14/7/2008
يوم الأربعاء الموافق 21 مايو 2008 فيما بين الساعة الثامنة والنصف صباحا والحادية عشر والنصف صباحا كان رامي إبراهيم محمود محمد جالسا في لجنة الامتحان يؤدي امتحان النقل للمدارس الثانوية الصناعية نظام الخمس سنوات في اللغة بمدرسة هشام المسيري الفنية المتقدمة بتمى الأمديد محافظة الدقهلية..
قبل انتهاء الامتحان، أي أُثناء تواجد رامي في لجنة الامتحان كان أم وأب يائسان يوزعان منشورا يفيد بأن ابنهما أحمد فتحي فكري محمد رمضان الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات قد تغيب عن المنزل من الساعة الحادية عشر قبل الظهر وهو يرتدي تيشيرت أحمر وشورت أصفر.. وكان المنشور يحمل أرقاما هاتفية للاتصال في حال عثر عليه أحد.. بعد ساعات لا نعرف عددها عثر على الطفل مقتولا وملقى في جوال في الترعة.
وحيث هناك قتيل يجب أن يكون هناك قاتل.. وحيث أن البحث عن قاتل يستدعي إجراء التحريات والبحث، الأمر الذي تعتبره الشرطة المصرية في كثير من الأحيان أمرا مجهدا فإن السبيل الأسهل هو اختيار القاتل وتعذيبه في سلخانات أقسام الشرطة حتى يبدو له حبل المشنقة أكثر رحمة وأقل ألما من الضرب والتعليق والصعق بالكهرباء والتهديد بأبشع أنواع الأذية للأهل، فيعترف بالجريمة التي لم يرتكبها مثلما فعل من قبله الكثيرون من أمثال محمد عبد اللطيف في بني مزار والممثلة حبيبة وغيرهما..
لم يشفع للطالب رامي إبراهيم محمود محمد 17 سنة انه كان في لجنة الامتحانات حين اختفى الطفل أحمد فكري.. لم يشفع له شهادة الشهود وتوجيه أصابع الاتهام إلى شابين قتلا الطفل عن طريق الخطأ بدلا من طفل آخر كان هو المقصود بالقتل انتقاما من أمه بتحريض من شابة تدعى عصمت رضوان رزق وتبلغ من العمر 16 عاما لكنها مسنودة بأقارب ومعارف في الشرطة ومجلس الشعب “اتخانقت مع أم ولد تاني خالص وقالت لها هأحرق قلبك على ابنك.. وراحت أجرت ولدين (ماجد محمد إبراهيم وفاروق رضا عبد السلام: طلبة في المدرسة اللي فيها البنت) قتلوا طفل تاني هو أحمد فتحي فكري محمد، وهو ابن عمها” على حد تعبير والد الطالب..
يستطرد الأب: في الأول أخدوا الولدين والبنت وقعدوا 4 أيام.. ما تعملهمش أي محاضر.. بعدين مسكوا حوالي 25 فرد من مدرسة رامي ومن مدرسة البنت كان بينهم 3 أو 4 بنات.. فيهم اللي انضرب وفيهم اللي ما نضربش.. كلهم خرجوا في نفس الليلة ما عدا ابني.
الأم ممرضة في وحدة صحية في بلد بالقرب من تمى الأمديد، تقول:
يوم الأربعاء 28/5/2008 ضابط المباحث أحمد سليم مركز تمى الأمديد، قال لي تعالي أوري لك ابنك.. أخدوني في عربية المركز لنقطة تلبانة وقعدوني من بوم الأربع العصر لغاية الخميس (بعد عرض ابني على النيابة) على الساعة 5 كده.. ما حدش قال لي حاجة ولا عرفني أي حاجة.. رامي حكي لي بعدين إنهم وروه إني قاعدة برة وهددوه إنهم هيغتصبوني لو ما اعترفش. ودوه النيابة الساعة 3 بعد نص الليل. ابني كان فاقد الوعي.. ما كانش عارف مين اللي واقف قدامه.. زي اللي مش دريان أو واخد حاجة.. ما خلوناش نقرب له وضابط المباحث زقنا بعيد.. انا قلت للمحامي ما تفتحش محضر لابني وهو فاقد الوعي.. ابن خالي قال اعرضوه على الطب الشرعي.. دخلوه للنيابة.. المحامين طلعوا يقولوا ابنك اعترف.. قال: خبطته بالسكينة.. ليه؟ ما أعرفش. وكل ما الواد يفوق يجيبوا له كباية شاي.. وأنا ابني ما بيشربش شاي.. أكيد حاطين له فيه حاجة.. وكيل النيابة إداه 4 أيام.. تاني يوم رحت أنا والمحامي قدمت طلب بفتح التحقيق مرة تانية وسماع الشهود وعرض ابني على الطب الشرعي وتقديم مستند تواجد ابني في الامتحانات.. وكيل النيابة، عبد الحميد قدري، رفض كل طلباتنا ولا أخد ولا ورقة.. قدمت طلب للمحامي العام بإعادة فتح التحقيق. رفض بتأشيرة على الورقة.. قدمت طلب للنائب العام بإعادة فتح التحقيق.. تقرير الطب الشرعي للطفل المقتول خبوه مننا، حطوه برقم صادر غلط وحطوه جنايات السنبلاوين.. طلبنا تصوير تقرير الطب الشرعي، رفض.. فضل يقول بكره، بكره لغاية القضية ما اتحالت للمحكمة. رفضوا عرض رامي على الطب الشرعي.
