26/11/2008
اصدر المركز المصري لحقوق الإنسان اليوم تقريره لتقصي حقائق أحداث عين شمس الغربية والتى جرت يوم الأحد 23 نوفمبر 2008 ،والذى رصد فيه شهادات لشهود عيان كانوا متواجدين فى وسط الحدث،كما وثق المركز تقريره ببعض الصور ولقطات الفيديو،وما نشر فى الصحف خلال الفترة الماضية،ويتمنى أن تستجيب الجهات المعنية للتوصيات السبع التى يقدمها المركز عبر هذا التقرير.
وقام المركز عبر وحدة الرصد الميدانى بمتابعة أحداث عين شمس ـ والتى تقع بالقرب من مقر المركز ـ فور نشوبها،والتعرف على أسباب اندلاعها بهذا الشكل،للدرجة التى جعلت آلاف المواطنين يجتمعون على هدف واحد وفى توقيت قصير،ورفع شعارات مختلفة ضد مواطنين آخرين ،مفترض انهم شركاء فى الوطن،لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
وطبقاً لما تم رصده يؤكد المركز أن مبدأ المواطنة الذى يتصدر الدستور المصري لا يعرفه الشارع،ولا يؤمن به،وانه نص دستورى لم يفعل بعد،وأن هناك من يتمسك بالمادة الثانية من الدستور،ولا يعرف غيرها،وهى نظرة خطيرة قد تحد من التنوع الدينى والثقافى فى المجتمع المصري،وهو التنوع الذى ساعد على غنى المجتمع وتطوره ،وبات مهدداً بالانقراض،بعد شعور الأقباط فى مصر بأنهم غرباء في هذا الوطن وغير مرحب بوجودهم،وأن ممارستهم لشعائرهم الدينية تختلف مع الحرية التى ينص عليها الدستور المصري،ومن ثم يطالب المركز كل الجهات المعنية بتحمل تبعيات صمتها على ما يحدث فى المجتمع.
روايات الشهود:
قال م.ع” شاب20 سنة”:المشكلة بدأت منذ عام ونصف ،حينما تم شراء أحد المصانع وبناء كنيسة عليه ،إلا أننا فوجئنا طوال الفترة الماضية بمحاولات استفزاز من بعض المسلمين،وتلى ذلك تحويل جراج مواجه للكنيسة إلى مسجد تحت اسم مسجد النور،ورغم انه لم يتم تشطبيه،إلا أنه تم افتتاحه فى أول يوم تم فيه الصلاة داخل الكنيسة،وتشغيل الميكروفونات بشكل عال والتشويش على المصلين داخل الكنيسة بشكل استفزازى،والتجمع أمام الكنيسة ومحاصرة المصلين حتى مساء يوم الأحد 23 نوفمبر،ولم يستطع أحد من داخل الكنيسة الخروج،أو حتى الحصول على مأكل أو شرب.
ن.ج ” رجل35 سنة”: فوجئنا كسكان المنطقة بالشعارات الغريبة التى رددها المتظاهرين والذين يقدر عددهم بـ 4 آلاف متظاهر،وهم يحرقون لافتة مكتوب عليها “لا للكنيسة”،وكأنهم حرقوا العلم الاسرائيلي ،ومن قام بالتظاهر اخوة لنا فى الوطن وما كنا نتوقع لحظة أن بناء كنيسة يجعلهم يثورون بهذه الدرجة،والله العظيم لو كان هذا المبنى تم تأسيسه كمقهى أو كباريه ما كان أحد من هؤلاء تحمس للتظاهر بمثل هذا الحماس لمنع بناء كنيسة!
ح.ب ” فتاة 27 سنة”:منذ صباح الاحد 23 نوفمبر والمنطقة محاصرة بشكل غريب،هناك أفراد أمن كانوا متواجدين فى الشوارع المحيطة بالكنيسة والمسجد،وهو ما كان يؤكد نية وجود شيء غريب،ومع ذلك لم تنتشر قوات الأمن بالشكل المطلوب،والدليل انه حينما تزايد عدد المتظاهرين لم تستطيع قوات الشرطة مواجهته بشكل حازم،حتى اعتدى المتظاهرون على الأمن،ومع ذلك تركهم الأمن يفعلون ما يشاءون،حتى تم القبض بشكل عشوائى على صغار السن،لأن الأمن يعرف جيداً انه سيتم الافراج عنهم لأنهم أحداث،أما الجناة الحقيقيون فمن حقهم يفلعون ما يشاءون لأن العدالة بعيدة عنهم بشكل متعمد.
