26/1/2005
تابعت جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان من خلال أرشيفها الصحفي اليومي خبر نشر بجريدة الاخبار بتاريخ 21/12/2004 بعنوان “مصرع مسجون بقسم شرطة الوراق” والذى ورد به ( وفاة تباع لقى مصرعه داخل غرفة الحجز بقسم شرطة الوراق نتيجة لسقوط أربعة من المحجوزين فوق رأسه أثناء نومه ، وأنه يبلغ من العمر 17 سنة ويدعي صدام حسين حافظ و قد تم اخطار النيابة التي تولت التحقيق في الوفاة !!!) وبحجم الدهشة التى اثارها الخبر كان حجم الاستنكار والاستهجان لمدى التسيب والاهمال الذى يعامل به المواطنون داخل اقسام الشرطة .
ونظرا لغرابة الواقعة ولبعدها عن المنطق ثارت التساؤلات لدى فريق العمل بالجمعية حيث قام فريق المحامين بجمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان بالتوجه الى نيابة الوراق وهى الجهة التي تتولي التحقيق في واقعة الوفاة داخل الحجز وتمت مقابلة السيد الاستاذ رئيس نيابة الوراق الذي افاد أن ( الحدث كان متهم بسرقة كاسيتات سيارات وهي التهمة التي بسببها تم احتجازه بقسم شرطة الوراق وانه بالغ من العمر سبعة عشر عاما وشهور).
واثناء اللقاء مع رئيس النيابة وبالاستفسار عن سبب حجز الحدث مع البالغين بالمخالفة لما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل ؟!
كان رد سيادته انه (عادة ما يتم حجز الاحداث المتهمين مع البالغين الى ان يتم التأكد من حقيقة كونه حدثا والى ان يتم اثبات عمره الحقيقى حتي لايستفيد البالغ بالقوانين الخاصة بالاحداث) !!! ثم تمت مقابلة وكيل النيابة الذي قام بالانتقال الي مقر الاحتجاز الذى حدثت فيه وفاة الضحية صدام حسين حافظ وقد أفاد سيادته ( أنه عرف متداول في جميع مقار الاحتجاز ان يتم ربط “بطانية” بين شباك وباب غرفة الحجز لينام عليها المحبوسين نظرا للاعداد الكبيرة المحتجزة والتى لا تتناسب مع ضيق غرفة الحجز !! وبخصوص هذه الواقعة حدث انه اثناء نوم هؤلاء المحبوسين تمزقت البطانية وسقط المحبوسين على رأس الضحية الحدث صدام حسين حافظ مما ادى الى وفاته).
بعد ذلك قام محاموا الجمعية بالانتقال الي منزل الحدث الضحية للتحدث مع أهليته لوجود حلقة مفقودة فى تلك الرواية حيث تمت مقابلة الام و الاب فى جو يسوده الحزن والاسى لفقدان نجلهما بتلك الصورة الغامضة والتى تثير الشكوك حول السبب الحقيقى للوفاة حيث ابديا عدم تصديقهما للرواية التى قيلت لهما عن حقيقة ماجرى .
فى البداية تحدثت الام وتدعى جازية محمد نجم ربة منزل فقالت وقد اكتسى وجهها بملامح الحزن العميق :-
(ابنى اتقبض عليه يوم الاثنين – 13 ديسمبر – حوالى الساعة اتناشر ونص الضهر بمعرفة شخص اسمة ” بيسة” بيشتغل مرشد مع ظباط شرطة قسم الوراق. وظباط شرطة قسم الوراق قبضوا على ابنى ولفقوله تهمة سرقة تسجيلات سيارات . وقعد فى قسم الشرطة لغاية ما اتعرض على النيابة يوم الاربع – 16 ديسمبر – الساعة 9 الصبح وبعد التحقيق معاه فى النيابة ادوله 15 يوم على ذمة التحقيق. فرجعوه مرة ثانية لقسم شرطة الوراق. وقعد محجوزمن يومها. وكنت بروح القسم علشان اشوف ابنى انا واخواتة وكانت الزيارة صعبة وكان لازم ادفع فلوس كتيرة للمخبرين ولامناء الشرطة علشان اعرف اشوفة واوصلَه الاكل وساعات كان الظباط بيطلبوا منى كروت شحن لتليفوناتهم لغاية مابعت دهب بنتى علشان اقدر اشوف ضنايا. وكنت لما با اشوفة كان بيقولى انه بيتعذب وبيتكهرب فى بطنه وبيتعلق من رجليه وكان ظاهر عليه التعب الشديد والاصابات فى وشه ورجليه هو واللى معاه من الاحداث المتهمين فى نفس القضية واللى كانوا محبوسين على ذمتها لحد يوم 19 ديسمبر وهو يوم موت ابنى )
