13/6/2005

فجأة وجد الحاج عبد الموجود نفسه أمام المجهول ،فمع بداية عام2005 وبدء تطبيق اتفاقية التجارة العالمية أصبح لزاما عليه أن ينتج محاصيلا ذات جودة عالية ،

فالعالم أصبح قرية صغيرة واحدة والحواجز الجمركية لم تعد عائقا أمام المنتجات الزراعية للدول الأخرى لغزو أسواقنا وأصبح على الفلاح المصري إما أن يتواكب مع تلك المتغيرات وينتج محاصيلا قادرة على المنافسة سواء على الصعيد المحلى أو العالمي وإما أن يصبح في ذمة التاريخ0000!

كانت الحكومة قد مهدت الطريق إلى يسمى بتحرير السياسة الزراعية حيث قامت بإصدار حزمة من القوانين ومنها القانون رقم 96لـــــ92 والذي نص على تحرير العلاقة الايجارية بين المالك والمستأجر في الأرض الزراعية كما ألفت الحكومة الدعم على م! ستلزمات الإنتاج من تقاوي وأسمدة ومبيدات وأيضا قامت بإلغاء الدورة الزراعية

الحاج عبد الموجود مازال يذكر خسائره في القطن العام الماضي حين إنخفض سعر القنطار من 1200 جنيها إلى أقل من 600 جنيها في الوقت الذي وصل فيه سعر القطن الأمريكي في الأسواق المصرية إلى 450 جنيها والفلاح الذي حاول أن يصدر منتجاته مازال يذكر كيف رفضت اليونان قبول البطاطس المصرية حتى سوريا والسعودية أغلقت أبوابها أمام الأرز والبصل 00

يتذكر الحاج عبد الموجود حين حرث إنتاج الطماطم في الأرض لأنها لن تأتى بمصاريف نقلها وكيف وقف متحسرا أمام محصول الثوم الذي لم يأت بمصاريف التكلفة 000 هكذا وقف الحاج عبد الموجود ينظر إلى الأفق حائرا وهو يقول صادقا 00 ما العمل 000!

تشير أحدث الإحصائيات الرسمية أن قيمة ما صدرته مصر من منتجات زراعية في العام الماضي لا يتجاوز المليار دولار ومعظمها تتركز على صادرات القطن والأرز والبطاطس والموالح وكميات قليلة من المنتجات الأخرى مثل البصل والثوم والفراولة

وأن هذا الرقم معرض للانخفاض في الأعوام القادمة لان معظم الدول المستوردة لا تتهاون في حق المستهلك وترفض قبول! المنتجات التي تدخل فيها الأسمدة والمبيدات

وأيضا التي لا تتوافر فيها شروط الجودة والمواصفات كان على باحثي أولاد الأرض التنقيب عن الأسباب التي جعلت من المنتج الزراعي المصري في مرتبة متأخرة وغير قادر على المنافسة وكان أول الأسئلة التي طرحناها000 كيف لم نصل إلى زراعة نظيفة خالية من المبيدات والأسمدة 000! وكانت أهم الأسباب التي توصلنا إليها من خلال بحثنا الميدانى هي

1-تلوث مياه الري نتيجة تلوث ماء نهر النيل

2-عدم أستخدام الأسمدة العضوية ” بديلا عن الأسمدة الكيماوية

3-عدم أستخدام المكافحة الحيوية بديلا عن المبيدات

وقد لاحظنا أن الفلاحين لا يستخدمون الأسمدة العضوية كنتيجة طبيعية لقانون المالك والمستأجر في الأرض الزراعية ففي الغالب فان المزارع يستخدم الأسمدة الكمياوية للحصول على اكبر إنتاجية في مدة قصيرة لأن الأسمدة العضوية تحتاج لأكثر من عام حتى تأتى بنتائجها وليس من المعقول أن يستخدم مستأجر الأسمدة العضوية وهو يعلم أنه لن يستأجر نفس الأرض في العام القادم وقد لوحظ أن هناك قصورا في الإرشاد الزراعي لتوعية الفلاحين بطرق ! استخدام المكافحة العضوية وكانت النتيجة المنطقية لهذه الأسباب أن تصبح زراعات مصر غير نظيفة وأن تغلق الأسواق العالمية أبوابها أمام منتجاتنا الزراعية

ويؤكد بعض المزارعين أنهم أتبعوا كل إرشادات وتعليمات إدارة الإرشاد الزراعي والمصدر المتعاقد معهم ولكنهم فوجئوا بعد أن أنفقوا الاف الجنيهات على محصول الفراولة بأن المصدر رفض أستلام المحصول بحجة أنه غير مطابق للمواصفات وهذا يدل على أن المعلومات الإرشادية التي تنقل للفلاحين غير كافية لانتاج محصول عال الجودة أو محصول تصديري وأكد البعض الأخر أن هناك ظروفا خارجة عن إرادة الفلاح تجعله يخرج عن الشروط والمواصفات الخاصة بالتصدير فهناك الكثير من الآفات والأمراض التي تصيب المحصول ولا يصلح معها المكافحة الحيوية وتحتاج للتدخل بالمبيدات وإلا ضاع المحصول وفى هذه الحالة يكون الفلاح مضطرا لاستخدام المبيدات ويضحى بالتصدير

ويبدو أن الفلاح المصري لن يجد صعوبة فقط في التصدير بل وأيضا في تسويق منتجاته في السوق المحلى ومن خلال البحث الميدانى الذي قامت به أولاد الأرض لحقوق الإنسان أتضح أن من أهم أسباب إنخفاض تصدير المنتجات ا! لزراعية يكمن في عدم وجود قاعدة معلومات توضح أحتياجات السوق العالمي والمحلى أيضا