ر.ج “شاب 20 سنة”: المسلمين تجمعوا عصر الأحد بعد أن دعاهم أحد الشيوخ للتظاهر والتجمع عقب صلاة العصر،وهو ما حدث بالفعل،حينما تجمع الالاف يحمل بعضهم الطبول واللافتات التى تدين بناء كنيسة فى المنطقة،وهو أمر غريب بالفعل،فنحن مواطنين مصريين،وطبقاً للمادة الأولى من الدستور لنا نفس حقوق اخوتنا المسلمين،لماذا يرفضون أن نصلى فى كنيسة؟هل نصلى فى الشارع؟،هل هذا مقبول؟،أين الدستور والقانون؟،من يدافع عنا؟إلى من نلجأ؟،لماذا انتشرت الكراهية بهذا الحجم؟
خ.م”شاب 22 سنة”:الكنيسة تم بنائها بدون ترخيص،والحكومة بتدافع عن المسيحيين،والأمن ضربنا احنا ومعملش حاجة للمسيحيين جوه الكنيسة،اشمعنى؟،الأمن ليه بيتخانق معانا احنا؟احنا مش عاوزين كنيسة هنا،ولازم الأمن يحترم رغبتنا،المسيحيين عندهم كنائس كتيرة،هما عارفين ان هنا جامع وكان لازم يشوفوا مكان تانى غير المكان ده.
ن.ح فتاة “28 سنة”:أنا مسلمة ومش راضية عن اللى بيحصل،من حق المسيحيين انهم يصلوا فى كنيسة،وحتى لو كانت الكنيسة مخالفة وبدون تصريح. الحكومة هى اللى تقول مش إحنا،إحنا بقي منظرنا وحش اوى،الإسلام دين سماحة مش عنف،والشباب المتهور بيخلى الناس تاخد فكرة سيئة عن الإسلام،ولازم الدولة تشوف حل للموضوع ده،كفاية بقي حرام عليكم،انتم مستنيين البلد تولع ولا ايه؟1!
س.ل”سيدة 56 سنة”:أنا سيدة كبيرة فى السن،ومافيش كنيسة قريبة مننا،حرام لو ربنا بعت لنا أرض قريبة وعرفنا نبنى عليها كنيسة؟،احنا بنصلي لربنا وبنؤمن برب واحد،والمسلمين هتفوا فى المظاهرات بحماس أوى”لا اله الا الله”،ونحن نؤمن بأنه لا يوجد إلا الله واحد،ونريد ان نصلى له ،لماذا يمنعنا المسلمون من ذلك؟،نروح نصلي فى الشارع؟ولا نروح أى بلد بره مصر نصلي فيها ونرجع تانى؟،ايه الحل؟الموضوع بصراحة زاد أوى والواحد مش عارف يعمل ايه ولا يقول ايه و يروح لمين!!!
ش.ف”18 سنة”:أنا بقيت مش عارفة أنزل الشارع من اللى بيحصل،كل واحد بقي يعاكس فيا،واللى يقول عليا كافرة،واللى يقول مش عاوزينكم هنا،خلوا أمريكا تنفعكم،وكلام غلس وغير مقبول،مش عارفة ايه اللى احنا عملناه عشان تكون النتيجة هذه المضايقات.
تغطية الصحف:
اهتمت الصحف الصادرة يومى الاثنين والثلاثاء24 ، 25 نوفمبر بهذه الواقعة ،وهناك صحف أفردت للحادث مساحة واسعة وقامت بتغطيته من كافة الأطراف مثل المصري اليوم والبديل،فى الوقت الذى أخذت فيه بعض الصحف الواقعة من زاوية معينة مثل روز اليوسف واليوم السابع،فى حين اقتصرت صحف أخرى على نشره كخبر صغير يبدو وكأنه مشاجرة بين الأمن ومجموعة متظاهرين مثل الاهرام،الوفد،نهضة مصر،وركزت صحف أخرى على خبر قرار البابا شنودة بوقف الصلاة فى مبنى الخدمات مثل الجمهورية والمساء،بينما تجاهلت بقية الصحف الخبر وكأنه لم يحدث أى شيء فى مصر.
