13/7/2005

إن جريمة التعذيب جريمة حقيرة لا يقبلها أى عقل سليم أو ضمير حى وتعلو الصيحات للقضاء على هذه الجريمة وملاحقة مرتكبيها أيا كانت وظائفهم أو مناصبهم ، ورغم ما تراكمه منظمات المجتمع المدنى ونشطاء حقوق الإنسان من بيانات و تقارير وتوثيقات لشهادات حية للضحايا وما تبذله من جهود وما تقدمه من بلاغات إلا أن آذان الدولة مازالت صماء لا تسمع صرخات الضحايا . الأمر الذى يتنافى مع كل ما تدعيه من إحترام لحقوق الإنسان وما تتغنى به من خطواتها للإصلاح .

إن جرائم التعذيب ملمحا بارزاً للدولة البوليسية وتأكيد على سياسة القمع والإرهاب للمواطنين ، وبدون أسباب واضحة يمكن للدولة الإتكاء عليها مثل حماية الأمن العام أو مقاومة الإرهاب أو مكافحة المخدرات ، حيث أثبتت السجلات السوداء للتعذيب خاصة فى أقسام الشرطة أن الضحايا مواطنين بسطاء أوقعهم حظهم العاثر فى طريق جلادى وزارة الداخلية .

إن التعذيب فلسفة راسخة لوزارة الداخلية فى تعاملها مع المواطن المصرى الذى أصبح لا يشعر بالأمان فى بلده وبالتالى بهت إنتمائه لهذا الوطن الذى يفترس إنسانيته ويهدد حياته ويمتهن كرامته .

ومن آخر حلقات مسلسل التعذيب والتى استقبلها مكتب جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء 12/7/2005 حالة المواطن محمد عبده محمد 33 سنة والذى تعرض بقسم الدخيلة بالإسكندرية لأبشع أشكال التعذيب ،

وبدأت الوقائع بمنطقة الهانوفيل حيث كان المواطن المجنى عليه راكبا ميكروباص فى طريقه إلى منزله وأوقفت الميكروباص بكمين للشرطة وقام معاون المباحث عاطف أبو الوفا باستيقافه وسؤاله عن تحقيق الشخصية ولما أظهر المجنى عليه بطاقته وبعد البحث على اسمه والكشف اتضح إنه مسجل خطر( أ ) جرائم سرقة ، فقام باصطحابه إلى ديوان الشرطة بقسم الدخيلة ، وزعم معاون المباحث أن المجنى عليه كان يحمل كيسا به أقراص مخدرة للإتجار بها ،
وتوعد معاون الشرطة المجنى عليه بتلفيق تهمة الاتجار بالمخدرات وتم تحرير محضر شرطة بذلك وأمر الضابط باحتجازه لحين العرض على النيابة العامة ،

وقام بإذلاله بأجباره على تنظيف حمامات القسم ، مع السب والشتم فقام المجنى عليه بالإعتراض على سب أمه فما كان من معاون المباحث ومن معه وهم الضابط أحمد إدريس وأمين الشرطة هانى إلا ان إنهالوا عليه بالضرب بمنتهى القسوة والوحشية مستخدمين فى ذلك الشوم والعصى وكابالات الكهرباء لمدة ساعتين على الأقل مما أسفر عن حدوث إصابات متعددة فى وجه المجنى عليه ورأسه ورقبته وصدره وظهره وزراعيه وقدميه .

وسارع مكتب جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان بتقديم بلاغ بالواقعة وطلب سماع أقوال الشاكى وشهوده وعرضه على الفور على الطب الشرعى لإثبات ما به من إصابات وسببها والأداة المستخدمة فى إحداثها .

إن جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان تكرر نداءها ومطالبتها الحازمة بمعاقبة جلادى الداخلية ومحاكمتهم جنائيا ، وتحذر من التهاون معهم أو الإكتفاء بالجزاء الإدارى لما ينطوى عليه هذا من تستر على جرائم التعذيب ضد المواطنين البسطاء ، وما يؤكده هذا من قبول ودعم الدولة لتلك الجرائم . وما يؤسس له من ترسيخ مشاعر الكراهية لكل ماهو حكومى وكذلك اللجوء للعنف كوسيلة للقصاص بإعتبار العنف هو المفرزة الحقيقية للإرهاب .