9/3/2005
من اين ياتى كل هذا الحزن وكانت حين فتحنا ملف المفقودين والضحايا من شبانا فى رحله البحث عن عمل فتحنا جرحا بطول مصر وعرضها كل الذكريات والاحلام ابتلعها البحر المتوسط فى لحظه غارده لم ترحم اموجه العاتيه الشباب الغض الذى حاول ان يتملص من واقع مرير هنا ليلقى مصيرا هناك اكثر مرارة
كانت الصحراء المنبسطه على جانبى طريق القاهرة الفيوم دليل ادانه لاولئك القابعين فى مكاتبهم المكيفه ولا يبالون فلو فكروا قليلا لادركوا ان هذه الصحراء الممتده كانت تنتظر سواعد هؤلاء الشباب الذين يغامرون بحياتهم ويدفعون ثمنا فادحا للقبض على فرصه عمل
كانت الصحراء المستويه ومازالت تنتظر قطرات من الماء وكثير من العراق اكثر من ثمانين كيلو مترا
ونحن فى طريقنا الى الفيوم لم نر شجره واحده خضراء فوق الرقعه الصفراء الممتده وفى المقابل كانت قريه تطون الت! ابعه لمركز اطسا بمحافظة الفيوم توارى جثمان سبعه من شبابها من بين تسعه ضحايا من ابنائها فى البحر المتوسط عند سواحل ليبيا تسعه من ابناء تطون غرقوا ولم يعتر حتى الان على سبعه جثث ومازالت جثتين مفقودتين حتى تلك اللحظه وفى الوقت ذاته قريتى النجيله ومعنين بمركز كوم حماده بمحافظة البحيرة توارى جسدى شابين كان ضمن الضحايا فى نفس الرحله اما قريه منشيه نجاتى التابعه لشبين الكوم بمحافظه المنوفيه فقد كان نصيبها من الاحزن ان وارت احد شبابها لتنضم صفحه اخرى من صفحات الماساه الى مئات الصفحات السابقه الاكثر قتامه والتى كان مدادها من ارواح شباب مصر الضائع بين الواقع والحلم المستحيل حين وصلنا الى قريه تطون التابعه لمركز اطسا بالفيوم ادهثتنا مبانيها واتساع طرقها فقد كنا نظن انها قريه مثل معظم قرى مصر …
البيوت ذات الدور الواحد والطرق الترابيه والدواب التى تغدو وتروح
وازياء المزارعين التقليديه غيران تطون بالقطع كانت تختلف حين سالنا ادركنا ان هذه المبانى الحديثه كانت نتاجا طبيعيا لعمل اكثر من سته الاف من ابنائها فى ايطاليا سته الاف من قريه كبيره يبلغ تعدادها اكثر من 60 الف ن! سمه تتسع اراضيها فتتجاوز الثلاث الالاف فدانا هذه الصورة الرائعه لقريه مصريه مزدهرة لم تخلو من البقع السوداء فالحزن الذى يخيم على القريه بعد ان فقدت تسعه من شبابها لم يكن الاول ولن يكون الاخير ،فقد فقدت منذ اكثر من ثلاث سنوات 18 شابا من ابنائها ابتلعتهم مياه البحر المتوسط ايضا ولا يعرف احد عنهم شيئا حتى الان هل هم اموات … ام احياء ..
