5/1/2009
- هل بات المجتمع الدولي ينظر إلى جرائم الحرب طبقا للأنظمة المجرمة
- على الإعلام العربي ألا يقع في الفخ من خلال توجيه الرأي العام العربي لإدانة مصر.
- على الإعلام العربي أن يعمل على توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية و يقود الرأي العام للمطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب طبقا لاتفاقية روما.
- الدول العربية التي اعترضت بشدة على قرار احالة الخرطوم الى المحكمة الجنائية الدولية هل تستطيع ان تطالب محاكمة إسرائيل
في الوقت الذي كان العالم بأسرة يحتفل بمرور 60 عاما على ذكرى إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كان الجيش الإسرائيلي يستعد لواحدة من أبشع المذابح التي عرفها تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي .
و تأتي مذبحة غزة 2008 م كواحدة في إطار سلسلة من المذابح التي ارتكبتها آلة الحرب الإسرائيلية في حق الشعوب العربية على مدار ستون عاما هي عمر الصراع العربي الإسرائيلي .
و الغريب في الأمر أن الجيش الإسرائيلي قد دأب على تكرار تلك المذابح التي تعد و بحق جرائم حرب و يمكن إرجاع ذلك العديد من الأسباب لعل من أهمها .
1. ان الشعوب العربية تعاني من انقسامات و إشكاليات داخلية متعددة الامر الذي تراهن عليه اسرائيل دوما بأن الاشكاليات الداخلية لدى الشعوب العربية و بينهم البعض يجعل من القضية الفلسطنية قضية هامشية في العديد من الاحيان.
2. تعاني الانظمة العربية من اشكاليات عديدة على مستوى انتهاكات حقوق الانسان و هو الامر الذي لا يمكن تلك الانظمة من اتخاذ مواقف جادة تجاه تلك المذابح
3. غالبية الدول العربية لم توقع على اتفاقية روما الخاصة بالنظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية و هي الجهة الوحيدة التى يمكن ان تحاكم الحكومة و الجيش الاسرائيلي على مذابحة في حق المدنين الفلسطنين و لكن ابتعاد الدول العربية عن المحكمة يجعل من العسير مقاضاة الحكومة الاسرائيلية امامها حيث نصبح في حاجة الى دولة من الدول المصدقة من خارج الوطن العربي للتقدم بشكواها ضد اسرائيل و هو امر صعب المنال .
4. الاقتتال الداخلي و الصراع المسلح على السلطة في الاراضي الفلسطينية منح الجيش الإسرائيلي فرصة ذهبية لتكرار مذابحه تلك بحجة الحفاظ على امن المواطن الإسرائيلي
هل المعيار الذي يستند إليها المجتمع الدولي في تعريف جرائم الحرب هو الجرم المرتكب أم النظام مرتكب الجرم تعرف المادة الثامنة من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب بأنها ” الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف التي تتضمن أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص والممتلكات الذين تحميهم اتفاقية جنيف ذات الصلة :1، أ-1 القتل العمد ..ب-4 تعمد شن هجوم مع العلم أن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق إضرار مدنية …
على الرغم من صراحة هذا النص و وضوحه الا اننا نرى المجتممع الدولي يقف موقف المتفرج دونما ان يحرك ساكنا و يكتفي بمجموعة من عبارات الادانة و الشجب و مناشدة الجيس الاسرائيلي بتوخي الحظر الى اخر تلك العبارات على لارغم من ان المجتمع لدولي هذا سبق و ان اتخذ اجراءات حازمة ضد النظام السوداني بسبب الجرائم التى ارتكبها الجيش السوداني بدارفور ، و هنا يجب ان نؤكد على ان المعايير التى استندت اليها اتفاقية روما تتعلق بالجرم المرتكب و ليست بالنظام المرتكب للجرم .فالجرائم التى تقع بحق المدنيين العزل في قطاع غزة ، من هجوم عسكري واسع النطاق ومنهجي موجه ضد المدنيين منذ 27/12/2008 ومن حصار محكم، يؤدى بالضرورة الى إخضاع المدنيين في قطاع غزة لأحوال معيشية تؤدى الى إهلاكهم الفعلي كليا أو جزئيا -في حالة توافر القصد الجنائي- يمثل جريمة إبادة جماعية وفقا لنص المادة السادسة فقرة (ج) من نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية .
