21/3/2005

ضابط سوري قدم معلومات للجنة ، واتهام صريح للأجهزة اللبنانية والسورية بإخفاء أدلة ، وتوصية بتشكيل لجنة دولية بقرار من مجلس الأمن للتحقيق مع مسؤولين سوريين ولبنانيين دون أي اعتبار للموقع الوظيفي !

كشفت مصدر ديبلوماسي فرنسي في باريس يوم أمس عن أن اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول ظروف وملابسات اغتيال الرئيس رفيق الحريري ستضع بين أيدي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ، بعد عودته من الجزائر حيث من المقرر أن يحضر الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربية اليوم ، معلومات ” ستشكل صدمة كبيرة للنظام السوري وحلفائه في لبنان ” .

وقال المصدر ” إن التوصيات التي سيتضمنها التقرير ، والتي من شبه المؤكد أن يأخذ بها مجلس الأمن بعد تحويلها له من قبل الأمين العام ، سيكون من شأنها إذا ما حولها المجلس إلى قرار رسمي أن تضع النظامين السوري واللبناني في وضع قانوني شبيه بوضع قادة صرب البوسنة ، وليس من المستبعد أبدا أن يصبح بعضهم جيرانا لميلوسوفيتش ” !

وعلى صعيد التفاصيل ، قال المصدر الذي تسنى له الاطلاع على مسودته ، سيؤكد التقرير على :

  • ” أن الأجهزة الأمنية اللبنانية عملت منذ اللحظات الأولى للانفجار على طمس وإخفاء العديد من العناصر بقصد تضليل التحقيق وحرفه عن مساره الطبيعي ” ؛
  • ” أن الشريط الذي بثته قناة الجزيرة لمدعي القيام بالعملية أحمد أبو عدس ، وقد حصلت اللجنة على نسخة منه ، يرجح أن يكون فيه الصوت مركّبا على صورة أبو عدس بطريقة المونتاج . بمعنى أن الصورة له والصوت لغيره ” !
  • ” أن أحمد أبو عدس ، طبقا للمعلومات التي حصلت عليها لجنة التقصي من ذويه ومن مصادر أخرى ، كان معتقلا في سورية خلال شهر شباط / فبراير الماضي ” . ومن المعلوم أن ” المجلس ” كان أول من كشف عن ذلك في تقريره الصادر بتاريخ الرابع من الشهر الجاري حول قصة شريط ” قناة الجزيرة ”
    ( انظر الرابطين التاليين :
    http://www.elaph.com/elaphweb/Politics/2005/3/45308.htm

    http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=32836 )

  • ” أن هناك نفقا بالفعل يربط بين أوتيل السان جورج والملحق التابع له في الجهة الأخرى من الطريق ، بعكس ما ما ادعت أوساط رسمية لبنانية نفت وجوده ” ، وأن هذا النفق ” جرت محاولات أمنية لبنانية حثيثة لطمس وتخريب المعالم التي تشير إلى وجوده في طرفيه ( من جهة الأوتيل وجهة الملحق ) ..” .
  • ” أن العبوة المتفجرة وضعت في النفق المشار إليه ، وتم تفجيرها سلكيا ، وليس بواسطة سيارة مفخخة ” .
  • ” أن المادة المتفجرة مباعة إلى عدد من الجيوش الشرق أوسطية التي تعتمد على السلاح الأوربي الشرقي ، وبشكل خاص روسيا ، ومعها كوريا الشمالية التي تعتمد المواصفات والمقاييس الصناعية نفسها المستخدمة في البلدان المشار إليها ” .
  • ” أن المادة المتفجرة هي في الواقع مادتان ممزوجتان معا ” .
  • ” أن بعض المعلومات الهامة جدا حصلت عليها اللجنة من ضابط سوري التقته سرا في بيت معارض لبناني كبير خارج بيروت . وقد تولى هذا الأخير تأمين إحضاره بطريقة أمنية معقدة قام بها الحرس الشخصي لهذا

    المعارض من أجل الاجتماع برئيس اللجنة الضابط الإيرلندي فيتر جيرالد ، وبحيث يكون الضابط محميا تماما من مراقبة أجهزة الأمن السورية واللبنانية ” .
    وفيما يتعلق بالتوصيات التي خلص إليها التقرير ، أشار المصدر إلى أن مسودته تضمنت بشكل صريح توصية بتشكيل لجنة دولية كاملة الصلاحية ” ، وهو بالتعبير القانوني ” لجنة لها صلاحيات ودور قاضي التحقيق في محكمة الجنايات الدولية ” .
    إلا أن هذا يبقى من صلاحيات مجلس الأمن الدولي .