لا احد يعرف على وجه اليقين وبالرغم من هذه الكارثه فان معدل الهجرة الغير الشرعيه بعدها ارتفع بشكل كبير لدرجه ان تطون يطلق عليها اسم ميلانو مصر نظر لان معظم ابنائها يعملون فى مدينه ميلانو الايطاليه وهو الامر الذى يغرى الشباب بالمحاوله بالرغم من مخاطر الابحار غير الامن
يقول صلاح كمال عبد الوهاب شقيق احد الضحايا وماذا يفعل الشباب وقد انسدت كل ابواب الامل فى وجهه فشقيقى عادل كان يبلغ من العمر 28 عاما متزوج ولديه بنت واحده عمرها الان عشرة شهور بعد ان حصل على دبلوم التجارة ظل يبحث عن عمل حقيقى دون جدوى والدنا فلاح كان يستاجر فدانا وبعد تطبيق قانون المالك والمستاجر فى الارض الزراعيه ارتفع ايجار الفدان ارتفاعا جنونيا فترك الفدان للمالك من ي! ومها ونحن نعانى فكر اخى فى السفر الى ايطاليا خاصه وهناك الكثير من اصدقائه قد سافروا ونجحوا باع ابى له البقرة والجاموسه حتى يوفر له 25 الف جنيها وهو الثمن الدى يطلبه الوسيط فى مقابل السفر فى قريتنا اكثر من وسيط ادكر منهم خالد مكاوى وجمعه ابو طويلة وابراهيم عطيه القاسى سافر اخى ضمن 180 شابا من قريتنا الى ليبيا وبالتحديد الى منطقه ابو كماش وزوارة غرب طرابلس وفى يوم ابحارهم ركب اخى ضمن 35 راكبا فى قارب صغير كان من المفترض ان يقلهم خارج المياه الاقليميه الليبية حيث تنتظرهم جرافه وهى مركب صيد كبير تجرهم حتى سواحل ايطاليا لكن البحر هاج فجاه وثارت امواجه فانتفلب قبل ان يصل الى الجرافه ومات من قريتنا تسعه من شبابها غرقا كان اخى من بينهم انتشلت السلطات الليبه جثث الضحايا فسافرنا الى هناك ولا استطيع ان اصف مدى المعاناه التى وجدناها حتى استطعنا ان نستلم جثث الضحايا فبالاضافه الى مشقه السفر فقد تكلف احضار الجثه الواحده اكثر من 40 الف جنيها ..
فهناك كل شئ له ثمن واصبحت المساله بالنسبه لنا موت وخراب ديار ومن المحزن ان السلطات اليبية لم تنتشل سوى سبعه جثث من الضحايا التسعه وقد حاول اهل من! لم يتم انتشالهم تاجير غواص يقوم بالبحث عنهم فابلغتهم السلطات اللييه ان التكلفه ستبلغ 100 الف جنيها للغواص الواحد لان الغواص يتم استدعائه من مصر فلا يوجد فى ليبيا غواصون ولكم ان تعلموا على سبيل المثال ان كل شئ يتم حسابه على اهل المتوفى فاجر الطبيب الشرعى والتحنيط ورسوم الاجراءات وثمن الصندوق الخشبى والصندوق الزنك على حسابك واجره السيارة فقط التى اقلت الجثمان من ليبيا الى هنا وصلت 1500 دينار ليبى فى الوقت الدى لم يقم به الدكتور /محمود رافت محافظ الفيوم بصرف اى اعانه لاهالى الضحايا اسوة بمحافظ الدقهليه الدكتور احمد سعيد صوان الدى صرف اعانات عاجله لاهالى ضحايا قريه ميت ناجى
ويضيف احد اهالى القريه ما يحزن حقيقه ان هناك من بين الضحايا من هو العائل الوحيد لاسرته فمحمود راوى صلاح كان اكبر اشقائه الاربعه فله شقيق صغير وثلاثه شقيقات توفى والده فاصبح هو العائل الوحيد لا يمتلكون ارضا وامه تعمل بائعه خضار كما ان الماساه تكتمل ادا علمتم ان محمود متزوج ولديه ولدان هده الاسره الكبيرة لم يعد هناك من يعولها كان عمر محمود 28 عاما حصل على مؤهل متوسط بحث كثيرا عن عمل ولكنه لم يوفق ف! لم يجد امامه من طريق سوى السفر الى ايطاليا ولكن السؤال المهم00من سيعول الاسرة الان اننى انا شد المسئولين ان يصدروا قرار بمنح معاش استثنائى حرصا على تلك الاسرة وان يتم اعفاء ابنائها من مصروفات المدارس ..
