الجمعية توقف مراقبتها للانتخابات البرلمانية وتطالب بإعادة الانتخابات تحت اشراف حكومة محايدة او رقابة الامم المتحدة

19/11/2005

تعلن جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان عن وقف اعمال المراقبة للمراحل المتبقية من الانتخابات البرلمانية ، وذلك فى اعقاب انتهاء جولة الاعادة للمرحلة الاولى.

وقد توصلت الجمعية الى قرارها هذا بعد قراءة متأنية للنتائج التى اسفرت عنها المرحلة الاولى وما صاحبها من مخالفات وتجاوزات وانتهاكات سافرة وصريحة. وترى الجمعية ان استمرارها فى لعب دور المراقب سيكون بمثابة لعب دور “المحلل” لنظام يصر على ادارة الشئون العامة للدولة بعقلية القرون الوسطى فيما يخص تداول السلطة والمشاركة فى الحكم.

لقد اولت الجمعية عنايتها بالانتخابات العامة التى جرت مؤخرا فى مصر، وكان املها ان تكون تلك الانتخابات مخرجا سلمياً للأزمة السياسية التى تمسك بتلابيب الحياة العامة فى مصر. فقامت الجمعية بمتابعة عملية الاستفتاء التى جرت فى يوم 25 مايو 2005 على تعديل المادة 76 من الدستور المصرى واصدرت تقريرها الذى خلص الى عدم جدية النظام واستهانته فى التعامل مع مطالب مؤسسات المجتمع المدنى بضرورةالفصل بين السلطات ومحاربة الفساد ووقف كافة الاشكال غير الديموقراطية واطلاق وصون الحريات العامة واحترام ارادة الموطنين وكرامتهم عبر عمليات اقتراع تتسم بالشفافية والنزاهة.

كما تابعت الجمعية الانتخابات الرئاسية التى اجريت فى 7 سبتمبر 2005 لاختيار رئيس الجمهورية من بين اكثر مرشح وجاء تقريرها بعنوان (اول انتخابات رئاسية تعددية فى مصر . . . الديمقراطية فى مفرق طرق) ليؤكد على ان ما جرى لا يعدو كونه غير محاولة مكشوفة من نظام الحكم فى مصر لاسباغ المشروعية على وجوده واستمراره، كما رأت الجمعية ان ذلك سيؤدى الى فقد المواطنون للثقة فى الطريق الديمقراطى للتغيير بما يفتح الباب الى خيارات وبدائل اخرى سيكون لها من الآثار ما سنعانى منه طويلاً.

وقد خلصت الجمعية من خلال مناقشة وتحليل المناخ السائد فى مصر الى ان الانتخابات البرلمانية 2005 تمثل فرصة ذهبية امام نظام الحكم واختبارا لمدى جديته فى تلبية طموح العديد من قوى المجتمع المدنى بالالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الانسان لقطع الطريق على خيار العنف الاجتماعى الذى يمكن ان يتبناه شباب مفعم بالاحباط واليأس، وقررت الجمعية ان تشارك فى اعمال الرقابة على الانتخابات البرلمانية وتم تجهيز فريق المراقبين حيث جرى تدريبهم على المعايير الدولية للرقابة على الانتخابات كما جرى تزويدهم بالتصاريح الرسمية والاوراق الخاصة باعمال المراقبة، ووفرت الجمعية ايضا فريق من المحامون العاملون لديها لتقديم اعمال الدعم والمساعدة القانونية لضحايا الانتهاكات والتجاوزات التى جرت العادة على حدوثها فى الانتخابات السابقة ، وراحت غرفة المتابعة المركزية بالمقر الرئيسى للجمعية بمتابعة البلاغات والشكاوى والتقارير التى وردت اليها من مراقبيها ومن المرشحين وانصارهم ومن المواطنين وتم نشر تلك البيانات على صفحة الجمعية بشبكة الانترنت ” لحظة بلحظة ” وتم اصدار العديد من الاخبار والبيانات الصحفية وبلاغات للرأى العام وتم اصدار التقرير الاولى عن سير المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية والذى خلص الى خيبة امل الجمعية فى امكانية وجود اصلاحات سياسية او اجراء تعديلات تشريعية حقيقية ما دامت امور الوطن تدار بهذه الطريقة المستهزئة باصوات المخلصين من ابنائه والمنادين بخلق واقع افضل تسوده قيم الحرية والديمقراطية الحقة.

