13/4/2008
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان تتابع بقلق شديد التداعيات البيئية والصحية الخطيرة الناتجة عن توقف و وإعاقة عمل المرافق و القطاعات الحيوية في جميع محافظات قطاع غزة ، و ذلك جراء الإغلاق و الحصار الخانق الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ، فضلاً عن تفاقم أزمة إمداد قطاع غزة بالوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في المرافق و القطاعات الحيوية بشكل خاص و تشغيل مناحي الحياة اليومية المختلفة بشكل عام .
حسب متابعة الضمير فإن مرافق المياه و الصرف الصحي تتعرض يومياً لتوقف و تشوش في تشغيلها كما يجب لغرض تزويد المواطنين المدنيين بالمياه الصحية و غير الملوثة ،و منع الأذى البيئي عنهم الناتج من احتمال الطفح في مناهل الصرف الصحي جراء استمرار قطع التيار الكهربائي الذي يعتمد عليها عمل مرافق المياه و الصرف الصحي، و منع تزويد قطاع غزة بالكمية الكافية من إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل تلك المرافق .
وفقا لمصادر مسؤولة في مصلحة مياه الساحل فان عدد مرافق المياه و الصرف الصحي في قطاع غزة هي180 مرفق ، منها 140 بئر مياه ، و 37 محطة ضخ مياه و صرف صحي ، و 3 محطات معالجة مياه صرف صحي ، و جميع تلك المرافق بحاجة لصيانة دورية و قطع غيار و مستلزمات فنية غير متوفرة في الأسواق المحلية جراء الحصار و الإغلاق الإسرائيلي . و قد ألقى الإغلاق و الحصار ظلاله على عمل جميع هذه المرافق . في حين باءت جميع محاولات جهات الاختصاص وبعض المؤسسات الدولية المانحة والإنسانية مثل (البنك الدولي ، اللجنة الرباعية ، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، أوكسفام ) بالفشل لإقناع سلطات الاحتلال الإسرائيلي بضرورة السماح بإدخال احتياجات مرافق المياه و الصرف الصحي والمعدات وقطع الغيار العالقة خارج قطاع غزة منذ حوالي عام و تخصيص حصة من الوقود لتشغيل مرافق الحيوية في قطاع غزة .كما أن المصلحة لم يورد لها أي كميات تذكر من الوقود لتشغيل مرافق المياه و الصرف الصحي بدءاً من يوم الأربعاء الموافق 9/4/2008. و على سبيل المثال لم يتوفر خلال شهر مارس الماضي سوى كمية 45990 لتر أي ما يعادل 1483 لتر يومي فقط في حين أن الاحتياج اليومي لتشغيل مرافق المياه و الصرف الصحي يبلغ حوالي 30000 لتر سولار شهرياً . الأمر الذي ينذر بوقوع كارثة بيئية و صحية في قطاع غزة.
و حسب متابعات الضمير فإن جهات الاختصاص تنذر بوقوع خطر محدق سيؤدي إلى تلويث مياه الشرب في قطاع غزة . جراء عدم توفر مضخات حقن مادة الكلور وقطع غيارها اللازمة لعملية تطهير و تعقيم مياه الشرب .ما ينذر بحدوث كارثة صحية ناجمة عن تلوث مياه الشرب وانتشار الأمراض والأوبئة لدى مليون و نصف المليون مواطن في قطاع غزة .
بناءاً لإفادة مسؤول في سلطة الطاقة الفلسطينية لمؤسسة الضمير فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تسمح بإدخال أي كمية تذكر من الوقود منذ يوم الأربعاء الموافق 9/4/2008، في حين يبلغ الاحتياج اليومي لقطاع غزة كمية 120 ألف لتر من البنزين و كمية 350 ألف لتر من السولار و كمية 350 طن من الغاز إضافة لكمية 350 ألف لتر من السولار الصناعي التي تسمح سلطات دولة الاحتلال بإدخالها لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة لتنتج 55ميجاوات من الكهرباء في اليوم.
يذكر أن حركة النقل و المواصلات في قطاع غزة تتوقف بشكل تدريجي بدءاً من يوم الاثنين الموافق 7/4/2008 حيث أن أكثر من 80% من وسائل النقل والمركبات الخاصة والعمومية متوقفة تماما والباقي من المتوقع أن يتوقف خلال اليومين القادمين, وان 60% من سيارات الإسعاف متوقف بشكل تام و75 % من سيارات ومعدات البلديات متوقفة تماما ، و ذلك بعد رفض جهات الاختصاص استلام كميات الوقود المقننة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، ما أدى إلى خلو محطات البترول في جميع مناطق قطاع غزة من الوقود اللازم للاحتياجات المختلفة للمواطنين.