بينما اقتصرت الوفد فى عددها الصادر يوم 24 نوفمبر على خبر بعنوان”أحداث عنف طائفية بالمطرية”،والتأكيد على أن المسيحيين حينما قاموا بالصلاة فى المبنى وتعالت اصواتهم استفزوا المسلمين،ونشبت مشاجرة بين الطرفين بالاسلحة البيضاء والزجاجات الحارقة!
بينما اكتفت الاهرام بنشر خبر قصير فى صفحة الحوادث يوم 25 تحت عنوان”التحقيق فى أحداث الشغب بالمطرية”.
حيث قالت البديل فى عددها الصادر يوم 25 نوفمبر تحت عنوان” اصابة العشرات فى احداث طائفية بالمطرية”:مسلمو العرب يحاصرون المبنى ويهتفون “مش عايزين كنيسة” ومسجد تحت الانشاء يحشد الاهالى،الأمن يقبض على 150 بينهم أقباط معظمهم أحداث ويتمكن من إخراج الأقباط تحت حراسة مشددة،الأنبا مرقص يؤكد أن البابا شنودة عارض الصلاة فى مبنى الخدمات وطالب الأقباط بالانسحاب منه.
من جانبها قالت المصري فى عددها الصادر يوم 25 نوفمبر “تحت عنوان مصادمات بين مسلمين ومسيحيين فى عين شمس،واصابة 13 من الاهالى والأمن المركزى””شهود عيان يؤكدون أن الأزمة بدأت بسبب بناء كنيسة ومسجد فى مكان واحد،والأمن تأخر فى حسم المشكلة،الأمن يتهم عضواً بجماعة الاخوان بإشعال الفتنة،ويلقي القبض على 8 من الأهالى.
وبنفس التاريخ قالت اليوم السابع”الأمن يتهم الاخوان بإشعال الفتنة فى عين شمس،والبابا يأمر بوقف الصلاة فى مبنى تحول إلى كنيسة”،ونقلت الجريدة بعض الشعارات التى رددها المتظاهرين للتنديد ببناء كنيسة. وبنفس التاريخ قالت روز اليوسف”المحظورة تشعل الفتنة الطائفية فى عين شمس،اخوانى يحرض المصلين على التعد ى على مصنع للملابس بزعم تحويله لكنيسة”،وأكدت الجريدة أن الاشتباكات بدأت عقب صلاة العشا مساء الأحد 23 نوفمبر،وتم القاء الحجارة على الأقباط وهم داخل الكنيسة،ونقلت عن الأنبا تيموثاؤس أسقف عين شمس استيائه الشديد من اندلاع هذه الأحداث،إلا انه أشاد بدور الأمن فى السيطرة على الموقف.
بينما ركزت كل من جريدتى الجمهورية والمساء على الخبر الذى اذاعته وكالة أنباء الشرق الأوسط والذي يفيد بأن البابا شنودة قرر وقف الصلاة داخل الكنيسة،وتصريح هانى عزيز مستشار وزير القوى العاملة لشئون المصريين بالخارج بأن الأمن نجح فى احتواء الأزمة ونجاح محافظ القاهرة فى تهدئة الأوضاع.
توصيات:
- يطالب المركز المصري لحقوق الإنسان بضرورة تدريس مادة عن التسامح فى المناهج الدراسية بكافة المراحل التعليمية من الابتدائي وحتى المرحلة الجامعية،والتأكيد على أن قيم التسامح من القيم النبيلة التي تدعو إليها كل الأديان،من أجل تنشئة سليمة لمجتمع أفضل ،خاصة وأن التجمهر الأخير كشف عن مشاركة صبية وشباب وسيدات وفتيات،ومن ثم أصبح مستقبل هذا الوطن فى خطر،ما لم تحسم الأجهزة المعنية تعاملها مع مثل هذه الحوادث مستقبلاً،لأن الصمت على ما حدث،يعنى الموافقة على تنشئة الأجيال القادمة على معانى التطرف والتشدد ورفض الآخر.
