7/7/2008

على الرغم من إقرار الإعلان العالمى لحقوق الانسان فى مادته رقم 19 على ” ان لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية إعتناق الآراء دون أي تدخل، وإستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية ” الا ان الواقع العربى للأنظمة الحاكمة يثبت بما لا يدع مجالاْ للشك ضرب الحكومات العربية التى تنادى دوماْ بانها تحترم حقوق الانسان عرض الحائط بهذه المادة .

مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدنى ترى أن حرية الرأى والتعبير التى تنادى بها دوماْ الحكومات العربية ؛ وفى مقدمتها مصر وتدعى إنها صوب اهتماماتها وأن الهامش المكفول لحرية الصحافة متاح للجميع ما هو الا شعارات براقة لتحسين صورة مزيفة أمام المجتمع الدولى .

عالم واحد فى بيانها هذا تنعى الى الشعوب العربية وفاة إيمان الحكومات والانظمة العربية بحرية الرأى والتعبير ؛ وهو ما تكشف عنه الوقائع التى شهدتها المنطقة خلال الأسابيع الماضية من انتهاك لهذا الحق . .

ففى مصر مثلا التى إحتلت المرتبة 146 من 169 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تعدّه منظمة مراسلون بلا حدود ؛ وبدلاْ من أن تحسن من صورتها قامت السلطات بها بإعتقال الصحفي والمدافع عن حقوق الإنسان كمال مراد والاعتداء عليه فى صورة أن فكرنا أن نفسرها فلن نجد لها خير دليل من أن النظام لا يريد التراجع عن سياساته فى إنتهاك حرية الرأى والتعبير ؛ وكل ما يقال فى هذا الخصوص ما هو الا للاستهلاك الاعلامى ؛ حيث تعرض كمال مراد الصحفي بجريدة الفجر الى الإنتهاك الواضح والصريح . بسبب كشفه وقائع فساد وانتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها عناصر في قوات الشرطة في مصر. وتعرُّض للضرب من قبل ضباط الشرطة في مركز الرحمانية بمحافظة البحيرة. و تم اعتُقاله على خلفية لقائه بفلاحين في عزبة محرَّم بالرحمانية، والتقاطه صوراً لضباط شرطة يقومون بالاعتداء على الفلاحين لإجبارهم على توقيع عقود مع أحد رجال الأعمال المحليين، وتمت مصادرة كارت الذاكرة الخاص بتليفونه المحمول والذى يحوى صوراً للاعتداءات التي ارتكبها الضباط بحق الفلاحين. وبعد ثلاث ساعات من توقيف كمال مراد، وُجِّهت إليه اتهامات بالاعتداء على ضباط الشرطة وتحريض الفلاحين على قوات الأمن ولم يتم إرجاع ممتلكاته إليه بعد.

أما دولة المغرب فهى ليست بعيدة عن بقية الدول العربية فى إنتهاكها لحرية الرأى والتعبير حيث تتعرض الصحافة المغربية لهجمة شديدة تعد هي الأسوأ فى السنوات الأخيرة، وهو ما يثير القلق والشك من عودة المغرب الى مرحلة تكميم الافواه وإسكات الاصوات .

ووصل انتهاك حرية الرأى والتعبير فى المغرب قمته فى التحرشات الامنية التي تتعرض لها مكتب قناة الجزيرة في المغرب والمركز المغربي لحقوق الإنسان على خلفية نشر القناة لخبر يدور حول القمع الأمني الذي مارسته القوات المغربية ضد الاحتجاجات التي شهدتها مدينة (سيدي ايفني) جنوب المغرب . والتي إتهمت السلطات المغربية بعدها حسن الراشدي مدير مكتب قناة الجزيرة في العاصمة المغربية الرباط ، وإبراهيم سبع الليل مسئول المركز المغربي لحقوق الإنسان في سيدي ايفني بنشر أخبار كاذبة .. والإصرار على محاكمة الراشدي وسبع الليل ، يؤكد عزم الحكومة المغربية على عودة النهج فى التعامل البوليسي مع الصحافة ونشطاء حقوق الإنسان.

