22/10/2009
أقامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية دعوى قضائية عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للمطالبة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة الذي بدأ العمل به في 25 سبتمبر 2009، والذي أنشأ نظاماً جديداً لتسعير الأدوية في مصر يستند إلى الأسعار العالمية وليس إلى سعر التكلفة، بما يشكل تهديداً حقيقياً لحق المواطنين في الحصول على الدواء.
وأكدت المبادرة المصرية في الدعوى (رقم 2457/64) إن قرار وزير الصحة بشأن تسعير المستحضرات الصيدلية البشرية يشكل استمراراً لسلوك غير ديمقراطي تنتهجه الوزارة يقوم على إدخال تغييرات تشريعية جوهرية تمس حق المواطنين في الصحة وحقهم في الحياة ، دون مشاركة من المواطنين أو منظمات المجتمع المدني.
وقال حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “بعد سنوات عديدة من ضغوط شركات الدواء متعددة الجنسيات لإلغاء نظام تسعير الأدوية في مصر قرر وزير الصحة ومعاونوه الاستجابة لهذه الضغوط مع الإبقاء على مسمى تسعير الدواء من حيث الشكل فقط.”
وقد ألغى قرار وزير الصحة (رقم 373 لسنة 2009) نظام التسعير المعمول به منذ عام 1991، والذي كان يقضي بتسعير الدواء استناداً إلى التكلفة الاقتصادية الحقيقية من حيث ثمن المواد الخام سواء كانت مستوردة أو مصنعة محلياً، إضافة إلى المصروفات الصناعية والإدارية وتكلفة الأبحاث، مع تحديد نسب أرباح كل من الشركة المصنعة والموزع والصيدلي.
أما في ظل النظام الجديد فإن الأدوية الأصلية سيجري تسعيرها وفقاً لأسعار بيعها في عدد من الأسواق الأجنبية مع خصم 10% من أقل هذه الأسعار. وفي الوقت نفسه فإن أسعار الأدوية المثيلة (أي المساوية في الفاعلية) سيتم ربطها بسعر الأدوية الأصلية بنسب مئوية ثابتة، وهو ما سيتسبب في رفع سعر الدواء بشكل عام في الداخل، وحرمان قطاعات واسعة من المصريين من الحق في الحصول على الدواء.
وقال الدكتور علاء غنام، مدير برنامج الصحة وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “لقد كان نظام التسعير القديم يتسم بالفعل بدرجة عالية من غياب الشفافية نظراً للسلطة التقديرية الواسعة التي كان يمنحها للجان التسعير. ولكن وزير الصحة بدلاً من معالجة هذا القصور عبر ضمان التطبيق العادل والشفاف لقواعد التسعير قرر أن يربط سعر الدواء في مصر بأسعار الدول الأخرى دون أدنى مراعاة لاختلاف الأوضاع الاقتصادية والسكانية والقانونية في هذه الدول. وعلى الوزير الآن أن يشرح لنا ما هي علاقة الشفافية بتحرير سعر بيع الدواء للجمهور؟”
كما عبرت المبادرة المصرية عن قلقها الشديد من تأثير ارتفاع أسعار الدواء على قدرة المواطنين على الحصول عليه، خاصة في ظل الإحصاءات الرسمية التي تثبت أن الانفاق الاجمالي على الدواء يشكل نحو 37% من جملة الانفاق الكلي على الصحة في مصر، وأن المرضى يتحملون نسبة تصل إلى 68% من إجمالي الانفاق الكلي على الدواء.
وأضاف حسام بهجت: “إن الوزارة ترفع من أسعار بيع الأدوية للمواطنين في الوقت الذي تعلن فيه عن زيادة نسبة مساهمة المواطنين في تكلفة الدواء في ظل قانون التأمين الصحي الجديد، وتزيد فيه من رسوم تلقي الخدمات الصحية في المستشفيات، وجميعها سياسات تهدد فعلياً بحرمان قطاعات واسعة من المواطنين من حقهم في العلاج.”
من ناحية أخرى، أكدت المبادرة المصرية أن نظام التسعير الجديد به من العيوب ما يجعله غير قابل للتطبيق عملياً، فضلاً عن احتوائه على ثغرات تسمح لشركات الأدوية بالالتفاف حول قواعد التسعير والحصول على أعلى سعر للدواء بصرف النظر عن تكلفته الحقيقية. فالقرار يعتمد بشكل شبه كلي على البيانات المُقدمة من الشركات، ويخلو من أي عقوبات في حالة تقديم بيانات خاطئة بشكل متعمد. كما أن البيانات التي يتطلب القرار تقديمها غير متوافرة في العديد من الدول المرجعية الستة والثلاثين التي يتضمنها القرار، فضلاً عن أن بعضها لا يوجد فيه سعر موحد للدواء أصلاً.