    وعلى الأرجح إن هذا ما سيطالب به كوفي عنان في تقريره الذي سيعده لصالح المجلس إذا ما كانت الولايات المتحدة وفرنسا ، ومن ورائهما بقية الدول الأوربية ، مصرتان على المضي في القضية إلى نهايتها المنطقية المفترضة .

    وردا على سؤال وجهناه للمحامي الفرنسي وليم بوردون ، الأمين العام السابق للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمتخصص في القضايا الجنائية ، حول صلاحية اللجنة المذكورة في حال صدر قرار من مجلس الأمن بتشكيلها ، قال بوردون ” إن اللجنة يكون لها في هذه الحالة صفة قاضي التحقيق في محكمة الجنايات الدولية . الأمر الذي يعني أنه سيكون لها صلاحيات التحقيق مع أي شخص ترى في التحقيق معه فائدة من شأنها المساعدة في الوصول إلى حقيقة مدبري الجريمة ومنفذيها ، بغض النظر عن مواقعهم الوظيفية ، سواء داخل لبنان أم خارجه ” .

    وأضاف بوردون : ” لكن ، هذا من غير المنطقي أن يكون إلا في إطار تشكيل محكمة تتولى القضية بمراحلها كافة ، بدءا من التحقيق وانتهاء بإصدار الأحكام ، مرورا بإصدار استنابات وأوامر اعتقال بحق من يراه المدعي العام في المحكمة ضالعا في الجريمة .

    وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة ترفض الاعتراف حتى الآن بمحكمة الجنايات الدولية ، فالأرجح هو أن يتم تشكيل محكمة خاصة بالقضية على غرار المحاكم التي تولت قضايا الإبادة الجماعية في بعض البلدان الإفريقية كرواندا . وليس من المستبعد أن تعطى المحكمة صلاحية التحقيق في جرائم أخرى سابقة ” .

    السؤال المطروح الآن : من هي الشخصيات المرشحة للمثول أمام لجنة التحقيق في حال تشكلت محكمة من هذا النوع ؟

    يقول المصدر الفرنسي : ” إن قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية كافة ، فضلا عن وزير الداخلية سليمان فرنجية ، سيكونون أول من يمثل أمام اللجنة .
    أما بالنسبة للشخصيات السورية ، فإن العميد رستم الغزالي قائد جهاز المخابرات السورية في لبنان ، والعميد جامع الجامع ، مسؤولها في بيروت ، سيكونان في طليعة من سيتم التحقيق معهم .

    لكن وبالنظر إلى أن الشخصين المذكورن تابعان لقيادة عليا ، فإن قيادتهما في دمشق ستخضع للاستجواب أيضا ” .

    وجوابا على سؤال يتعلق بإمكانية أن يشمل التحقيق شخصيات أخرى خارج جهاز الأمن السوري ، قال المصدر ” إن المعلومات المتوفرة لدى لجنة التقصي تفيد بأن العقيد ماهر الأسد ، شقيق الرئيس السوري ، كان لديه علم مسبق بالجريمة على هذا النحو أو ذاك .

    وبناء عليه ، فإنه ليس من المستبعد أن يكون في رأس قائمة المشتبه بهم بالضلوع في الجريمة ” .

    وختم المصدر قائلا : ” إذا ما جرت الأمور على هذا النحو ، وهذا ما نتوقعه بقوة ، فإن المحكمة قد تكون كافية بذاتها للإطاحة بالنظام السوري ، أو على الأقل تغيير جوهره حذريا بحيث لا يتبقى منه على رأس عمله إلا إلا الرئيس السوري فقط ” !

    يشار إلى أن الوثائق التي حصل عليها ” المجلس ” ، والتي تثبت وجود أحمد تيسير أبو عدس رهن الاعتقال في سورية قبيل حدوث الجريمة ، قد جرى تسليمها أصولا إلى اللجنة المذكورة وإلى جهات فرنسية وبريطانية وأميركية معنية بالأمر ، وجرى التعاطي مع هذه الوثائق باهتمام بالغ من قبل هذه الجهات .

    ذلك لأن هذه الوثائق ، وبعد إخضاعها للتدقيق الفني اللازم من قبل الجهات المعنية ، ستصبح جزءا من المستندات والقرائن التي ستوجه التحقيق ، وربما دليل الاتهام الأساسي لجهات معينة في سورية