11/2005
وكما حذرنا في التقرير الذي أصدرناه قبل انتخابات المرحلة الثانية بساعات أنه سيتم استخدام كل الطرق المشروعة وغير المشروعة من تزوير ورشاوي وبلطجة وسفك للدماء في تلك المرحلة , كل الشواهد كانت تؤكد أن ذلك سيحدث وطالبنا أن تخرج الشرطة عن حيادها السلبي وأن تقوم بدورها في ردع كل من يحاول الخروج عن القانون , والحقيقة فإن ما حدث كان أبشع مما كنا نتصوره , فقد انطلق البلطجية في الشوارع وأمام اللجان وفي أيديهم السيوف والشوم والسنج يضربون بوحشية الناخبين وأنصار المرشحين وأصبحت الشوارع ميدان لمعارك غير شريفة أعادت مصر إلي عهود الهمجية وقانون الغاب , والغريب في الأمر أن تحدث كل تلك المهازل التي سفكت فيها الدماء أمام رجال الأمن الذين وقفوا ساكنين وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد …. واختبأوا خلف قناع من الحياد وهو ما كان ضوءا أخضر لكل الخارجين عن القانون والبلطجية أن يفعلوا ما شاءوا دون مساءلة ..!
هكذا سقط المواطن محمد خليل قتيلا في دائرة الجمرك والمنشية بالإسكندرية وهو يقف أمام مكتب المرشح حسن حسين والذي يبعد 30 مترا فقط عن قسم الجمرك …!
مات محمد خليل وهو يحاول أن يحمي بعض النساء من البلطجية فانهالوا عليه بالسيوف والسنج فسقط قتيلا ..! وفي الدائرة نفسها أصيب أسامة الجمال بجرح قطعي في يده وجرح آخر في وجه ولأنه من أنصار مرشح الإخوان رفضت شرطة الأنفوشي تحرير محضر بالواقعة بحجة أن مهمتهم تقتصر علي تأمين اللجان ..!
وفي نفس الدائرة طالب أبو العز الحريري مرشح الجبهة الوطنية عن التجمع من أجهزة الأمن أن تقوم بدورها وأن توقف تلك المعارك الدامية وان تقوم بالقبض علي البلطجية لعدم ترويع الناخبين وحتى لا يتم سفك المزيد من الدماء غير أن كلمات الحريري لم تجد من أجهزة الأمن أذنا صاغيا وظلت علي موقفها المحايد …!
ولم تتوقف سلبية الأمن عند هذا الحد , فقد اكتشف أهالي كرموز أخطاء فادحة في كشوف الناخبين , فقد بلغ إجمالي الناخبين في تلك الدائرة 98028 ناخبا وعدد اللجان 88 لجنة موزعة علي 19 مقرا , وقد اكتشف الأهالي وجود 5000 اسم مكررا ما بين أسماء مكررة مرتين وأسماء أخرى مكررة سبعة وتسعين مرة , وتكرر رقم القيد لأسماء مختلفة من مرتين إلي عشر مرات في اللجنة الواحدة … وبالرغم من أن الأهالي قاموا بإبلاغ كل الجهات المعنية بما فيها وزارة الداخلية إلا أنه لم يتم تصحيح تلك الأخطاء قبل بدء عملية التصويت …! غير أننا لا بد أن نذكر ما قامت به الشرطة من دور إيجابي في دائرة الدخيلة وذلك حين فضت المشاجرة التي قامت بين أنصار مرشح الإخوان ومرشح الوطني والتي أصيب فيها 16 من مؤيدي الإخوان كما أصيب عميد شرطة و 5 جنود وهم يقومون بدورهم في إيقاف العنف والبلطجية …!
كما شهدت دائرة العامرية وبرج العرب معركة طاحنة بين أنصار مرشح الإخوان ومرشح الوطني استخدم فيها الجنازير والحجارة مما أسفر عن إصابة 15 شخصا إصابات مختلفة , أما في دائرة سيدي جابر فقد شهدت مهزلة للتصويت الجماعي , فقد حشد مرشح الحزب الوطني جميع العاملين بمجموعة الشركات التي تمتلكها عائلته , وتوجه آلاف العمال الوافدين إلي الإسكندرية عشية الانتخابات للإدلاء بأصواتهم لدرجة انهم افترشوا الأرصفة بعد أن أجبرهم مرشح الوطني علي عدم العودة إلي منازلهم …! وقد شهدت الدوائر الانتخابية بالإسكندرية أعمال بلطجة بلا استثناء منها دوائر باب شرق والرمل وسيدي جابر والمنتزه ومينا البصل وشهدت كل الدوائر أحداثا مؤسفة كان أبطالها بلطجية الحزب الوطني من المسجلين الخطر بمديرية الأمن والذين تم تجميعهم عشية الانتخابات وتم منحهم الضوء الأخضر لممارسة أعمال البلطجة وترويع المواطنين لمنعهم من الوصول إلي اللجان الانتخابية ..!
وفي محافظة الغربية وفي دائرة بندر طنطا وأمام اللجنة الانتخابية بمدرسة التربية الفكرية بشارع سعيد وقف البلطجية شاهرين سيوفهم ومنعوا الناخبين من الدخول إلي اللجان , وفي مدرسة محمد سعيد العريان قام البلطجية بالاعتداء علي الناخبين وإرغامهم علي العودة إلي منازلهم دون تصويت ..!