يذكر أن الهجمة الشديدة لتي تتعرض لها الصحافة المغربية الآن والتي طالت هذه المرة قناة الجزيرة تعد هي الأسوأ ، وهو ما يثير الخوف من أن تعود المغرب إلى نهج الحكم السابق البغيض الذي قمع كل الأصوات المطالبة بالديمقراطية واختفت فيه كل آثار الصحافة الحرة والمستقلة.

وفى اليمن فحدث ولا حرج فقد صدر حكمٍ بالسجن لستِّ سنوات بحق الصحفي والمدافع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير في اليمن عبد الكريم الخيواني الذى كان يشغل في السابق منصب محرر صحيفة الشورى الإلكترونية، وواحد من أهم نادى في حرية التعبير في اليمن . وقد أصدرت محكمة أمن الدولة في صنعاء مؤخرا حكماً بالسجن لستِّ سنوات بحق عبد الكريم بتهمة التآمر مع متمردين مناهضين للحكومة. ووُجِّهت إليه اتهامات بإهانة الرئيس و “تثبيط معنويات الجيش .

وفى سوريا اصدر القضاء العسكري السوري حكما بالسجن ستة أشهر على المدون والناشط الحقوقى محمد بديع دك الباب يوم 29/6/2008 بتهمة النيل من هيبة الدولة وفقا للمادة “287 ” على خلفية مقال نشره على موقع الكتروني سوري تحت عنوان “دمشق عاصمة للثقافة العربية” عبر فيه عن أمنياته بعدم تعرض المواطن السورى عند اعتقاله للضرب أو التعذيب وان تحفظ كرامته .

من جهة أخرى تصاعدت الإنتهاكات الإسرائيلية للحريات الإعلامية بالأراضى الفلسطينية المحتلة أمام مرأى ومسمع الحكومة الفلسطينية دون تحرك ؛ حيث قامت السلطات الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية الى اعتقال الصحفي محمد القيق من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي فى الضفة الغربية , اثناء توجهه من مدينة الخليل إلى مدينة رام الله لإلتقاء بخطيبته .

واصدرت الحكم بالسجن على الصحفي محمد الحلايقة لمدة سنة, وغرامة مالية مقدارها أربعة آلاف شيكل (حوالي 1200 دولار), وستة اشهر مع وقف التنفيذ, من قبل المحكمة العسكرية الإسرائيلية والتهمة التي وجهت اليه تتعلق بعمله كمصورا لتلفزيون الأقصى, حيث استندوا على قيامه بتغطية مسيرة لحزب التحرير في مدينة الخليل, واعتبروا ذلك دليلا على استمرار نشاطه في حركة حماس . كما تم إعتقال (فؤاد الفروخ, رامي حجاحجة, نبل نبيل, محمد مربوع) من وكالة رامتان . كذلك قامت السلطات الاسرائيلية بالإعتداء على الصحفي موسى الشاعر وتكسير كاميراته, واحتجاز مدير تلفزيون الرعاة حمدي فراج, وأربعة من العاملين فيه( جلال حميد, محمد ابوجودة, مراد فرج ونادر مصلح)

وفى تونس لم يختلف الأمر كثيراْ فقد فرضت السلطات التونسية قيوداً مشددة على حرية التعبير . وظل مئات السجناء السياسيين يقضون أحكاماً بالسجن فُرضت عليهم بسبب مشاركتهم في معارضة الحكومة بصورة سلمية.

وشهدت حرية الصحافة فى تونس مناخ من الترهيب والتخويف وتعرض الصحفيون الذين ينتقدون الحكومة لحملات تستهدف تشويه السمعة ولمحاكمات جنائية بتهمة القذف. ومُنع صحفيون، وكان ذلك بالقوة أحياناً، من حضور أو تغطية أنشطة قامت بها منظمات مستقلة لحقوق الإنسان أو وُجهت خلالها انتقادات للحكومة والدليل على ذلك ما تعرض له المناضل الحقوقي والنقابي والسياسي عمر قويدر فى 26 يونيه الماضى من اعتداء لفظي ومعنوي ومادي وبدنى والذي وصل إلى درجة الضرب والتهديد بالاغتيال ووابل من العبارات المهينة والبذيئة خلال عبوره مقبرة الشافعي الشريف بنفطة من قبل عون الأمن في زي مدني ” عبد الرؤوف بن سليمان ” وبحضور وإشراف أحد زملائه. وذلك على خلفية تغطيته لأحداث الحوض المنجمي ؛ وما حدث يمثل سابقة تنم عن استخدام السلطة للعنف تجاه الإعلام الحر والنزيه.

