6/2005

انطلاقاً من حقيقة أن الانتخابات الحرة والنزيهة تشكل عنواناً هاماً للديمقراطية في المجتمعات المعاصرة. ومدخلاً للتطور الديمقراطي والاجتماعي في ظل التطورات المتلاحقة على المستويين الإقليمي والدولي. واستنادا إلى نصوص المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والدستور المصري اللذان يكفلان الحق في الانتخاب ، حيث تنص المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (1966) على حق المواطن “أن ينتخب وينتخب في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين”. أما المادة 62 من الدستور فتنص على أن ” للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني ” .

وتأكيدا لما ورد فى الإعلان العالمي -لمعايير انتخابات حرة ونزيهة- الصادر عن اتحاد البرلمان الدولي (باريس 1994) والذى ينص على أن سلطة الحكم في أي دولة تستمد شرعيتها فقط من الشعب، كما يُعبَّر عن ذلك في انتخابات حرة ونزيهة تعقد في فترات منتظمة على أساس التصويت السري العادل. ويحق لكل ناخب أن يمارس حقه في التصويت مع الآخرين وأن يكون لصوته نفس الثقل لأصوات الآخرين، وأن تضمن سرية الاقتراع.

واتساقا مع ما ورد فى وثائق الأمم المتحدة بشأن عمومية الاقتراع والتساوي في الاقتراع العام، أي أن يكون لكل مواطن الحق في التصويت في أي انتخاب وطني أو استفتاء عام يجرى في بلده. ويكون لكل صوت من الأصوات نفس الوزن، وعندما يجرى التصويت على أساس الدوائر الانتخابية تحدد الدوائر على أساس منصف، بما يجعل النتائج تعكس بشكل أدق وأشمل إرادة جميع الناخبين، ولضمان سرية الانتخاب يجب أن يكون بإمكان كل ناخب أن يصوت بطريقة لا سبيل فيها للكشف عن الطريقة التي صوت أو ينوي التصويت فيها، وأن تجرى الانتخابات خلال فترات زمنية معقولة.

وإيمانا بضرورة تعزيز نزاهة الانتخابات بأن يكون كل ناخب حرا في التصويت للمرشح الذي يفضله أو لقائمة المرشحين التي يفضلها في أي انتخابات لمنصب عام، ولا يرغم على التصويت لمرشح معين أو لقائمة معينة، وأن تشرف على الانتخابات جهات تكفل استقلالها وتكفل نزاهتها وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام السلطات القضائية، أو غير ذلك من الهيئات المستقلة النزيهة.

وإقرارا بأن القوى السياسية هي اللاعب الرئيسي في العملية الانتخابية، وأن اكتمال أركان ديمقراطية ونزاهة الانتخابات تتطلب إعلاما حرا وديمقراطيا نزيها يقدم تغطية موضوعية لمجريات العملية ويقدم للناخب -وهو لب العملية الانتخابية- المعلومات التي من شأنها رسم الصورة الكاملة أمامه ليختار بكامل إرادته الخيار الذي يمثله. وبالإضافة للإعلام فإن لمؤسسات المجتمع المدني دورا مهما في العملية الانتخابية بقدر اسهامها فى ضمان حياد ونزاهو الانتخابات وبقدر اسهامها في توعية الناخبين ورقابة العملية الانتخابية بكل جوانبها .

ومن هذا المنطلق ومع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة ومجلس الشعب، ومن أجل ضمان شفافية ونزاهة الانتخابات بمختلف مراحلها، فقد ارتأت عدد من المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية تأسيس المرصد الانتخابي المصري( إئتلاف المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات) لمراقبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

من نحن
يضم المرصد في عضويته منظمات غير حكومية حقوقية مصرية، تسعى لأخذ دورها في عملية رصد ومراقبة العملية الانتخابية، وتعمل كل منها في جانب أو أكثر من جوانب العملية الانتخابية، منها ما يهتم بدراسة البيئة السياسية والتشريعية، أو مشاركة ودور المرأة، ومنها ما يهتم بدور وسائل الإعلام، وأخرى بدراسة العملية برمتها ونتائجها لتقديم بيانات إحصائية متكاملة، وأخرى تهتم بالأبعاد القانونية وغير ذلك من الجوانب ذات الصلة بنزاهة وشفافية الإجراءات الحكومية وعمليات الفرز والاقتراع والحرية المتاحة للناخبين والمرشحين، وبعضها يدرس توجهات الرأي العام. وبالتالي يكون دور هذا المرصد التنسيق بين المراكز والمنظمات الحقوقية بغية ضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية…إلخ.