- دعوة مفتى الديار المصرية لتجريم الاعتداءات على دور العبادة بشكل صريح،من أجل وضع حد للاعتداءات المستمرة التى ظهرت فى الفترة الأخيرة.
- دعوة البرلمان لسرعة إقرار قانون بناء وترميم دور العبادة لوضع حد للقيود والمعوقات التى تقف أمام بناء الكنائس بشكل رسمى،ووقف المعاناة التى يجدها الأقباط فى بناء كنيسة والحصول على قرار جمهوري خاص بذلك،كذلك دعوة البرلمان لتشكيل لجنة تقصي حقائق لأحداث عين شمس،ومناقشة نتائج التقرير فى البرلمان،وسرعة عرض التوصيات على الرأى العام،وعدم تكرار ما حدث فى تقرير أحداث الإسكندرية منذ سنوات،والذى لا يعلم الرأى العام عنه شيئا حتى الآن!
- مناشدة وسائل الإعلام فى نقل حقائق حوادث العنف الطائفى بشكل محايد،وعدم الميل لطرف على حساب آخر،من أجل تكوين رأى عام يساند ويدعم ويعضد الحقيقية،كى نصل إلى مجتمع أفضل،بدلاً من سياسة التعتيم وتشويه الحقائق وتقبيل اللحى،والتأكيد على معانى لم يعد يعرفها المجتمع.
- يناشد المركز أجهزة الأمن بسرعة التعامل مع مثل هذه الحوادث،وعدم الانتظار حتى تتفاقم المشكلة لكى تتحرك قوات الأمن،خاصة وأن عامل الوقت فى غاية الأهمية ،وضرورة التعامل بحزم مع قادة التطرف والتشدد ومثيرى الشغب،وتقديمهم للعدالة وعدم التراخى فى ملاحقاتهم،كما يحذر المركز من بدء ظهور أفكار غريبة على المجتمع وهى حرق لافتة مكتوب عليه “لا للكنيسة” أمام أجهزة الأمن ،والتى قد تفتح باب حرق الشعارات الدينية،وهى خطاً أحمر قارب تجاوزه،وسيدخل المجتمع فى حينها فى منعطف خطير يهدد باحتراق هذا الوطن.
- دعوة وزير الإعلام لتشكيل لجنة من أجل عرض بعض البرامج والأفلام التسجيلية التى تؤكد معانى المواطنة والمساواة،واستلهام بعض النماذج التى أفنى فيها المسلمين والأقباط حياتهم من أجل مصر،وضرورة النظر للمستقبل ،والبعد عن العراك والسجال العقائدى بين الطرفين.
- يناشد المركز وزارة الأوقاف بضرورة توعية دعاة المساجد بنشر السلام والوئام بين كافة أطياف المجتمع المصري،ومعالجة الخطاب الدينى السائد،ونشر قيم التسامح والمساواة،كما يطالب المركز الكنيسة المصرية بمنع الصلاة فى أى مبنى لم يحصل على تصريحاً رسمياً لمنع حدوث مثل هذه المشكلات،على ان تقدم سنوياً تقريراً بعدد الكنائس التى تريد الحصول على تراخيص لها،ورد فعل المسئولين تجاه هذه الطلبات،من أجل تكوبن راى عام شاغط يساعد الكنيسة فى نيل الموافقة من الجهات المعنية وفقاً لاحتياجات المواطنين،خاصة وأن هناك مناطق عديدة فى حاجة إلى كنائس،وابرزها منطقة عين شمس،والتى يوجد بها أكثر من 30 ألف أسرة قبطية لا تخدمهم سوى كنيسة واحدة،وهى كنيسة السيدة العذراء بعين شمس الغربية ومساحتها لا تتعدى 300 متر فقط!!!
للإطلاع على المزيد من الصور والوثائق يرجى زيارة موقع المركز المصري لحقوق الإنسان
www.echr-eg.com