27/12/2009

يصادف اليوم الأحد الموافق 27 ديسمبر (كانون الأول) 2009 الذكري السنوية الأولي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتحل هذه الذكرى الأليمة في وقت تتزايد فيه بشكل مطرد معاناة سكان قطاع غزة وبشكل خاص أولئك الذين كانوا من بين ضحايا هذا العدوان، حيث مازالت أغلب آثار العدوان على حالها في ظل استمرار إجراءات الحصار الإسرائيلي التي تعرقل حركة إعادة اعمار ما دمره العدوان.

بشكل متزامن تقريباً أقدمت الطائرات الإسرائيلية على اختلاف أنواعها، عند حوالي الساعة 11:24 من ظهر يوم السبت الموافق 27 ديسمبر (كانون الأول)2008 على بدء عدوانها المنظم في قطاع غزة، وذلك بتنفيذ قصف جوي واسع النطاق طال 40 مقر من بين المقرات الأمنية والشرطية والمباني العامة والحكومية في كافة أنحاء القطاع، وأدي إلي مقتل (355) مواطناً، ليعتبر هذا اليوم أكثر الأيام دموية في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثمة توالت الجرائم الإسرائيلية على مدار أيام العدوان الذي استمر 23 يوماً، وانتهى بإعلان وقف إطلاق نار إسرائيلي من جانب واحد، وذلك مساء يوم الأحد الموافق 18 يناير 2009.

استخدمت قوات دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي في عدوانها على قطاع غزة أعتى الآلات الحربية الجوية والبرية والبحرية، كما استخدمت بعض من الأسلحة المحرمة الاستعمال دولياً، ما أسفر عن مقتل(1359) مواطن فلسطيني، غالبيتهم العظمي من المدنيين، من بين هؤلاء (244) طفل، و(203) أمراه، فضلاً عن وقوع الآلاف من حالات الإصابة بجروح مختلفة.

كما خلف العدوان الإسرائيلي دماراً شاملاً في العديد من محافظات قطاع غزة، حيث وثقت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان تدمير (2011) عين مدنية وثقافية في كافة محافظات قطاع غزة خلال فترة العدوان، وكانت محافظة غزة صاحبة النصيب الأكبر في عدد حالات الاستهداف للأعيان والممتلكات المدنية، حيث سجل فيها (781) حالة تدمير، وتأتي في المرتبة الثانية محافظة شمال القطاع التي سجل فيها (707) حالة تدمير، ومن ثمة في المرتبة الثالثة محافظتي خان يونس ورفح التي وقع فيها (404) حالة تدمير ، وفى المرتبة الأخير كانت محافظة الوسطي التي سجلت وقوع (119) حالة تدمير.

إن قوات دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي عمدت وبشكل منظم وممنهج إلى تدمير شامل لجميع المرافق الأساسية والخدماتية في قطاع غزة، ما جعل السكان المدنيين في قطاع غزة يعيشون وسط حالة غير مسبوقة من تدهور الأوضاع الإنسانية، فإلي جانب النتائج المأساوية للعدوان الإسرائيلي، حرمهم في ذلك الوقت الحصار الإسرائيلي من إمدادات الغذاء والوقود والمحروقات، ونقص في المواد الغذائية الأساسية، كما حرم الحصار المستشفيات من إمدادات الأدوية والمستلزمات الطبية، و إمدادات الكهرباء والمياه الصالحة للشرب.

نتائج ووقائع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلقت حالة من الاتفاق بين كل رجالات القانون والقضاء الدوليين وبشكل خاص اؤلئك الذين كانوا أعضاء في لجان وبعثات التحقيق الدولية أو الإقليمية، حيث أكدوا جميعاً على أن دولة الاحتلال وقواتها الحربية مسئولة عن ارتكاب مخالفات جسيمة لاتفاقيات جنيف، وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وذلك لوجود أدلة كافية تشير إلى ارتكاب هذه القوات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

إن التقارير المختلفة كشفت وبشكل واضح عن حقيقة الاحتلال الحربي الإسرائيلي، وذلك من خلال الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت أثناء العدوان على قطاع غزة، التي تعمدت قتل المدنيين واستهداف ممتلكاتهم، ولكن للأسف حتى اليوم، بقي المجتمع الدولي صامتاً تجاه ارتكاب هذه الجرائم، ومنح دولة الاحتلال الإسرائيلي الحصانة التي سمحت لها بالتصرف كدولة فوق القانون، إن نتائج منح هذه الحصانة واضحة، ولا يمكن السماح لهذا الوضع بأن يستمر.

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان إذ تجدد تضامنها مع ضحايا العدوان الإسرائيلي وذويهم، وإذ تعلن بأنها ستضاعف جهودها – وفقاً لإمكانيتها منفردة وبالاشتراك مع الآخرين – سعياً نحو تحقيق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة دون تأخير، وذلك باستمرار محاولتها الساعية للانتصار لحقوق الضحايا وضمان حصولهم على العدالة الدولية ، فإنها تسجل وتطالب بما يلي :-
1- الضمير تؤكد على أن ضعف المجتمع الدولي وصمته المطبق يثير مخاوفها من إمكانية تكرار دولة الاحتلال الإسرائيلي لعدوانها الشامل بحق المدنيين في قطاع غزة، خاصة في ظل تنامي التهديدات الإسرائيلية، وبقاء مؤشرات منح المجتمع الدولي لدولة الاحتلال الإسرائيلي الحصانة التي سمحت لها بالتصرف كدولة فوق القانون.

2- الضمير تؤكد على أن إعادة أعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بموجب نص المادتان 55 و 56 من اتفاقية جنيف الرابعة، يعتبر التزام محدد يقع على عاتق دولة الاحتلال الحربي في الإطار الأوسع لواجباتها تجاه الإقليم المحتل وساكنيه، لهذا يجب على دولة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء مسئولياتها الأساسية أن تقرّ أولاً بالتزاماتها القانونية فيما يتعلق بعملية إعادة الإعمار، وأن تقوم ثانياً بضمان توفير جميع المواد والتجهيزات اللازمة لعملية إعادة الإعمار وعدم عرقلة وصولها لقطاع غزة.

3- الضمير تطالب المجتمع الدولي بضرورة إعمال القانون الدولي في مواجه الجرائم الإسرائيلية من خلال تفعيل الآليات القضائية الدولية وبشكل خاص الجنائية، حيث أنه على مدار عام منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم يتم اتخاذ أي إجراء قضائي فعال في الجرائم المرتكبة خلال هذا العدوان، وبقيت دولة الاحتلال تتمتع بالحصانة، ما يعتبر بالتحليل النهائي إنكارا للعدالة.

4- الضمير تطالب مجلس الأمن الدولي بالعمل الجاد من أجل تنفيذ جميع آليات المحاسبة الواردة في تقرير بعثة تقصي الحقائق الدولية برئاسة القاضي جولدستون، وبالتحديد إحالة الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بلاهاي، في حال عدم قيام الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بإجراء تحقيقات نزيهة.

5- الضمير تطالب القضاء الوطني صاحب الولاية الجنائية العالمية بضمان عدم تسييس عمله، من أجل المحافظة على حقوق ومصالح الضحايا في مختلف أنحاء العالم.

6- الضمير تدعو ذوي الضحايا في قطاع غزة إعلاء صوتهم لعدم السماح للسياسة بأن تتغلب على سيادة القانون، وحقهم في إنصاف قضائي فعال.

انتهى،،،

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان/ غزة