وعدم وجود أليات واضحة للتصدير وغياب الشفافية بين المصدر والمنتج فغالبا ما يتفق المصدر مع الفلاح على سعر معين قبل زراعة المحصول ثم يتخلى عن وعوده بعد حصاد المحصول وربما يرجع ذلك إلى عدم وعى الفلاح بالأساليب الحديثة للزراعة وانتاج محاصيل تصديرية قادرة على المنافسة

ولم تتوقف معاناه الفلاح المصري عند هذا الحد فلقد أدى أرتفاع القيمة الايجارية للفدان وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أسمدة وتقاوي ومبيدات بالإضافة إلى عدم تعامل بنك التنمية والائتمان الزراعي مع المستأجرين مما حرمهم من القروض وأيضا من مستلزمات الإنتاج

مما أدى إلي أرتفاع تكلفة الإنتاج بشكل عام وبالتالي إلى أرتفاع سعر المنتج مما أدى في النهاية إلى أن بعض المنتجات الزراعية المستوردة أصبحت تجد قبولا لدى المستهلك المصري نظرا لرخص أسعارها وجودتها

وقد ساهم إلغاء نظام الدورة الزراعية في هذا الأمر مما أدى إلى أن المعروض من المنتجات الزراعية يكون اكثر من الطلب وعلى سبيل فقد أنخفض سعر طن البصل من 900 جنيها العام الماضي إلى اقل من! 200 جنيها هذا العام مما كبد المزار عيين خسائر فادحة

في المقابل فان الحكومة رفعت الدعم عن مستلزمات الإنتاج في الوقت الذي نقوم فيه الإدارة الأمريكية بدعم مزارع القطن الأمريكي لدرجة التي سمحت لهذا المزارع أن يقوم بتصدير القطن بأقل من تكلفته وتحملت الحكومة الأمريكية فرق الأسعار

وقد حالت اتفاقية التجارة العالمية زيادة الجمارك على منتجات الدول الأخرى وذلك لان كل دولة من الدول الأعضاء في اتفاقيه التجارة العالمية لابد وان تلتزم بالسقف الأعلى للرسوم الجمركية التي حددتها الاتفاقية

كما لا يحق للدوله العضو فرض رسوم أو ضرائب داخلية مثل ضريبة المبيعات او ضريبة الاستهلاك تختلف عما تفرضه على السلع المحلية لانه بمجرد دخول السلع المستوردة تعامل معاملة السلع الوطنية

الغريب في الأمر انه لكي تقوم مصر بزيادة الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية الأجنبية المدعمة فيجب أن يتم ذلك بناء على شكوى من المزارعين المصريين ويتم التحقيق لاثبات أن الضرر الواقع عليهم قد نشأ بسبب الواردات وليس بسبب خلل في الهيكل الإنتاجي أو لاسباب داخلية لاعلاقة لها بالاستيراد فإذا ما ثبت ذلك يتم فرض رسوم جمركية! إضافية على المنتجات الزراعية الأجنبية بما يعادل ما تلقته من دعم من حكوماتها

وهذا أمر صعب في الإثبات والتحقيق مما يعنى إن المواجهة لن تكون متكافئة بين المنتج الزراعي الأجنبي المدعوم وبين المنتج الزراعي المصري الذي لا يلقى أي دعم من الحكومة

وقد أدى عدم وجود روابط للفلاحين تساهم في توفير مستلزمات الإنتاج وأيضا في التسويق والتصدير إلي إن يقف الحاج عبد الموجود في قلب حقله وحيدا ينظر إلى الأفق في حيرة ويقول صادقا 00 ما العمل 00؟

من جانبنا فان مؤسسة أولاد الأرض لحقوق الإنسان ترى أن مستقبل تصدير المنتجات الزراعية يتوقف على الوصول إلى الزراعات النظيفة الخالية من الكيماويات والافات وهذا لن يتأتى إلا باستخدام الأسمدة العضوية والمكافحة الحيوية وتنقية مياه الري من التلوث

كما تطالب أولاد الأرض لحقوق الإنسان بتعديل قانون المالك والمستأجر في الأرض الزراعية وذلك بوضع حد أقصى لإيجار الفدان وإلا تقل مده عقد الإيجار عن خمس سنوات مما يسمح للمزارع باستخدام الأسمدة العضوية بدلا من الأسمدة الكمياوية كما تطالب بوضع سياسة تسويقية واضحة مبنية على دراسة علمية لاحت! ياجات السوق العالمي والمحلى وما ينبغى إن يزرعه المزارع 00 متى 00 وكيف

000 وعلى وزارة الزراعة تفعيل دور الإرشاد الزراعي وتوعية الفلاحين بالأساليب الحديثة للزراعة وكذلك تفعيل دور بنك التنمية على أساس منح القروض بضمان المحصول وليس بضمان الأرض وكذلك عودة نظام الدورة الزراعية لضمان التناسب بين العرض والطلب وعلى الدولة تدعيم مستلزمات الإنتاج

كما تطالب مؤسسة أولاد الأرض بتخصيص قناة تليفزيونية للإرشاد الزراعي يمكن من خلالها بث كل ما يهم الفلاح سواء من ناحية مراحل الزراعة والإنتاج والتسويق وان تكون هذه القناة نافذة متطورة لنقل الفلاح المصري نقلة حضارية حتى يستطيع أن يتوافق مع ما تتطلبه إتفاقية التجارة العالمية