2/09/2007

شهد يوما الجمعة والسبت مزيداً من التطورات الميدانية في قطاع غزة، ففيما انتهت صلاة الجمعة التي دعت لها حركة فتح في مناطق مختلفة من قطاع غزة، إلى مواجهات مع بعض المشاركين في المسيرات التي تلت الصلاة في مدينتي رفح وغزة. وانتهى تفريق القوة التنفيذية لاعتصام احتجاجي على استمرار إغلاق معبر رفح البري إلى مقتل شخص وإصابة آخر. وأسفرت أحداث يومي الجمعة والسبت عن مقتل شخص وإصابة (21) شخصاً واعتقال أكثر من (60) آخرين.

وحسب التحقيقات الميدانية فقد قتل الفتى محمد فتحي أحمد قديح، البالغ من العمر (16 عاماً)، عند حوالي الساعة 6:45 من مساء يوم السبت الموافق 1/9/2007 بينما كان يشارك في الاعتصام السلمي الذي دعت له حركة حماس أمام معبر رفح البري جنوب قطاع غزة، وذلك احتجاجاً على استمرار إغلاق معبر رفح البري منذ 10/06/2007. وقامت القوة التنفيذية بإطلاق الرصاص سعياً منها إلى تفريق آلاف المتظاهرين والمعتصمين. والجدير ذكره أن آلاف المواطنين توافدوا إلى المعبر من أنحاء متفرقة من قطاع غزة، وخلال تفريق المتظاهرين أطلقت القوة التنفيذية الرصاص بكثافة قرب بوابة (JVT). وحسب المصادر الطبية فإن قديح فارق الحياة في مستشفى غزة الأوروبي بعد أن أصيب بعيار ناري في الرأس، كما أصيب يوسف الزاملي، البالغ من العمر (39 عاماً) بعيار ناري في القدم.

كما شهد يوم الجمعة الموافق 31/8/2007 أحداث عنف، خلال مسيرة انطلقت عقب انتهاء صلاة الجمعة في مدينة غزة. وكان آلاف من المواطنين لبوا دعوة من حركة فتح للصلاة في الساحات العامة عند حوالي الساعة 12:30 من ظهر يوم الجمعة نفسه، في ساحة مسجد الكتيبة غرب جامعة الأزهر بغزة ، حيث أقاموا صلاة الجمعة في العراء. وبعد انتهاء الصلاة انطلقت مسيرة باتجاه المجلس التشريعي قادمة من ساحة الكتيبة وسلكت شارع الجوازات، وكانت القوة التنفيذي منتشرة في شوارع غزة ، وعندما وصلت المسيرة إلى المجلس التشريعي ، وهناك هاجم عدد من المشاركين مقر المجلس التشريعي بالحجارة وزجاجات حارقة، فبادرت القوة التنفيذية إلى إطلاق النار في الهواء كما أطلقت قنابل صوتية. وعلى الفور قام أفراد القوة التنفيذية بتفريق المسيرة مستخدمين الهراوات وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء. وحدثت اشتباكات في مناطق متفرقة بين تجمعات من المشاركين في المسيرة وهم في طريق عودتهم، وأفراد من القوة التنفيذية، أبرزها ما حدث بالقرب من دوار (داربيه) في منطقة النصر من مدينة غزة. وقد أظهرت الفضائيات صوراً لعمليات اعتقال وضرب ومداهمة منازل قام بها أفراد القوة، وساعدهم فيها بعض الأفراد الذين يرتدون زياً مدنياً. هذا وأسفرت الأحداث عن إصابة تسعة من المشاركين في المسيرة واعتقال أكثر من (60) شخصاً على أيدي القوة التنفيذية، بالإضافة إلى إصابة صحفي فرنسي كان يعمل على تغطية الأحداث.