ثم تحدث والد الحدث المجنى عليه فقال
(جه ظابط اسمه “عبد الحميد ابوموسى” للبيت حوالى الساعة حداشر ونص الصبح وهو رئيس مباحث قسم الوراق، وخدنى لقسم الوراق يوم الاثنين 20 ديسمبر تانى يوم لوفاة ابنى صدام. وقابلت هناك مأمور القسم اللى قعد يتكلم معايا عن عيلتى واخواتى وسأل عن شغلهم ووظايفهم ومقليش علطول ان ابنى مات ، وفضلت قاعد فى قسم الشرطة من الساعة حداشر ونص الصبح لغاية الساعة عشرة بالليل ومحدش جابلى سيرة عن الوفاة للتعتيم على السبب الحقيقى لوفاة ابنى لغاية ما جه وكيل النيابة للتحقيق فى حادثة الوفاة وطلب منى انى اقابله يوم الاربع – 22 ديسمبر – وانا اصلاً كنت فى المستشفى بتعالج لما اتقبض على ابنى وكانت مراتى ام صدام بتنقل لى اخباره وقالت لى انهم فى القسم بيعذبوة وعلشات كده انا شاكك فى وفاته وانه مات من كثرة التعذيب)
وبالرجوع الى الأم قالت
(انا شفت جثة ابنى فى ثلاجة المستشفى وقعدت منتظرة حوالى نص ساعة على باب تلاجة الميتين فى مستشفى التحرير العام فى امبابة ودقيت على بابها وصرخت “افتحوا لى ، عايزة اشوف ابنى” ولما دخلت لقيت جردل مليان لنصه بالمية وكانوا بيحاولوا يمسحوا الدم من على جثة ابنى ولما شفته لقيت راسه غرقانة دم وحطيت ايدى على راسه لقيتها متفتتة والدم بينزف من ودنه الشمال وكانت ايديه باين عليها أثار التعليق ورجليه مجلوطة. ولما جه دكتور المستشفى وكشف عليه لقاه مصاب بكسر بقاع الجمجمة ونزيف عل سطح المخ وقد ارجع الوفاة الى هذا وانا لما كنت فى المستشفى سمعت الممرضات بيقولوا ان ظباط شرطة قسم الوراق كانوا عاوزين الدكتور يطلع تقرير بإن الوفاة طبيعية ومفيهاش شبهة جنائية لكن الدكتور رفض ذلك وانه حيكتب التقرير حسب اللى حيشوفه بعد الكشف على الجثة. وتانى يوم الصبح – الثلاثاء 21 ديسمبر – خدنا التصريح بدفن ابنى و كان فيه ساعة الجنازة عربية ميكروباص فيها بعض امناء شرطة قسم الوراق ومسابوناش الا لما دفنا ابنى. انا شاكه فى وفاة ابنى وطالبة التحقيق علشان اعرف الحقيقة).
لقد اصدرت الجمعية بيانا بخصوص هذه الواقعة تناشد فيه الرأى العام والمختصين الوقوف مع دعوتها لتخصيص مقار احتجاز مستقلة للاحداث الجانحين كما تقدمت ببلاغ للسيد المستشار النائب العام تطالب فيه بالتحقيق فى واقعة احتجاز حدث مع البالغين وتعذيبه مما الى وفاته. كما تقدمت ببلاغ الى نيابة الوراق يتضمن وجود شبهة جنائية فى وفاة الحدث صدام حسين حافظ داخل ديوان قسم شرطة الوراق . ان تلك الواقعة تؤكد على ضرورة تحقيق ما سبق وطالبت به جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان بتوفير مقار احتجاز للاحداث الجانحين مستقلة عن مقار احتجاز الكبار وجدير بالذكر ان الجمعية قد دعت الى ذلك منذ سنتين عبر مشروع قانون بتخصيص مقار احتجاز منفصلة للاحداث داخل اقسام الشرطة نظرا لما يعانيه هؤلاء الاطفال من انتهاكات نفسية وجسدية والموت احيانا داخل مقار الاحتجاز مع البالغين. وقد تبنى عدد من اعضاء مجلس الشعب المصرى مشروع القانون الذى تقدمت به الجمعية.