وللمرصد هيئة استشارية من عدد من الشخصيات العامة وأمانة عامة تتولى مسئولية إصدار التقرير النهائي وتحريره، وسكرتارية فنية تتولى مسئولية إدارة المرصد ومتابعة أنشطته المختلفة والتنسيق بينها، وتتخذ من المنظمة المصرية لحقوق الإنسان مقراً لها .

أما بالنسبة للتمويل ، فقد اتفق على أن المرصد باعتباره جهة تنسيقية لا يتلقى أي تمويل بالأصالة عن نفسه، على أن يتقبل فقط مساهمات من المنظمات العضوة بالمرصد لتسيير أعماله الإدارية وإصدار تقاريره الدورية ، وأن المنظمات الأعضاء مستقلة من حيث موارد التمويل ، وتعمل داخل المرصد على إيجاد تمويلها منفردة لدعم أنشطتها ذات الصلة ، دون قيد سوى ما تشترطه قواعد لوائحها الداخلية .

رسالة المرصد الانتخابي
يهدف المرصد بشكل عام إلى المساهمة فى ضمان نزاهة وحيادية الإنتخابات، ويؤدي مهامه في إطار من الشفافية والمصداقية والحياد دون أن يمثل أي طرف سياسي، ويلتزم فى هذا السياق بمبادىء ومعايير الأمم المتحدة لمراقبة الانتخابات، والدقة في العمل، والموضوعية في التقييم الذي يجب أن يكون مبنيا على حقائق، والاستقلالية في اتخاذ القرارات، و الحياد، وعدم الانحياز لأي حزب من الأحزاب السياسية القومية والمعارضة، والخبرة الكافية بالعملية الانتخابية، وكيفية كشف الانتهاكات الواقعة قبل وأثناء العملية الانتخابية، والالتزام بكامل الشفافية سواء فيما يتعلق بمصادر المعلومات أو المصادر المالية لدعم أنشطة الإئتلاف.

معايير وقواعد العمل
تعرف الرقابة بأنها عملية جمع وحصر المعلومات حول العملية الانتخابية بكافة مراحلها، وذلك باتباع آلية منهجية ومنظمة، في جمع المعلومات حول سير تلك العملية، التي تستخدم فيما بعد لإصدار تقييمات موضوعية ومحايدة. وتهدف الرقابة إلى التأكد من سير العملية الانتخابية بشكل نزيه، بعيدا عن التزوير والتلاعب بأي شكل كان، وفقاً للمعايير الدولية ذات الصلة .

وتبدأ عملية الرقابة منذ بداية المراحل الأولى للانتخابات، حيث تتضمن تحليل البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية للانتخابات، ومراقبة عملية التسجيل، وعمل لجنة الانتخابات، والحملات الانتخابية، والاقتراع، وفرز الأصوات، وكافة الأمور المتعلقة بهذه العملية حتى إعلان نتائج الانتخابات.

أما المراقبون فهم أشخاص مستقلون ومحايدون من غير ذوي الصلة بأطراف العملية الانتخابية، و يقتصر دورهم على مراقبة العملية الانتخابية لغرض تقييمها، وذلك من خلال تقاريرهم التي تعبر عن مدى نزاهة العملية الانتخابية والتزامها بالمعايير الدولية.