وفي حادث منفصل ولكن في السياق نفسه أصيب عشرة مواطنين، عند حوالي الساعة 13:20 من يوم الجمعة الموافق 31/8/2007 بعد انتهاء صلاة الجمعة، التي أقيمت في ساحة الشهداء (النجمة) في حي الشابورة في مدينة رفح. وذلك تلبية لدعوة حركة فتح للصلاة في الساحة. وعقب انتهاء الصلاة تجمع عشرات الفتية وانطلقوا في مسيرة وصلت قرب مسجد الأبرار وأخذوا يطلقون هتافات مستفزة لحركة حماس، في حين وصل عدد منهم قرب منزل مسئول القوة التنفيذية في مدينة رفح وألقوا بعض قنابل الصوت، وفجأة ألقيت – ما قيل أنها – قنبلة يدوية تجاههم ما تسبب في إصابة (10) أشخاص بشظايا من بينهم (7) أطفال.

هذا وفي تطور غير مسبوق، وزعت القوة التنفيذية بياناً أشار إلى إصدار النيابة المدنية قراراً يقضي بفرض غرامة مقدارها (1000 شيكل) أي ما يعادل حوالي (250) دولاراً أمريكياً على كل معتقل، على أن يدفع ذويه الكفالة بعد التوقيع على تعهد، وأن المبلغ المالي يسترد بعد ستة أشهر إذا التزم المتعهد بعدم ارتكاب مخالفات.

الميزان والضمير إذ يشددان على ضرورة احترام الحق في التجمع السلمي، فإنه يؤكد على أن إعمال هذا الحق مقيد بضوابط ينظمها القانون، بحيث لا تفضي التجمعات السلمية إلى الإخلال بالأمن والنظام، أو إلى التعرض للممتلكات العامة والخاصة.

كما تشدد المؤسستان على أن أحداث الشغب التي قد تحدث، لا يمكن أن تكون مبرراً لقوات الأمن لاستخدام ما تشاء من قوة، وأن القانون ومعايير الأمم المتحدة لاستخدام القوة من قبل المكلفين بإنفاذ القانون، تفرض قيوداً مشددة على استخدام القوة، وتؤكد على ضرورة أن تتناسب القوة المستخدمة مع الحدث.

عليه فإن المؤسستين تنظران بخطورة بالغة، إلى القوة المفرطة التي استخدمت في مواجهة المتظاهرين سواء في مسيرة فتح أو مسيرة حركة حماس، وأن أفراد القوة التنفيذية أبدوا قسوة مبالغاً فيها ولا يوجد ما يبررها.

كما تستهجن المؤسستين قرار النيابة المدنية فيما يتعلق بالغرامة المالية، ويرى فيه جملة من المخلفات، حيث أنها بقرارها تغتصب صلاحيات القضاء الفلسطيني صاحب الاختصاص في إصدار الأحكام وفق الأصول، كما أن إصدار أحكام وعقوبات من قبل القوة دون وجود نص قانوني، يخالف القانون الفلسطيني الذي يؤكد على أن لا جريمة ولا عقوبة دون نص. ويخالف القرار الضمانات القانونية لحقوق المتهمين، ولاسيما حق المتهمين في محاكمة عادلة يستنفذون فيها سبل الدفاع عن النفس، كما يشكل القرار إدانة وإصدار حكم بحق المتهمين دون التحقيق معهم وسماع أقوالهم.

مركز الميزان ومؤسسة الضمير إذ يدينان مهاجمة المتظاهرين لمقر المجلس التشريعي، فإنهما يستنكران استخدام القوة المفرطة والقسوة المبالغ فيها من قبل أفراد القوة، بل واستخدامها لأفراد يلبسون زياً مدنياً في عمليات اعتقال والاعتداء على المدنيين. والميزان والضمير يطالبان المسئولين عن القوة التنفيذية بالتحقيق في الأحداث لاسيما تلك التي أودت بحياة طفل في مدينة رفح، أو التي أظهرت قسوة مبالغاً فيها بحق المشاركين في مسيرة غزة، ومحاسبة كل من يثبت تجاوزه للقانون من قبل المكلفين بإنفاذه، و يشددان على ضرورة إصدار تعليمات واضحة تقيد استخدام القوة من قبلهم.

كما تدعوان إلى إلغاء القرار، القاضي بفرض غرامة، وعدم اللجوء إلى إصدار قرارات تشكل مخالفات واضحة للقانون الفلسطيني، ويدعوها إلى الإفراج عن المعتقلين، الذين يتخوف المركز من تعرضهم لأعمال تعذيب انتقامية، خاصة بعد المشاهد العنيفة التي بثتها الفضائيات.

انتهى