16/4/2008

تعرب المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية العليا أمس 15/4/2008 في القضية رقم 2 لسنة 2007 جنايات عسكرية والمتهم فيها الشاطر و آخرين بأحكام تتراوح بين ثلاثه الى عشرة سنوات، مناشدة رئيس الجمهورية بإعمال صلاحياته الدستورية والقانونية من أجل إيقاف تنفيذ الحكم الصادر، وإعادة محاكمة المتهمين أمام القضاء الطبيعي .

و تعود وقائع تلك القضية إلى أحداث العرض العسكري لطلاب جامعة الأزهر، و هو ما اتبعه القبض على الشاطر ومجموعة من أساتذة وطلاب جامعة الأزهر وآخرين من قيادات الإخوان ، فضلا عن الطلاب الذين شاركوا في العرض حيث تم اتهامهم في القضية رقم 963 لسنة 2006 حصر أمن دولة عليا، و بموجبه تم عرضهم على نيابة أمن الدولة التي قررت حبسهم احتياطياً على ذمة القضية . و عليه قام الدفاع عن الشاطر و رفاقه بتقديم تظلم إلى محكمة جنايات القاهرة من قرار الحبس الذي أصدرتها نيابة أمن الدولة استناداً على التعديل الذي لاحق بقانون الإجراءات الجنائية رقم 145 لسنة 2006 ، و الذي أصدرت حكمها بالإفراج عن المتهمين فيما وجه إليهم من اتهامات وإخلاء سبيلهم من سراي المحكمة، إلا أن القرار لم ينفذ، فضلاً عن إصدار النائب العام قراراً بالتحفُّظ على ممتلكاتهم السائلة والمنقولة والعقارية، ومنْع تصرُّف زوجاتهم وأبنائهم البالغين والقصَّر فيها .

و بتاريخ 26/11/2001 صدر قرار بإحالة القضية إلى القضاء العسكري وباشرت النيابة العسكرية التحقيقات مع المتهمين ووجهت إليهم الاتهامات التالية:

• الانضمام لجماعة محظورة أسست على خلاف أحكام القانون من شأنها تعطيل مؤسسات الدولة عن أداء مهامها
• توجيه اتهام إلى المتهمين من 1 : 21 بغسيل أموال لتحقيق أغراض الجماعة ، فضلا عن استثمار تلك الأموال لتحقيق أغراضهم. أما المتهمين من 22 : 29 فقد شاركوا مع المتهمين سالفي الذكر في غسيل الأموال ، مع علمهم التام بطبيعة ما يفعلون .

و قد تم إحالة القضية دونما إجراء تحقيقات من قبل النيابة العسكرية مع 16 متهم ، كما أن قرار الإحالة جاء بشكل مفاجئ و قبل الموعد الذي تم تحديده للجلسة بيوم واحد ، فضلا عن أن قرار الإحالة تم في يوم عطلة رسمية . وبتاريخ 26/4/2007 بدأت المحكمة العسكرية بمنطقة الهايكستب بالقاهرة أولى جلسات المحاكمة والتي تداولت على مدار 66 جلسة .

ويذكر أنه قد تم إحالة القضية وفقًا للمادة 6 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1977 والتي تجيز لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين المتهمين في الجرائم المنصوص عليها في البابين الأول والثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وما يرتبط بها من جرائم إلى المحاكم العسكرية وذلك في ظل حالة الطوارئ. وعليه فقد استخدمت المادة سالفة الذكر منذ عام 1992 لإحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وبلغ عدد القضايا التي أحيل فيها الإخوان إلى المحاكم العسكرية 7 قضايا وذلك منذ عام 1995 وحتى الآن .

وإذ تعرب المنظمة المصرية عن أسفها البالغ إزاء استمرار ظاهرة إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، وتشدد على ضرورة أن تحترم الدولة القواعد الشرعية والإجرائية عند محاكمة المتهمين بأن لا يُحرموا من حقهم في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي والتظلم أمام محكمة أعلى والحق في المثول أمام محكمة مستقلة منشأة بحكم القانون، كما تؤكد مجدداً أن هذه الشروط لا تتوافر في أي من المحاكمات العسكرية أو محاكم أمن الدولة طوارئ ، وعليه فإنها تناشد رئيس الجمهورية بأعمال صلاحياته الدستورية والقانونية من أجل إيقاف تنفيذ الحكم الصادر وإعادة محاكمة المتهمين أمام القضاء الطبيعي وإيقاف إحالة المدنين للمحكمة أمام القضاء العسكري. وفي هذا الصدد ، تطالب المنظمة المصرية بجملة من التوصيات أهمها :

أولاً: إلغاء إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري وأن تجرى محاكمتهم أمام القضاء الطبيعي، نظراً لإهدار المحاكم العسكرية للعديد من الضمانات اللازمة للمحاكمة العادلة والمنصفة مثل، إهدار حق المتهمين في إعداد دفاعهم ، وإهدار حق الدفاع في الإطلاع على ملفات القضايا ومقابلة موكليه على انفراد، وإعمالاً للمادة 68 من الدستور والتي تنص على “لكل مواطن الحق في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي ” ، والمادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تنص على ” الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون” .

ثانيًا : ينعقد الاختصاص للقضاء العسكري للعسكريين فحسب وللجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو المركبات أو الأماكن أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة أينما وجدت ، وكذلك الجرائم التي تقع على معدات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة وكافة متعلقاتها ، وعليه لابد من إلغاء (المادة 4/7) والتي بموجبها يمتد اختصاص المحاكم العسكرية إلى المواطنين المدنيين متى كانوا يعملون في وزارة الدفاع أو في خدمة القوات المسلحة ، بمعنى آخر لابد من قصر ولاية المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية، وأن يكون هناك حق على الدوام في استئناف أحكام هذه المحاكم إلى جهة أو محكمة إستئنافية مؤهلة قانونًا أو التظلم عن طريق طلب الإلغاء.

ثالثًا : إلغاء المادة 48 من القانون والتي بموجبها نجد أن السلطات القضائية العسكرية وحدها هي التي تقرر ما إذا كان الجرم داخلاً في اختصاصها أو لا دون أن تملك أية جهة قضائية أخرى منازعتها في ذلك ، فإذا ما انتهت تلك السلطات إلى اختصاصها بجريمة معينة وجب على القضاء العادي أن يتخلى على الفور عن نظرها .

رابعًا : إلغاء المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدلة بالقانون رقم 5 لسنة 1977 ، والتي تجيز لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين المتهمين في الجرائم المنصوص عليها في البابين الأول والثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وما يرتبط بها من جرائم إلى المحاكم العسكرية وذلك في ظل حالة الطوارىء.