18/5/2006

بيان صادر عن حركة القوميين العرب

إن الخطاب القومي العربي، إذ يؤكد على الوحدة والتحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية كأهداف، فإنه مرهون أيضا لصِيَغ الحرية وحِراكها الكاشف لهذا الخطاب عن معالم الطريق كما يفهم هذه الحرية كضرورة إنسانية لا غنى عنها لحركة الفكر والرأي والاعتقاد، وما يتبع لها من أشكال التعبير بالإضافة إلي حرية الانتقال والعمل والانتماء، وبما تتضمنه هذه الحريات من ممارسات حيوية لضرورة بناء المجتمع وارتقائه وتمكينه من امتلاك قوة قادرة على صون الوطن وصون حقوق أفراده، وإن افتقار الجماعات السياسية الناشطة على ساحة الوطن إلى غائية هذا المفهوم عن الحريات لإقامة المجتمع العادل، قد أدخل مجتمعاتها في دائرة التشويش، حيث لم يعد المواطن العادي فيها، ولا حتى من يعتبر ذاته مثقفا، بقادر أمام تجاذبات الإعلام الملحق بالدوائر( الأورو أمريكية ) ومشاريعها، وتعميمه للمفاهيم المغالطة على تبيان الحقيقة، فصار الاحتلال مع قدوم الغزو 2003 إلى العراق تحريرا والتخريب بناء ومطاردة أفراد الشعب على تنوعاتهم بشوارع المدن والأرياف وقتلهم على الهوية وتفجيرهم أو سجنهم حرية وتطهيرا للمجتمع ومكافحة للإرهاب.

وكان يرجوا العروبيون من هؤلاء المثقفين على اختلافهم، تبنّي رؤية عقلانية محايدة اتجاه الوطن مغايرة لما يُروج وإلى التخلّي عن الأحقاد القديمة والنزعات الثأرية، التي تفاعلت أسبابها نتيجة أخطاء صاحَبت مراحل تجربة بناء الدولة الوطنية، بما يتطلب منهم العودة بالخطاب الوطني إلى أحكام العقل، والابتعاد عن التهويل والاتهام والتحريض والانجرار إلى مزالق الانخراط في الدعوات المتلاحقة المقرّّرة من الدول الكبرى ومن هيئات دولية تابعة فقدت مصداقيتها: المستهدفة المنطقة وخاصة العراق وفلسطين وسوريا ولبنان: لمحاصرة وتفتيت الوطن.

وأن يتم البحث في الأخطاء استنادا على أولوية بقاء الوطن، لتلمّس الثغرات واكتشاف العوائق، التي تحول دون قيام مجتمع الإنتاج والمواطنية، انطلاقا من بديهية أن التردي الاقتصادي الاجتماعي والثقافي، والتخلف الحضاري، والفساد الإداري والمؤسساتي، هي نتائج قد صاحبت تحول مجتمع الدولة من الإنتاج إلى مجتمع الاستهلاك، وهي نتائج لممارسات خاطئة ومريبة اخترقت بناء الجسم الاجتماعي في الدولة طيلة سنوات، ولا يمكن التعامل معها كأسباب نهدر الوقت فيها دون طائل ونغدق في وصفها الشتائم.

وعلى هذا فلا يمكن إيجاد الحلول للخلل المفترض في بنية الدولة إلا بالحوار الهادئ والرصين، المؤسس على أجواء الحرية. وكما تبين لنا من معطيات حوار سبق أن جرى مع “الأستاذ ميشيل كيلو”: بأنه كان قد استشف عقم الطروحات التي سبق أن اتخذها الخط المعارض للدولة والسلطة “وكان يتحدث بلغة الجمع” وأن هؤلاء قد بدأوا ينحون إلى تبني خط معارض إيجابي، يبني منظومته الفكرية على تحليل موضوعي متعمق للبنى الاجتماعية والاقتصادية وعلاقاتها وإفرازاتها السلطوية والدولتية في الساحة الوطنية، لبيان مجمل الأخطاء والحلول، بغية إيجاد اطروحات عملية مناسبة، تتجاوز نفوذ وهيمنة الأجهزة الأمنية وتصرفاتها، التي تتجه وفق بنيتها وفي معظم الأحيان إلى تجاوز مهامها، وصولا إلى مصادرة الحريات الشخصية والمحاسبة حتى على النوايا، وإغلاق الباب “من منطق مسؤوليتها في الحفاظ على الوطن” أمام أي منافذ إيجابية للإصلاح، يتم من خلالها الشروع في إعادة تركيب المجتمع الاقتصادي والسياسي لاقامة مجتمع المواطنية والعدالة، والتي على أساسها يتم خلاص الوطن.

وعلى الرغم من وجود بعض الخلاف مع “الأستاذ ميشيل كيلو”، يتعلق ببنية الدولة ومفهوم الحريات القائم على وجوب تحرر الدولة أولا، وعلى الأولوية الوطنية والقومية كضامن لصحة أي تحرك سياسي، إنما تبقى هذه ضمن آلية الاجتهاد الفكري القابل للصواب أو الخطأ، ولا تمنع من الاعتراف بحقه بالحوار لبيان صوابية ما يعتقد من آراء.

وعلى هذا فإن الحركة ومن منطلق الحفاظ على الأوطان والتصدّي لمحاولات تخريبها وتحطيم مجتمعاتها، وحيث أن المعرفة لا تناط بنوع من البشر دون سواهم أو مادة قابلة للإحتكار، فإنها ترى أن الحفاظ على الأوطان والنهوض بها، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إشاعة أجواء الحريات بما يتبعها من حرية ممارسة الحوار وحق تبادل الأفكار، بما يتطلب هذا السماح بالمنتديات الثقافية والاجتماعية، بغية إيجاد رؤية مشتركة لإقامة المجتمع الفاضل، وعلى هذ تطالب الحركة بالكف عن ملاحقة النشطاء من أصحاب الرأي، والإفراج عن “الأستاذ ميشيل كيلو” ومن هو معتقل في حكمه معه. عاش الوطن عاش الشباب القومي العربي رافع راية العدالة والكفاح من أجل الوحدة والتحرر والديمقراطية.