رامي كان بيصرخ “من ساعة ما أخدوني من البيت وهم بيضربوني.. علقوني على الباب وأنا ي ما ولدتني أمي وينزلوا فيا ضرب”.. احنا كنا بره.. سمعنا صريخه ومعانا الأهل والجيران.. حاولنا ندخل المركز.. لفوا الواد في بطانية وغموا عنيه وودوه مركز تاني.. ضوافره اتخلعت من كتر الكهربا (الصباعين الصغيرين على الناحيتين).. اتعرض تلات مرات على قاضي المعارضات وكل مرة ياخد 15 يوم.. قاضي المعارضات كان بيثبت الكلام اللي بيقوله رامي.. كل مرة كان رامي بينكر انه قتل ويوري القاضي التعذيب.. حاليا هو في سجن انفرادي في مركز نمى الأمديد.. كل ما نجيب حد يحاول ينقله مع الناس يقولوا لهم: متوصي عليه..
احنا عمرنا ما دخلنا أقسام بوليس.. رامي طيب زيادة عن اللزوم.. المدرسة كلها بتحبه.. فيه شهود يشهدوا هو كان فين طول اليوم يوم الحادثة وفيه شهود بأنه اتعذب في المركز
عملت شكاوي لحسني مبارك وسوزان مبارك ووزير الداخلية والمجلس القومي لحقوق الإنسان ووزير العدل ومساعد وزير الداخلية وقدمت شكوى في إدارة الشكاوى بوزارة الداخلية.
تحريات مركز شرطة تمى الأمديد التي كتبها النقيب أحمد سليم تفتقد حتى إلى حبكة القصص البوليسية الهزيلة.. فبناء على ما كشفت عنه تحريات السيد النقيب فإن الطالب رامي إبراهيم قد اصطحب الطفل المجني عليه في توكتوك وتجول به في كافة أنحاء القرية بما فيها منزل عمه واشترى له كمية من الحلوى ولاعبه ثم اعتدى عليه جنسيا ثم تركه نائما وعاد إليه فلاعبه ثانية ثم اكتشف انه لا يملك رقم هاتف والديه ليطلب منهما فدية مقابل إعادته فقرر قتله بسكين أخضر طوله 25 سم ثم ألقى به في الترعة ثم أودع السكين عند أحد أصدقاءه!!!
ليس رامي إبراهيم أول من اعترفوا على أنفسهم ظلما لكي يضعوا حدا لجحيم التعذيب في سلخانات الشرطة.. كما أنه ليس أول ولا آخر من اعترفوا على أنفسهم لينقذوا أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم من تهديد الشرطة باغتصابهن.. ولن يكون أول ولا آخر من يقعون ضحية تواطؤ النيابة مع الشرطة في تحالف ينتهك أبسط القوانين والدساتير بل وأبسط أصول الممارسة المهنية، ناهيك عن المبادئ الإنسانية.
لقد أحيلت قضية رامي إبراهيم إلى محكمة الجنايات يوم الأربعاء الموافق 30/6/2008 وأخذت رقم 2390/جنايات، مركز تمى الأمديد – دقهلية.. بعد أن انتهكت الشرطة آدميته.. وتخاذلت النيابة عن ضمان أبسط حقوقه.. لم يعد أمامه سوى القضاء أملا أخيرا في تطبيق العدالة ثم تعويضه هو وأهله عن الهوان الذي لاقاه. القاهرة في 14 يوليو 2008