هدا اقل ما يجب ان يقوم به المسئولين تجاه اسرة اصبحت على حافه الهاويه
الامر لا يختلف كثيرا مع صبرى حسن مجاهد وهو احد الضحايا فصبرى كان يبلغ من العمر 32 عاما متزوج ولديه بنتان كما انه العائل الوحيد لامه بعد وفاه والده كان صبرى يعمل فلاحا باليوميه فلم يكن يمتلك سوى 6 قراريط وزراعتها بالقطع لا تكفى متطلبات الاسرة المفجع فى الامر ان صبرى باع قراريطه الست ونصيبه فى البيت ليدبر 25 الف جنيه قيمه السفر الى ايطاليا سافر صبرى مع المسافرين ولم يعد الاجثه فى صندوق يقول اهالى القريه اننا ناشد المسئولين ان يرحموا تلك الاسرة وان يمنحوها معاشا استثنائيا بعد ان فقدوا عائلهم الوحيد لقد حاول صبرى ان يودع الفقر فودف الحياه الى الابد
الصورة تزداد قتامه كلما او غلنا فى التفاضيل يقول اهل القريه عن اشرف فتحى يوسف فتحى يبلغ من العمر 23 عاما وحاصل على مؤهل متوسط كان الامل الوح! يدلابيه الدى يعول 8 اولاد ابو اشرف يعمل صيادا للحمام فى كل صباح يحمل شبكته وحبات من القمح ويدهب الى الحقول ينشر شبكته وينثر عليها القمح وحين يحط الحمام لياكل يلقى عليه بالشبكه تلك مهنته والتى لا تكفى قوت اسرته وكان يحلم كثير بمستقبل ابنه حين يصل الى ايطاليا وكيف سيساعده فى تربيه اشقائه غير ان البحر كان له راى اخر فقد عاد اليه ابنه اشرف وهو جثه هامده ويقول والد عماد احمد فرج عن ابنه ابنى يبلغ من العمر 25 عاما كان يعمل فلاحا فانا لم ادخله المدارس لضيق دات اليد فانا اعمل بوابا ولدى 6 ابناء ولا امتلك ارضا ولا عقارا فبالله عليكم كيف استطيع ان اعلم اولادى كان عماد اكبرا ابنائى وكنت اعتمد عليه كثيرا لتوفير متطلبات اسرتى
فى صباح كل يوم كان يخرج للعمل فى حقول الاخرين وفى نهايه النهار يعود الى البيت وقد اعيا التعب يعطينى اجره بالكامل ليساعدنى فى نفقات الاسرة حين جاء الى وقال انه يريد ان يسافر لم اعارضه فى السفر ولكن المشكله كانت فى تدبير نفقات السفر التى تصل الى 25 الف جنيها قمت بالاستدان من بعض الموسرين فى القريه وكتبت شيكات على نفسى بالمبلغ
اليوم وبعد موت ابنى لا اعرف كيف استطيع ا! ن ارد دينى
اقول لكم الحقيقة اننى لم افقد ابنا فقط بل فقدت سندى الوحيد فى الحياه
لم نستطع ان نلتقى باهل اكرم ممدوح محمد ولا باهل اكرم كمال احمد فقد كان الحزن المخيم على الاهل والبيوت يجبرنا على الصمت عير اننا عرفنا من اهل القريه ان اكرم ممدوح محمد كان يبلغ من العمر 23 عاما ابوه يعمل فلاحا ويستاجر نصف فدان ولديه خمسه اشقاء كان بيت اكرم يحكى كل شئ الجدارن الطينيه والاثاث البسيط اينما ننظر كان الفقر يطل بوجهه القبيح
ولم يختلف الحال فى بيت اكرم كمال احمد الدى يبلغ من العمر 18 عاما ابوة فلاح ايضا ويستاجر نصف فدان حصل اكرم كمال على مؤهل متوسط وككل شاب فى مقتبل العمر حاول اكرم ان يسافر مثل الاخرين غير ان البحر كتب النهايه القصه داتها مع رمضان عمر عبد القوى وحسين بكرى احمد وهما ضحيتان غرقا فى البحر المتوسط ايضا ولم يعثر على جثثيهما حتى اليوم فرمضان كان يبلغ من العمر20 عاما وحاصل على مؤهل متوسط ابوة فلاح يمتلك 6 قراريط وله ثلاثه اشقاء ولك ان تتحيل كيف تعيش اسره بهدا العدد على ريع سته قراريط فقط اما حسين بكرى فقد كان يبلغ من العمر 20 عاما والده كان يعمل فراشا والان على الم! عاش لا يمتلك ارضا ولا عقار لديه 7 ابناء من بينهم اكرم الان مات اكرم حتى جثته لم يعثروا عليها وضاعت كل الاحلام فى البحر المتوسط
