17/2/2010

شهدت المرأة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية جهوداً حثيثة على طريق تحديث وتطوير وضع المرأة فى مصر ؛ حيث تقلدت المرأة مناصب قيادية كان من شأنها الإعلاء من كلمتها ؛ ووضعها على الطريق الصحيح نحو ما كفله لها الدستور والقانون .

بل شهدت المرأة المصرية عدد من الإجراءات إستهدفت تمكينها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بل والعمل من أجل القضاء على كافة مظاهر التمييز ضدها .

وإنتهت هذه الجهود الإصلاحية بنهاية عام 2009 بموافقة مجلس الشعب على تخصيص مقاعد للمرأة والذى يسمح بزيادة عدد مقاعد المرأة إلى 64 مقعدا إعتبارا من الانتخابات المقبلة 2010 .

وظن الجميع وكافة النشطاء والحقوقيين بأن العام الجارى 2010 ومع بدايته سوف يشهد المزيد من الإصلاحات التشريعية والدستورية فيما يخص تحسين وضعية المرأة ؛ واتخاذ إجراءات من شأنها تغيير القيم والمفاهيم المجتمعية المؤثرة سلباً على المرأة وتفعيل دورها على المستوى الدولي والإقليمي.

وعادة تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن حيث تلقت المرأة المصرية ضربة قاسية بعد أن رفضت الجمعية العمومية الطارئة لمستشاري مجلس الدولة تعيين المرأة في الوظائف القضائية بمجلس الدولة ، حيث رفض 334 عضواً فى الجمعية العمومية من مجموع 380 عضوا شاركوا فى التصويت تعيين المرأة في الوظائف القضائية بمجلس الدولة.

الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات ترى أن إجماع الجمعية العمومية الطارئة لمستشاري مجلس الدولة على رفض تعيين المرأة في الوظائف القضائية بمجلس الدولة مخالف للمادة 40 من الدستور المصرى التي تنص علي أن ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة “.

كما ان هذا الإجماع بالرفض يتناقض مع مبدء المواطنة والتي أقرته المادة الأولي من الدستور المصرى التى تنص على أن ” مصر دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة‏ ” .

الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات تؤكد أن هذا القرار يعد ردة مفاجئة لما يطالب به كافة النشطاء والأوساط بما فيهم القيادة السياسية نحو دعم وتمكين المرأة المصرية ؛ وأن أتخاذ مثل هذا القرار من القضاة يعنى عدم ايمانهم الكامل بدور المرأة المصرية على مختلف العصور ؛ وإجماعهم هذا يتناقض والمادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتى تنص على ” تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد ” ويأتى أيضاً بالمخالفة لتعهدات مصر فى إتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات تعلن للجميع وقضاة ومستشاري مجلس الدولة الذين رفضوا بالإجماع تعيين المرأة في الوظائف القضائية بمجلس الدولة أن تاريخ المرأة في الحياة المصرية حافل ومشرف حيث تساوت مع الرجل وتقلدت أمور السياسة والحكم فقد حكمت حتشبسوت مصر فى الفترة من 1479 قبل الميلاد حتى 1457 قبل الميلاد ، وعلى هذا النهج سارت نفرتيتي وكليوباترا ؛ ومع قيام الدولة الحديثة في عهد محمد علي برز دور المرأة واضحاً حيث أنشئت مدرسة الممرضات عام 1832 ؛ وفي أوائل القرن العشرين أسست مجموعة من النساء المصريات أول تنظيم غير حكومي للخدمات ؛ وبرز دور المرأة المصرية في القضايا الوطنية من خلال مشاركتها في ثورة 1919 واستشهاد احداهن.

وفى عام 1942 تم تأسيس أول حزب سياسي للمرأة ( الحزب النسائي المصري ) وطالب الاتحاد النسائي المصري في عام 1947 بضرورة تعديل قانون الانتخاب باشراك النساء مع الرجال في حق التصويت وضرورة أن يكون للمرأة جميع الحقوق السياسية وعضوية المجالس المحلية والنيابية.

وبعد قيام ثورة يوليو 1952 نص دستور 1956 على منح المرأة حقوقها السياسية الكاملة وبناء علي ذلك دخلت المرأة لأول مرة البرلمان إثر انتخابات عام 1957 .

وشهد عام 1962 تعيين أول وزيرة للشئون الاجتماعية في مصر ومن بعد هذا التاريخ وتشهد المراة المصرية إسناد مناصب وزارية وقيادية لها حيث خرج من بين النساء أول مأذونة وأول قاضية وأول عمدة ؛ وتقلدت المؤاة منصب رئيس الجامعة وسكرتير عام محافظ ؛ ورئيس حى ؛ ورئيس وحدة محلية ؛ وتشغل العيدي من المناصب فى السلك الدبلوماسى والهيكل الإدارى للدولة ؛ وغيرها من المواقع القيادية

الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات تؤكد أن الإعتراض على تعيين المرأة للوظائف القضائية بمجلس الدولة إجحاف بحقوقها التاريخية والحقوق التى كفلها لها الدستور والقانون والمواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر وأصبحت جزء من نظامها القانونى والوطنى .

الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات تذكر قضاة مصر أن المرأة المصرية استطاعت فى التاريخ الفرعونى الدخول فى العديد من ميادين العمل المختلفة حتى القضاء حيث عملت المرأة المصرية الفرعونية بالقضاء مثل نبت ( Nepet ) وهى حماة الملك بيبى الأول من الأسرة السادسة ، وتكرر المنصب خلال عهد الأسرة السادسة والعشرين ؛ وأيضاً العمل بمجال الطب مثل بثت (Psechet) والتى حملت لقب كبيرة الطبيبات خلال عهد الأسرة الرابعة ، ووصلت الكاتبات منهن لمناصب (مديرة – رئيسة قسم المخازن مراقب المخازن الملكية – سيدة الأعمال – كاهنة ).

ووصل التقدير العملى لها لدرجة رفعها إلى عرش البلاد فقد تولين المُلك فى عهود قديمة , ومنهن (حتب) أم الملك خوفو، و( خنت) إبنة الفرعون منقرع ، و( اباح حتب) ملكة طيبة ، و( حتشبسوت) إبنة الفرعون آمون ، و(تى) زوجة إخناتون ، و( كليوباترا) وقصتها الشهيرة مع مارك أنطونيو ، والتى حظيت بالإهتمام الأدبى على مستوى العالم أجمع .

الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات تطالب فى بيانها كافة منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مجال المرأة ومعهم المجلس القومى للمرأة بالتكاتف من أجل المطالبة فى بيان موحد تعيين المرأة المصرية في الوظائف القضائية بمجلس الدولة ؛ وإلغاء النظرة السلبية للمرأة المصرية ؛ وضرورة إيمان المجتمع كله بمختلف مؤسساته بالمشاركة الإيجابية للمرأة فى كافة الميادين .