وفي اللجنة رقم 8 سيدات بدائرة زفتي رفض القاضي رئيس اللجنة تواجد مندوب أولاد الأرض داخل اللجنة بحجة أنه لا يصح وجوده بين السيدات …! وتم طرد مندوبي أولاد الأرض أيضا من اللجنة رقم 42 في مدينة زفتي ومن اللجنة 147 بقرية دهتورة وعدم السماح لهما بمراقبة الانتخابات …!
أما أطرف التجاوزات التي حدثت في محافظة الغربية هي أن قامت أجهزة الأمن بالقبض علي الدكتور إبراهيم عبد اللطيف المرشح المستقل بدائرة كفر الزيات بعد أن نشبت مشادة بينه وبين رئيس لجنة مركز شباب الدلجمون وذلك لاعتراض المرشح علي رفض رئيس اللجنة للسماح لعدد كبير من الناخبين بالإدلاء بأصواتهم … فما كان من رئيس اللجنة سوي أن أمر بحبس المرشح 24 ساعة وتم اقتياده إلي مركز شرطة كفر الزيات ….!
وقد ظهرت الرشاوى الانتخابية أمام عدد من اللجان بطنطا والمحلة الكبرى وزفتي وكفر الزيات وسمنود وبدأت بمبلغ 20 جنيها في أول اليوم ثم ارتفعت إلي 100 جنيها بعد الظهر …!
وفي محافظة بور سعيد كان كل شئ مباحا , فتم استخدام البلطجية لترويع الناس , وتم شراء الأصوات وخاصة من قبل كل من المرشح عبد الوهاب قوطة والمرشح سيد متولي , لم يخل شارع أو مقر انتخابي أو لجنة انتخابية من وجود أنصار قوطة وأنصار متولي الذين احتلوا نواصي الشوارع والميادين وحولوا الانتخابات إلي مزاد علني في سعر الأصوات وانتشرت بين المجموعتين عملية البطاقة الدوارة بمدرسة ناصر الإعدادية ومدرسة علي بن أبي طالب بالزهور , وقامت مشاجرات بين مؤيدي مرشح الوطني ومؤيدي مرشح الإخوان في دائرة العربي والشرق وقام البلطجية بالاعتداء علي الناخبين داخل مدرسة أحمد بالقابوطي وفي محافظة القليوبية قام مرشحو الحزب الوطني بحشد البلطجية أمام اللجان ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم لمرشحي الجبهة الوطنية للتغيير والمستقلين والإخوان , وتم التحرش بمؤيدي المعارضة خارج اللجان وخرجت مليشيات الحزب الوطني من الإدارة التعليمية والشئون الاجتماعية في سيارات حكومية وقاموا بنقل المواطنين من منازلهم إلي اللجان لانتخاب مرشحي الحزب الوطني , ولم يختلف الحال في محافظة الفيوم غير أن أجهزة الأمن في تلك المحافظة قاموا باحتجاز 100 عضو من منظمات حقوق الإنسان كانوا في طريقهم من محافظة بني سويف إلي محافظة الفيوم لمراقبة الانتخابات وتم احتجازهم بفرق الأمن بالعزب …!
كما تأخرت عملية التصويت في مدرسة الساحة الإعدادية ببندر الفيوم والتي تضم اللجان من 2 حتى 8 إلي الساعة التاسعة صباحا , وانتشرت أمام اللجان أيضا ظاهرة شراء الأصوات حيث وصل سعره الصوت 50 جنيها , أما في محافظة السويس فقد شهدت لجانها ظاهرة القيد الجماعي للعاملين في بعض الشركات واستخدام السيارات الحكومية في الدعاية الانتخابية لمرشحي الحزب الوطني , كما شهدت معظم اللجان ظاهرة شراء الأصوات , وفي محافظة البحيرة وفي لجان مدرسة الحديثة الإعدادية قام بلطجية الحزب الوطني بإشهار الأسلحة البيضاء في وجوه الناخبين وحدثت اشتباكات عنيفة أسفرت عن العديد من الإصابات , وفي دائرة شبرا خيت قامت سيارات الوحدة المحلية بنقل المواطنين للتصويت لمرشحي الحزب الوطني , وفي محافظة الإسماعيلية فالموقف لم يكن أفضل حالا فقد قام البلطجية بأعمال عنف في الدائرة الأولي وقاموا بحصار اللجان الانتخابية لترهيب الناخبين وقاموا بالتعدي عليهم في مدرسة الزراعة وفي مدرسة أبو بكر الصديق , وتحول حي الشهداء إلي سجن حوصر فيه أنصار المعارضة , وشهدت لجنة ظهر الجبل بالقنطرة شرق حالات قيد جماعي بالإضافة إلي وجود أخطاء جسيمة في كشوف الناخبين …!
- من جانبنا …. فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان بعد أن قامت برصد بعض الانتهاكات الخطيرة التي حدثت في انتخابات الجولة الأولي للمرحلة الثانية تري أن ما حدث من عنف وبلطجة ومعارك دامية أمام اللجان بين أنصار المرشحين يتطلب من الحكومة أحد أمرين .
- أما أن تقوم أجهزة الأمن بدورها في حماية الناخبين وأن تتخلى عن حيادها السلبي الذي أتاح للبلطجة أن تكون السائدة , أو أن يتم إلغاء تلك الانتخابات من الأساس … فلا يقبل أن يقوم مجلس الشعب علي جثث الناخبين … وأن نعلنها صراحة أمام العالم … أننا غير قادرين علي تنظيم انتخابات نزيهة وأمنة …؟!