لم تتوقف الماساه عند قريه تطون بمحافظة الفيوم بل ان محافظة البحيرة كان نصيبها من تلك الكارثه جثتان فقد غرق الشابان محمد عمر البسومى وسمير ابراهيم سيد احمد مع ضحايا قريه تطون وفى قريه النجيله التابعه لمركز كوم حماده قال لنا والد محمد عمر لم اكن ادرى ان ابنى سيلقى مصرعه بهده الطريقه ولكنها اراده اله فلقد تخرج مند عامين من كليه التربيه الرياضيه وقرر السفر الى الخارج عن طريق احد اصدقائه الدى اوهمه بامكانيه السفر الى اوربا عن طريق ليبيا ولقد رفضنا طلبه لمده عام كامل غير ان العمركان يمضى فقد بلغ محمد 23 عاما وكان لابدله من العمل بحثنا كثيرا دون جدوى وبعد ان تملكنا الياس فى الحصول له على عمل هنا وافقت على سفره اننى ادين الحكومه التى تسببت فى قتل ابنائنا فلو وفرت لهم فرص عمل حقيقيه ما غامر احد بالسفر بهده الطريقه غير المامونه
وفى قريه مغين التابعه لمركز كوم حماده قالت والده سمير ابراهيم سيد احمد كان ابنى سمير يبلغ من العمر 23 عاما توفى والده منذ! ثلاث سنوات عزم ابنى على السفر بعد بقائه اكثر من ست سنوات يبحث عن عمل دون جدوى وقد وقع ابنى ضحيه مافيا التسفير الى الخارج واتفق مع الوسيط الدى يدعى ياسر حميده صبحى علىالسفر مقابل 20 الف جنيها وبناء على رغبه ابنى قمت ببيع قطعه ارض والتوقيع على ايصالات امانه لهذا الشخص الذى تعرفه الشرطه جيدا ولم ادر الا بوصول جثه ابنى فى صندوق لقد تركنى والده ومعى خمسه ابناء اصغرهم فىالمرحله الاعداديه ولم تنته الماساه عند هذا الحد فاخبار الضحايا تتوالى بلا انقطاع لتصيب قلب مصر واطرافها بجراح عميقه
منذ ايام استلمت السلطات المصريه 148 شاب مصريا فشلوا فى محاولتهم الدخول الى اليونان منهم 57 شابا من الدقهليه و 55 شابا من البحيره و11 شابا منكفر الشيخ و4 شباب من الغربيه و3 شباب من اسيوط ولحسن الطالع فقد عادوا من محاولتهم الفاشله احياء الىان السؤال الذى يطرح نفسه بقوة الى متى ستظل الحكومه بسياستها الخاطئه تدفع بشباب مصر الى المغامرة بحياتهم فى سبيل الحصول على فرصه عمل
من جهتنا تطالب مؤسسة اولاد الارض لحقوق الانسان ومركز الجنوب بان يتم صرف اعانات عاجله لاهالى ضحايا قريه تطون بمحافظة الفيوم! واهالى ضحايا قريه النجليه وقريه معنين بمحافظة البحيرة وايضا اهالى الضحايا فى قريه ميت ناجى وتلبانه بمحافظة الدقهليه وقريه شبراملس بمحافظة الغربيه وكل اهالى الضحايا على امتداد مصر كلها كما نطالب بدراسه كل حاله على حده وصرف معاش استثنائى لكل اسرة كان عائلها من بين الضحايا كما ندعو الحكومه الى تصحيح مسارها وخلق فرص عمل حقيقية امام الشباب الذى وصل الى مرحله من الاحباط لا يمكن السكوت عنها