وترى الجمعية ان الانتهاكات التى سبقت وصاحبت المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية قد حسمت بالنسبة الى فريق عمل الجمعية اية اوهام حول رغبة الادراة المصرية ممثلة فى حكومتها وحزبها الحاكم على اجراء انتخابات حرة ونزيهة.

بعد ان ادت السياسات التى اتبعتها تلك الادارة وعلى مدار الربع قرن المنصرم الى افراغ الحياة العامة من اى حراك سياسى حقيقى بالاضافة الى افساد للحياة السياسية فى البلاد وهو ما الجأ المواطنون الى اختيار البديل المتبقى – وان رفع شعارات دينية دون طرح برامج عمل ملموسة – بعد التغييب المتعمد للقوى السياسية المدنية. وقد اكد البيان الذى اصدره نادى قضاة مصر ونشرته الصحف صحة موقف الجمعية حيث اكد البيان على “ان القول بان الانتخابات خضعت لاشراف قضائى كامل فيه كثير من التجاوز لان مهمة القضاة لم تتعد رئاسة اللجان الفرعية والعامة والتى تمت باختيار وزيرى العدل والداخلية وان القضاة لم يكن لهم اى دور فى اعداد الجداول ونسخ الكشوف وتسليمها وتحديد اعداد اللجان ومقارها او طبع بطاقات الترشيح وتوزيع الرموز الانتخابية ……..” ان لعبة الاقصاء التى مارسها النظام المصرى طيلة العقود الماضية ضد كافة اشكال المعارضة السلمية واحتكاره لادوات ووسائل العمل السياسى ومحاصرة المحاولات الرامية الى تأسيس حياة ديمقراطية سليمة وفرض القيود عليها ، كان من نتيجته انصراف المواطنين عن المشاركة الايجابية فى شئون الحياة العامة فى مصر وأضحت العملية الانتخابية مقصورة على حفنة من رجال السلطة والمال لا يمثلون غير مصالحهم ولا يدافعون سوى عن نفوذهم وان استخدموا فى ذلك وسائل غير مشروعة من رشوة وتزوير وافساد ذمم واهدار سافر لقيم النزاهة والشفافية.

لذلك فان الجمعية ترى انه من العبث الاستمرار فى اداء دور المراقب على طريقة “شاهد ماشافش حاجة” بعد افراغ عملية المراقبة من مضمونها وقصرها على مجرد “الفرجة” على عملية التصويت دون التزام بما تخرج به من نتائج وتوصيات تم تقديمها الى رئيس اللجنة العامة للانتخابات والى النائب العام ولم يتم اتخاذ اى قرار باجراء تحقيق فيما تم رصده من تجاوزات وانتهاكات، وحيث ان ذلك يشكل اهدارا لامكانيات الجمعية فان الجمعية تتخذ قرارها وترى انه ولحين الكلام عن اية انتخابات حرة مرجوة فى مصر وتتسم بالنزاهة والشفافية فانها تدعو الادارة المصرية الى الانصات الى صوت العقل والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الانسان كما تدعوها الى اتخاذ الموقف السليم حيال السلبيات التى فضحت الحكومة المصرية وحزبها الحاكم وعرت هؤولاء المتسترين بورقة التوت وذلك باعادة الانتخابات البرلمانية تحت اشراف حكومة محايدة أو رقابة دولية من قبل الهيئة العامة للامم المتحدة.