة نقل الجو الثقافي الأردني الى ما يشبه الجو الموجود في بعض الدول العربية الاخرى حيث نرى أن رجال الدين يعملون كمراقبين على الادب بدلاً من رجال الفكر المتخصصين والمخولين بذلك”.

وفي معرض إجابته عما إذا كان التقارب بين الدولة والاحزاب الإسلامية انعكس ضغطاً على الثقافة إرضاءً لهذه الأحزاب، قال: “لا أعتقد ذلك، فالرقابة اليوم على الكتب مصدرها أشخاص متزمتون من خارج الاحزاب”.

مركز “سكايز” للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية
للاتصال:
هاتف وفاكس (بيروت): 01-397334
بريد الكتروني:samirkassirmedia@gmail.com