وفى السعودية لا يزال سجناء الرأي محتجزين بدون محاكمة وبدون الإتصال بالمحامين، وجميعهم من أساتذة الجامعات والكتاب والمحامين، واغلبهم قُبض عليهم بعدما أصدروا عريضةً طالبوا فيها بالإصلاح السياسي ؛ وقد احتُجزوا في سجن المباحث العامة في جدة وهناك معتقلون احتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي لما يقرب من ستة أشهر ثم سُمح لهم بتلقي زيارات الأهل. وظل مئات من سجناء الرأي السابقين ونشطاء حقوق الإنسان ودعاة التغيير السياسي السلمي ممنوعين من السفر للخارج، ومن بينهم د. متروك الفالح، وهو أستاذ جامعي وأحد الإصلاحيين وسبق أن سُجن من مارس 2004 إلى أغسطس 2005، وأبلغته وزارة الداخلية أنه لن يُسمح له بالسفر إلى الخارج حتى مارس 2009. وتردد أن قرارات منع السفر الخاصة بآخرين قد جُددت بعد انقضاء مدتها.

من جانبها تدين مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدنى أوضاع حرية الرأى والتعبير فى العالم العربى وتطالب الحكومات العربية التوقف عن القمع الموجه بحق التعبير وحرية التفكير والكلام ،حيث شمل هذا القمع تكبيل كل أوجه حرية الفكر والتعبير ، بدءاً من الصحافة التقليدية الى الصحافة الإليكترونية ،مروراْ بالشعراء ، والكُتاب ، والمدونين ، بل أن منظمات حقوق الإنسان نفسها ، التي تدافع عن هذه الحريات لم تسلم من المحاكمة بسبب مزاعم ارتكابها لجريمة السب والقذف .

وتؤكد مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدنى أن نتائج إجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب الذي عقد في مقر جامعة الدول العربية منذ ايام خير مثال على إنتهاك هذه الحكومات لحق من حقوق الانسان ” الحق فى حرية الرأى والتعبير عنه ” .

ذلك الإجتماع الذى حاول فيه المجتمعون وأد هذا الحق لنتلقى فيه العزاء فى سرادقات وزارات الاعلام ؛ والمؤسسات الصحفية بالدول العربية ؛ دون إستثناء – حيث عمل المجتمعون على توصيف وثيقة تنظيم البث الفضائي واللجوء الى تعبيرات مراوغة للدفع في اتجاه تطبيقها وموائمة التشريعات المحلية لكل دولة معها ، رغم اعتبارها وثيقة “استرشادية” .

وكانت الكارثة فى المطالبة بإنشاء “مفوضية عربية للإعلام” تعمل على تنفيذ وتطبيق هذه الوثيقة وممارسة دور الرقيب على ما تبثه القنوات الفضائية . وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالاْ لإخفاء الحقيقة أن تطبيق هذه الوثيقة يشكل تضييق على حق المواطن العربي في معرفة الحقائق ومشاهدتها بدون تزييف أو تضليل .

وتدعو عالم واحد منظمات المجتمع المدنى على مستوى الوطن العربى المطالبة بحرية الرأى والتعبير وكافة القوى السياسية التى تنادى بهذا الحق التحالف لتأسيس جبهة موحدة تحمل عنوان “جبهة الدفاع عن حرية الرأي والتعبير ” لمواجهة أى تعدى على هذا الحق والتصدي للعقوبات السالبة للحريات على مستوى الاقطار العربية . مع ضرورة تشكيل لجان لتبادل الرأي ومناقشة القضايا المتعلقة بحرية التعبير, وبحث امكانية مواجهة القوانين المكبلة للحريات على مستوى التشريعات العربية .