و حسب ما أفاد مسؤول شركة توليد الكهرباء للضمير فان عملية إنتاج الطاقة الكهربائية سوف تتوقف في غضون أيام معدودة إن لم يتم تزويد الشركة بالسولار الصناعي اللازم لتشغليها ، و أن وقت توقف الشركة يعتمد على كميات سحب التيار الكهربائي من قبل المواطنين ، ما يعني توقف جميع أشكال الحياة في قطاع غزة و توقف جميع المرافق الحيوية و الصحية عن العمل . و ذكر أن القدرة الإنتاجية لشركة التوليد تقدر بإنتاج 140 ميجاوات ، و لكن بعد قصف محطة التوليد و تعطيل المحولات في الشركة استطاعت الشركة تصليح الأضرار ليتثنى لها إنتاج 80 ميجاوات . و بعد تحديد كمية السولار المورد لشركة التوليد أصبحت الشركة تنتج يومياً فقط 55 ميجاوات نظراً للسماح فقط بإدخال 315 ألف لتر من السولار الصناعي اللازم لتشغيلها ، فضلاً عن انه منع إدخال أي كميات تذكر من السولار للشركة بدءاً من يوم الأربعاء الموافق 9/4/2008 و حتى تاريخ إعداد البيان .
مؤسسة الضمير تعتبر تعطل وشل عمل مرافق المياه و الصرف الصحي و توقف إنتاج الطاقة الكهربائية ينذر بكارثة بيئية وصحية وإنسانية في قطاع غزة،حيث سوف تتفشي الأمراض وخاصة بين الأطفال، إلى جانب احتمال تلوث مياه الشرب الناجم عن عدم المقدر على عملية تطهيرها قبل تزويد المواطنين المدنيين بها ، ما يؤدي إلى وصول مياه غير صحية لبعض المناطق، و عدم قدرة الموطنين من الحصول على المياه الصالحة للشرب و الطهي و النظافة الشخصية، في ظل نقص الإمكانيات المتاحة أمام جهات الإختصاص.
كما تعتبر الضمير أن استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تطبيق سياسة العقاب الجماعي بقطع التيار الكهربائي و تقنين و منع إمدادات الوقود لقطاع غزة بشكل عام و للمرافق الحيوية بشكل خاص من شأنه أن يعمل على توقف عمل المرافق الحيوية . إضافة لشلل كامل في كافة مناحي الحياة اليومية جراء خلو محطات الوقود في القطاع من الوقود .
مؤسسة الضمير إذ تستنكر استمرار الأوضاع اللاإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة والناتجة عن إغلاق ومحاصرة دولة الاحتلال للقطاع، والذي ينتهك حقوق الإنسان المعترف بها دولياً ،و المعاهدات والاتفاقيات الدولية، فإنها تعتبر ذلك عقاب جماعي مفروضا قانونا،كونه يشكل انتهاكاً واضح للقواعد القانون الدولي الإنساني، وعلى وجه التحديد :
انتهاكا للمادة (55) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والتي تنص على أن ” ..من واجب دولة الاحتلال أن تعمل بأقصى ما تسمح به وسائلها، على تزويد السكان بالمؤن الغذائية و الإمداد الطبية، و من واجبها على الأخص أن تستورد ما يلزم من الأغذية و المهمات الطبية و غيرها إذا كانت موارد الأراضي المحتلة غير كافية…” .
انتهاكا للمادة (54 ) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977 التي تنص على ” يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، يحظر مهاجمة أو تدمير أو تعطيل الأعيان و المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين و مثالها المواد الغذائية و المناطق الزراعية التي تنتجها و المحاصيل و الماشية و مرافق مياه الشرب و شبكاتها و إشغال الري ، إذا تجدد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أو لحملهم على النزوح أو لأي باعث آخر”.
تدعو مؤسسة الضمير المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري للضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف انتهاكاتها التي تمنع جهات الإختصاص من تشغيل مرافق المياه و الصرف الصحي من تأدية عملها بالشكل المطلوب، و توقع العقاب الجماعي لمليون و نصف المليون مواطن . وذلك من خلال منع استمرار سلطات دولة الاحتلال بفرض الحصار الخانق و إغلاق معابر و حدود قطاع غزة ، و اتخاذ إجراءات تقليص و منع إمدادات الوقود و الكهرباء للقطاع، والسماح بإدخال الأدوات اللازمة لصيانة جميع مرافق المياه و الصرف الصحي.
كما تدعو مؤسسة الضمير السلطات المحلية الفلسطينية لضرورة التحرك الفوري والفاعل من اجل إنهاء الكارثة البيئة والصحية الناجمة عن تشويش و توقف عمل مرافق المياه و الصرف الصحي و توقف عملية أنتاج الطاقة الكهربائية واستمرار سياسة تقليص و منع إمدادات الوقود من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ،للحد من مخاطرها على المواطنين المدنين.
انتهى
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان