21/6/2009

إنتهت في 16 يونيو الحالي دورة برلمانية من أسخن الدورات البرلمانية، والتي استمرت فترة انعقادها من 12 نوفمبر 2008 حتى 16 يونيو 2009، وذلك بعد أن أصدر رئيس الجمهورية قراراً بفض الدورة البرلمانية الحالية، حيث بدأت هذه الدورة برفع أحد النواب حذائه والتلويح به داخل المجلس، وانتهت بإقرار قانون منح المرأة كوتة في البرلمان بموافقة أغلبية الحزب الوطني فقط، ورفض المعارضة والمستقلين.

وخلال فترة انعقاد الدورة الأخيرة ظهرت على الساحة المحلية العديد من القضايا والأزمات التي وقف عليها المجلس خلال جلساته مثل الأزمة الإقتصادية العالمية وتبعاتها على الإقتصاد المصري، وظهور أنفلونزا الخنازير، بالإضافة إلى أزمات سابقة مازالت مستمرة مثل أنفلونزا الطيور وسبل مكافحتها وآليات التعامل معها، والفقر وإرتفاع نسبة البطالة.

ونرصد في هذا التقرير أداء مجلس الشعب تجاه قضايا (الصحة والبيئة- الفقر والبطالة- التعليم- حقوق الإنسان- المرأة) باعتبارها قضايا تمس المواطن المصري بشكل مباشر من جهة، وتأتي في صلب إهتمامات عمل مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني من جانب آخر، بالإضافة إلى رصد تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على الإقتصاد المصري والآليات المحلية في التعامل معها داخل المجلس، كما لم نغفل الإشارة إلى المناقشات التي دارت حول هذه الأزمة وارتباطها بارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

ومن ناحية أخرى شهدت قبة المجلس تصرفات سلبية لبعض النواب أساءت إلى هيبة القبة ومست مكانة أعضاءها، حيث تدنى مستوى الحوار بين نواب المجلس، ونشبت بين النواب أكثر من مشادة تطور بعضها إلى “خناقات” واشتباكات بالأيدي بين النواب، كما تم تبادل الفاظ غير لائقة بين أعضاء المجلس، بالإضافة إلى الواقعة الشهيرة برفع أحد النواب “حذائه” داخل المجلس!

ونهدف من خلال هذا التقرير رصد اداء مجلس الشعب خلال فترة انعقاد دورته الأخيرة، ليس تصيداً للأخطاء وإنما لإلقاء الضوء على الإيجابيات والسلبيات، للإرتقاء بعمل النواب، والوصول إلى جهاز تشريعي يدعم الديمقراطية في البلاد.

وتأتي أهم نتائج هذا التقرير في عدة نقاط كالتالي:

  • الدور الرابع والأخير من أضعف دور الإنعقاد حيث لم يتم مناقشة أي قوانين مهمة مثل تعديل المادتين 126 و129 من قانون العقوبات المتعلقة بالتعذيب واستعمال القسوة، وهو تعديل تقدم به أحد نواب الإخوان ، وظل حبيس أدراج المجلس منذ أربع سنوات، أو قانون تنظيم البث المرئي والمسموع أو قانون الإرهاب، بإستثناء تعديل قانون مجلس الشعب الذي تم تمريره في نهاية الدورة البرلمانية بإقرار الكوتة للمرأة.
  • شهد المجلس ظاهرة جديدة وهي إجراء تعديل تشريعي وإقرار قانون جديد بأغلبية الحزب الوطني فقط دون موافقة أيا من المعارضة أو المستقلين، وهو ما حدث عند إقرار قانون لمنح المرأة كوتة.
  • لم تلتفت الحكومة إلى التقارير الصادرة عن لجان مجلس الشعب التي تبدي فيها آراءها ومقترحاتها تجاه قضايا تمس المجتمع، مثل التقارير والتوصيات الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان والتي تعرضت فيها لأوضاع السجون والانتهاكات المتعلقة بسبل الإعتقال التعسفي.
  • ناقش المجلس سبل تمكين المرأة سياسياً بدعوى تفعيل حقوق الإنسان، إلا أنه رفض فرض أجندة خارجية للتدخل في الشئون الداخلية بدعوى “حقوق الإنسان”، دون أى تعريف واضح للمقصود بالأجندة الخارجية.
  • لم يقتصر الدور التشريعي على نواب المجلس فقط بل امتد إلى الحكومة أيضا التي قدمت أكثر من مشروع قانون وافق عليه المجلس مثل ” تنظيم تداول وبيع الطيور والدواجن الحية وعرضها للبيع” كذلك ” التعديل التشريعي المتعلق بكوتة المرأة”.
  • قدم رئيس الوزراء بياناً بشكل دوري أما مجلس الشعب عن انجازات الحكومة ومواقفها من بعض القضايا مثل الأزمة الاقتصادية العالمية، وأشار في كل بياناته أن الاقتصاد المصري لم يتأثر بشكل كبير وأن اقتصاديات الدول المتقدمة انكمشت، بينما الاقتصاد المصري لم ينكمش!
  • فيما يتعلق بأنفلونزا الخنازير قدم عدد من النواب طلبات إحاطة حول أداء وتعاطي الحكومة مع الأزمة، وانتقد عدد من النواب أداء الحكومة في التعامل مع الأزمة، فبينما قدم وزير الصحة بياناً في المجلس في بداية الأزمة حول الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة أزمة انفلونزا الخنازير إلا أن بعض النواب انتقدوا ما جاء في هذا البيان بدعوى أن إجراءات مشابهة تم الإعلان عنها أثناء انفلونزا الطيور، وتحول الوضع إلى وضع كارثي..
  • تقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة واستجوابات إلى عدد من الوزراء وعلى رأسهم رئيس الوزراء حول ارتفاع نسبة الفقر والبطالة بين أفراد المجتمع، حيث بلغت نسبة العاطلين 9% من إجمالي عدد السكان، كما أدى ارتفاع نسبة الفقر إلى زيادة معدلات الجريمة.
  • إتسم اداء المجلس بشكل عام ولجنة حقوق الإنسان بشكل خاص، تجاه قضايا حقوق الإنسان، بأنه دون المستوى المطلوب، فعلي الرغم من أن اللجنة دعت منظمات حقوقية مثل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إلى إجتماعاتها، إلا أنه لم تجرى خطوات للتنفيذ على أرض الواقع، غير أنه على الجانب الآخر هناك اداء يحسب لبعض النواب –على قلتهم- عن طريق تقديم طلبات إحاطة حول أوضاع بعض السجون والانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون على أيدي بعض ضباط الشرطة.