على الإعلام العربي ألا يقع في الفخ من خلال توجيه الرأي العام العربي لإدانة مصر المتابع لاداء الاعلام العربي بشأن احداث غزة الاخيرة و ما سبقها من احداث مشابها سواء بجنوب لبنان او داخل الاراضي الفلسطينية يجد ان الاعلام العربي دائما ما يتخذ موقفا مهاجما للدولة المصرية بدعوه عدم تحركها لمنع العدوان الاسرائيلي على الاراضي العربية و الغريب ان تلك الاية التى تتبعها العديد من القنوات الفضائية العربية تؤدي في النهاية الى ابعاد الشارع العربي عن الازمة الحقيقية و ادخال المجتمع العربي في صراع جديد داخلي فتحول الاعلام العربي من التركيز على المذابح الاسرائيلية المرتكبة الى التركيز على قضية اخرى و هي التهكم على الدولة المصرية و البحث عن سبل لاثارة الشارع العربي ضدها فتحولت انظار العالم معها الى قضية فرعية لا نجد مبررا لها حتى الان .
فالاعلام العربي دائما ما ينزلق الى فخ اثارة الرأي العام الداخلي ضد بعض الدول العربية و هنا علينا ان نتسائل هل مثل تلك المنهجية الاعلامية من شأنها توثيق جرائم الحرب الاسرائيلية او من شأنها منع الجيش الاسرائيلي عن ارتكاب تلك الجرائم .و نحن نؤكد على ان الاعلام العربي يقع على عاتقة مهمة شاقة و هي توثيق الجرائم الاسرائيلية و فضحها على مستوى العالم اجمع لكسب تعاطف شعوب الارض مع ضحايا و شهداء غزة على الاعلام العربي الا ان ينساق الى الفخ لمعد سلفا كي نبعد انظارنا على المجازر التى تقع في غزة .
الدول العربية التي اعترضت بشدة على قرار احالة الخرطوم الى المحكمة الجنائية الدولية هل تستطيع ان تطالب محاكمة إسرائيل
النقطة الفارقة في الصراع العربي الاسرائيلي امام المجتمع الدولي هو عجز الدول العربية عن المطالبة بحقوقها فيما يخص قضايا الصراع العربي الاسرائيلي باستثناء واقعة النزاع القضائي على طابا فأن اي من الانظمة العربية لم تستطع ان تحقق نجاحات دبلوماسية او قانونية على المستوى الدولي فيما يخص الصراع العربي الاسرائيلي و يمكن ارجاع هذا الامر الى العديد من الاسباب اهمها ان العديد من الانظمة العربية تخشى استخدام الوسائل و الايات التى خولتها الاتفاقيات و المعاهدات الدولية المعنية بحقوق الانسان بسبب الخوف من مطالبتها بالالتزام بتلك المبادئ او الخوف من محاكمة تلك الانظمة بنصوص اخرى معنية بحقوق الانسان و هو ما يعني ان الانظمة العربية تخشى من فتح هذا المعبر القانوني خشية التعرض للمسائلة من خلاله ، و ينطبق هذا الامر و بشدة في الوضع الراهن ففي الوقت الذي تصدت العديد من الدول العربية لمحاولة محاكمة النظام السوداني امام المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم المرتكبة بدارفور فأن تلك الدول لن تجروء على المطالبة بمحاكمة اسرائيلي امام ذات المحكمة بسبب الجرائم المرتكبة بغزة.
و من ناحية اخرى فأن عدم تصديق غالبية الدول العربية على اتفاقية روما المنشئة للنظام الاساسي للمحكمة الجمنائية الدولية من شأنه ان يعيق هو الاخر اية محاولة للمطالبة باحالة الجرائم الاسرائيلية الى المحاكمة الجنائية الدولية و اتهام الجيش الاسرائيلي بارتكاب جرائم حرب بقطاع غزة و عليه فاننا نناشد كافة الانظمة العربية بالعمل على التصديق على اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية حتى نتمكن من المطالبة بمحاكمة الحومة الاسرائيلية و قيادة الجيش الاسرائيلي كمجرمي حرب.
و من ناحية اخرى فاننا نطالب كافة اجهزة الاعلام العربي ان تتعاون مع المنظمات الحقوقية العربية و مدها بتوثيق مصور لجرائم الحرب التى ترتكبها القوات الاسرائيلية في قطاع غزة و ان تعمل على توزيع تلك الوثائق المصورة على نطاق واسعة و على كافة المنظمات الحقوقية الدولية حتى نتمكن من حشد الرأي العام العالمي للمطالبة بمحاكمة القيادات الاسرائيلية كمجرمي حرب امام المحكمة الجنائية الدولية .
كما اننا نطالب كافة التحالفات العربية من اجل المحكمة الجنائية الدولية ان تعمل معا من اجل مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بإصدار قرار بتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق ، وتقديم طلب الى مجلس الأمن باحالة الجرائم التى وقعت وتقع في غزة ، الى المحكمة الجنائية الدولية ، على غرار ما حدث في حالة دارفور ، حتى لا يفلت الجناة من العقاب .
مركز الحق للديمقراطية و حقوق الانسان
الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق و الحريات
جمعية النهضة الريفية
مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الانسان