الأهداف:
تتمثل أهداف المرصد الانتخابي في الآتي:
1- إجراء تقييم للعملية الانتخابية يتسم بالاستقلال وعدم التحيز والموضوعية.
2- تشجيع المشاركة لبناء ثقة المنتخب في العملية الانتخابية.
3- ضمان سلامة العملية الانتخابية،
4- الإسهام في تصويب وتطوير مسار العملية الانتخابية مستقبلاً من خلال استخلاص الدروس من العملية الانتخابية التي ستجرى هذا العام.

آليات العمل :
وبغية تحقيق الأهداف السابقة تقوم المنظمات الأعضاء في المرصد بالتحرك في أربعة مسارات وهي:
1- تقييم الفترة السابقة على الانتخابات وفترة الحملات الانتخابية.
2- رصد وتقييم مرحلة التصويت.
3- رصد وتقييم مرحلة فرز الأصوات وإعلان النتائج والطعون.
4- استكشاف آفاق مرحلة ما بعد الانتخابات.

وأثناء المراحل الثلاث الأولى تضطلع المنظمات الأعضاء بالمرصد بالمهام التالية:
(1) تقييم البيئة السياسية والتشريعية والتي تجرى في إطارها العملية الانتخابية .
(2) رصد مرحلة ما قبل الانتخابات ( مراقبة الدعم المالي ومصدره، حجم الدعاية ومصروفاتها، أساليب الدعاية غير الشرعية وغير الأخلاقية ، الانتهاكات التي تقوم بها الشرطة والجهات الإدارية ، وخاصة بالنسبة للدعاية والمؤتمرات والتصاريح الخاصة بها واعتماد التوكيلات ، موقف الإعلام بكافة وسائله ومدى استقلاليته وحيدته بالنسبة لكافة المرشحين ) .

(3) متابعة ورصد العملية الانتخابية.
(4) استقبال أي شكاوى تتعلق بالمراحل الانتخابية (الدعاية الانتخابية، الاقتراع، فرز الأصوات وإعلان النتائج).
(5) تقديم المساعدة والدعم القانوني لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان أثناء العملية الانتخابية .

(6) تنظيم حملات إعلامية وندوات وورش عمل واسعة لزيادة الوعي الانتخابي وتثقيف الجمهور وتشجيعه على المشاركة في الانتخابات، وإعلامه بكافة التفاصيل اللازمة لقيامه بالتسجيل والاقتراع.

(7) إصدار تقارير نوعية بعد كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية، وإصدار عدد من النشرات الدورية على مدار فترة الانتخابات.
(8) تنظيم دورات تدريبية للمحامين والصحفيين والإعلاميين وغيرهم حول آليات رصد الانتخابات وكيفية إعداد التقارير عن الانتخابات .

أما المرحلة الرابعة للانتخابات، فتتضمن دراسة وتحليل نتائج العملية الانتخابية، وصياغتها في صورة تقرير ونشرها للرأي العام وتوزيعها فيما بعد على الجهات المعنية. ويضم هذا التقرير الشامل ، التقارير الصادرة عن المنظمات الأعضاء بالمرصد ، بعد إعادة تحريرها من قبل أمانة المرصد .

وختاماً
فإن نزاهة العملية الانتخابية وحرية المنافسة السياسية وإتاحة الفرصة للمواطن ليقول كلمته من خلال صناديق الانتخابات والإشراف القضائي على الانتخابات بحيث يتمتع فيه القضاة المشرفون عليها باستقلال كامل عن السلطة التنفيذية والتزام أجهزة الدولة كلها بما في ذلك الأجهزة الأمنية والإعلامية والقضائية وغيرها دورا حياديا خلال فترة المنافسة الانتخابية وحتى إعلان النتائج النهائية للانتخابات وما بعدها.. هي التي ستحكم على مصداقية الخيار الديمقراطي في البلاد، ذلك أن التلاعب في أي مرحلة انتخابية سوف يهدد هذه المصداقية.

لذلك يدعو المرصد الانتخابي المصري كافة الأجهزة الحكومية والأحزاب السياسية والمرشحين ووسائل الإعلام التعاون معه بهدف تسهيل أدائه لمهامه، ومن أجل انتخابات حرة ونزيهة.