3/5/2005

في الوقت الذي يحتفل فيه العمال بعيدهم تستعد الحكومة حاليا لإجراء تعديلات على قانون العاملين المدنيين بالدولة بدعوى تحقيق مصالح العاملين ورفع كفاءة الجهاز الإداري للدولة بينما تستهدف التعديلات تقليص الحقوق المكتسبة إلى أفصى حد ممكن وتسهيل فصل العاملين بإدخال تعديلات جوهرية في نظام قباس كفاءة العاملين.

وتأتي هذه التعديلات في الوقت الذي تزداد فيه معاناة 7 ملايين مواطن هم إجمالي العاملين المدنيين بالدولة،حيث يعانون من تدهور مستوى معيشتهم بسبب الإرتفاع الهائل في أسعار السلع والخدمات الأساسية بينما لاتزداد أجورهم بما يمكنهم من اللحاق بالزيادة المستمرة في الأسعار، على تخلي الدولة عن تقديم أية خدمات لهم في مجالات الصحة والسكن بما ضمن لهم الحياة الكريمة، لذا فقد أصبح العاملون أقرب إلى معدومي الدخل الأمر الذي يدفع الكثيرين منهم للعمل في أعمال أخرى لكي يتمكنوا من تدبير نفقات المعيشة الباهظة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم مشكلة البطالة التي يعاني منها جيش العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات والمعاهد والدبلومات، وهو ما يزيد الأوضاع المعيشية تدهوراً في ظل عدم قدرة القطاع الخاص على توفير العدد الكافي من فرص العمل لإستيعاب العاطلين.

إن التعديلات المقترحة سوف تؤدي إلى زيادة الأعباء والمعاناة التي يتكبدها الموظفين في الدولة، ورغم محاولات الحكومات السابقة إدخال مثل هذه التعديلات إلا انها كانت تتراجع خوفاً من رد الفعل الغاضب من ملايين العاملين الذين يمثلون عصب الجهاز الإداري للدولة المصرية، وفي هذا السياق كانت صحيفة الأهرام قد نشرت النص الكامل لتعديلات قانون العاملين المدنيين بالدولة في عددها الصادر في 10 مارس 2002 في أعقاب حادث حريق قطار الصعيد، حيث فيها أن مجلس الوزراء وافق على قرار رئيس الجمهورية بتعديل بعض احكام قانون نظام العاملين المدنين بالدوله الصادر بالقانون‏47‏ لسنة 1978 تمهيدا لتقديمه الي مجلس الشعب لمناقشته وتستهدف التعديلات وضع نظام من قبل السلطه المختصه يكفل قياس كفاءةه الاداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعه نشاط الوحده واهدافها‏،‏ ونوعيه الوظائف به

ا‏.‏ وتضمنت التعديلات التي أنتهي منها الجهاز المركزي للتنظيم والإدراة ونشرتها صحيفة الأهرام في عدد 30 ابريل 2005 تعديل المادة 28 الخاصة بقياس كفائة العاملين فبدلاً من مراتب الكفاءة “ممتاز وجيد جداً وجيد” سيتم استبدالها بمرتبة واحدة فقط هى “كفء” وبدلاً من مرتبتى متوسط الكفاية وضعيف ستكون درجة واحدة هى “غير كفء”، وتعديلات هذه المادة ستؤدى إلى فصل وتشريد العاملين بناء على تعديل المادة 35 التي تفتح الباب على مصراعيه لطرد وفصل العاملين بعرض أمر العامل الذى يقدم عنه تقرير كفاية بمرتبة غير كفء مرة واحدة على لجنة شئون العاملين التى يحق لها إحالته إلى المعاش.

كما تتضمن التعديلات إضافة مادة برقم 51 مكرر تجيز للسلطة المختصة منح العامل:

    • 1. ‏ترقيه العامل ترقيه استثنائيه الي الوظيفه الاعلي درجه او درجتين وتكون الترقيه بقرار من السلطه المختصه بناء علي موافقه الجهاز المركزي للتنظيم والاداره‏.‏

    • 2. ‏منح العامل علاوه او علاوات استثنائيه بحد اقصي ثلاث علاوات بذات فئه العلاوه الدورية لدرجته المالية ولو تجاوز بها القدر المسموح به بالتدرج بالعلاوات ويكون المنح بقرار من السلطه المختصه بناء علي موافقه الجهاز المركزي للتنظيم والاداره‏.‏

    • 3. ‏منح العامل مكافاه ماليه تقدرها السلطة المختصة وفقا لحجم الانجاز المتحقق‏.

    وسوف تؤدي هذه المادة في حالة إقرارها إلى التوسع فى اساءة استخدام السلطة والفساد والمحاباة وإهدار حقوق العاملين الغير مرضي عنهم لأي سبب من الأسباب.

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يرى أن إدخال هذه التعديلات يأتي في اطار تنفيذ السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة وأدت إلى الإنهيار الإقتصادي بعد الاتجاه نحو الخصحصة وفصل وتشريد عمال القطاع العام بالمعاش المبكر، وإن هذه التعديلات تعتبر استمراراً في تنفيذ سياسة تحرير السوق والإنقضاض على حقوق ومكتسبات العمال، فبداية من قانون 203 لسنة 1991 الذي أقر الخصخصة ومروراً بقانون العمل الجديد رقم 12 لسنة 2003 الذي أهدر الكثير من حقوق العمال لصالح أصحاب العمل تتجه أخيراً الحكومة للإنقضاض على حقوق ومكتسبات العاملين المدنيين بالدولة. إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يرفض هذه التعديلات فإنه يطالب الحكومة بالعمل على زيادة الحد الأدنى للأجور وتنقية قانون العاملين المدنيين بالدولة من المواد التي تساهم في زيادة العبء على العاملين وأن تجعل القانون خاليا من التقييدات والمحظورات والعبارات المطاطة التي لاتتلاءم مع المعايير الدولية للحفاظ على حقوق ومكتسبات العاملين.

ويطالب مركز الجنوب لحقوق الإنسان الحكومة بالسعي نحو تحسين أحوال وزيادة الحقوق العمالية بدلاً من القضاء عليها بدعوى التحديث والتطوير، وحظر الحخكومة من مخاطر الإستمرار في انتهاك خقوق العمال الذين يواجهون مشكلات الحياة بصبر بدأ ينفذ وسينفجرون إذا ما أصرت الحكومة في توجهها نحو زيادة معاناتهم بدلاً من السعي لتخفيف الأعباء المتزايدة عليهم.

ويدعو مركز الجنوب لحقوق الإنسان كافة النقابات المهنية والعمالية وكافة منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق العمال إلى بذل أقصى جهد ممكن للتصدي للكارثة المتمثلة في التعديلات المزمع إدخالها على قانون العاملين المدنيين بالدولة لوقف تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مصر.