6/7/2005

تلقت جمعية المساعدة القانونية بفزع شديد انباء الخبر الصحفى الذى نشرته جريدة الوفد الصادرة اليوم الاربعاء الموافق 6/7/2005 بعنوان “وفاة مسجونة داخل سيارة الترحيلات”.

وعلى الفور سارعت الجمعية بتشكيل فريق لتقصى حقائق تلك الواقعة يضم عددا من المحامين لمعرفة المسؤولين عن تلك الجريمة خاصة وان المعلومات الاولية التى توافرت للجمعية تؤكد وجود اهمال جسيم وانتهاك صارخ للكرامة الانسانية وللحق فى الحياة.

وقد توجه فريق الجمعية صباح اليوم إلى مستشفى القناطر العام حيث تبين ان السجينة الضحية وتدعى انشراح أحمد معروف تبلغ من العمر “41 عاما” ومحكوم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات فى قضية سرقة بالإكراه، وكانت تعانى من سرطان بالرحم، وكانت تتلقى العلاج بمستشفى قصر العينى الجامعى بالمنيل، وقد لفظت الضحية انفاسها داخل عربة الترحيلات اثناء نقلها من سجن الخليفة الى محبسها الدائم بسجن القناطر.

وليست تلك هى الواقعة الاولى للموت داخل سيارات الترحيلات التى لا تتوافر فيها الشروط الادمية اللازمة لصون كرامة وحياة المسجونين. حيث لا يوجد بتلك السيارات منافذ للتهوية المناسبة وغير معدة لتوفير الشروط الدنيا للسلامة الصحية ناهيك عن تكدسها باعداد تفوق الحد المسموح به قانوناً. وترى جمعية المساعدة ضرورة محاسبة المسؤلين عن هذا الاهمال الجسيم الذى تسبب فى حدوث الوفاة حيث كان ينبغى على هؤلاء المسؤلين نقل الضحية فى احدى سيارات الاسعاف المجهزة مراعاة للظروف الصحية للضحية. خصوصاً فى هذا الجو الحار والخانق والذى لا يمكن تحمله. والامر المثير للاستياء أنه لم يتم مراعاة الحالة المرضية للسجينة وحالة الهزال الشديد الذى كانت تعانى منه من جراء تلقيها للعلاج الكيماوى حيث تم تقييدها بالكلابشات مع احدى المسجونات داخل سيارة الترحيلات وماتت دون أن تدرى زميلتها بموتها حيث اعتقدت إنها كانت نائمة!!!

وعند وصول العربة إلى سجن القناطر تم اكتشاف موت السجينة ورفض مدير السجن تسلم الجثة وقرر عودة السجينة إلى مركز شرطة القناطر لإثبات الوفاة وبيان أسبابها لإخلاء مسئوليته.

وقد تم استدعاء الدكتور أسامة الحرزى من مستشفى القناطر لمعاينة الجثة وافاد التقرير الطبى الاولى بأن المسجونة قد فارقت الحياة منذ فترة داخل سيارة الترحيلات ولم يستدل على وجود اصابات ظاهرة على جسدها وان الوفاة نتجت عن هبوط حاد فى الدورة الدموية.

وقد حاول فريق الجمعية مقابلة نائب مأمور قسم شرطة القناطر الذى رفض ابداء اى تعاون. وبعدها تم التوجه إلى مدير نيابة القناطر الاستاذ/ شريف عبد النافع حيث قام بتقديم المزيد من المعلومات حول الواقعة حيث قررت نيابة شبين القناطر دفن الجثة. وقد سارع محامو الجمعية بتقديم بلاغ للنيابة العامة برقم 366 يطالب بتوقيع الكشف الطبى التشريحى للجثة لمعرفة الاسباب الحقيقة للوفاة لتحديد المسؤلين عن وفاتها.

وبالفعل قررت النيابة إحالة الجثة إلى الطب الشرعى وعمل التحريات اللازمة حول الواقعة.

تجدر الاشارة الى ان جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان وفى أكثر من حادث لموت السجناء فى عربات الترحيلات قد نددت بالمعاملة اللاإنسانية التى يتلقاها السجناء اثناء ترحيلهم . فقد قامت الجمعية بتاريخ 2/9/2004 بإصدار بيانها بعنوان ” نحو مواجهة أكثر شجاعة لكارثة مقتل ثلاثة مواطنين مصريين فى سيارة ترحيلات وزارة الداخلية ” وطالبت الجمعية فى حينها السيد المستشار وزير العدل بتكوين لجنة لتقصى الحقائق وبندب قاضى لتولى التحقيق فى ملابسات تلك الواقعة، حيث أعلنت الجمعية فى هذا البيان إستياءها البالغ من مقتل ثلاثة مواطنين أثناء ترحيلهم من منفذ السلوم البرى إلى قسم شرطة الترحيلات بالخليفة، وأشارت إلى الظروف السيئة واللاإنسانية التى تم فيها ترحيل الضحايا الثلاثة مع اخرين فى جو شديد الحرارة دون ماء أو طعام أو تهوية مناسبة لمسافة طويلة فى عربة خالية من المقاعد، وقد أشار بيان الجمعية إلى الأوضاع القاسية للسجناء بشكل عام، وأكد على أنها ليست الحالة الأولى ولكنها مسلسل متكرر ومستمر من الإنتهاكات الذى يصل حد القتل.

وتكرر جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان مطالبتها بضرورة التصدى لتلك الجرائم اللاإنسانية والتى تمارس ضد السجناء الأمر الذى يؤدى إلى موتهم فى عربات الموت تلك وذلك بتقديم المسئولين عن هذه الجرائم للعدالة. وضرورة توفير الشروط المناسبة لحماية السجناء من تلك الإنتهاكات بتوفير سبل أكثر إنسانية للتعامل معهم كآدميين وذلك أثناء إحتجازهم أو نقلهم من مكان لآخر.

وترفض جمعية المساعدة القانونية أبداء أية درجة من درجات التهاون مع المسئولين عن تلك الجرائم والذين بدلا من يقوموا بحماية أرواح السجناء فانهم يصرون على الاستهتار والتجاهل للمعايير الخاصة بمعاملة المسجونين. وتدعو الجمعية المسئولين بوزارة الداخلية بترك المكاتب الرحبة والمكيفة والسيارات المكيفة والفارهة وأن يقوموا بمعاينة الأوضاع التى يعيشها المسجونين والانتهاكات التى يعانوا منها داخل عربات الترحيلات ليروا حقيقة الجحيم الذى يهلك فيه المواطنين أثناء ترحيلهم دون وازع من ضمير.