18/12/2005

لم نكن نعلم …. ولا وزير الزراعة أيضا …. أن لعنة البطيخ المسموم ستصيب محصول القطن في مقتل …!

وأغلب الظن أن فوضي سوق المبيدات في مصر والقرارات الوزارية المتخبطة التي أعلنت بعد ظهور البطيخ المسموم كانت من أهم الأسباب التي أدت إلي انخفاض إنتاج القطن , فقد قامت وزارة الزراعة بإعدام مبيدات قيمتها 30 مليون جنيها كانت في مخازن بنك التنمية والائتمان الزراعي وكان من الطبيعي مع ارتفاع حرارة الصيف أن تهاجم دودة اللوز المحصول وألا يجد الفلاحون المبيدات لمقاومتها لتلتهم مساحات كبيرة من المحصول, وتتراجع إنتاجية الفدان من 8 قناطير في المتوسط إلي قنطارين مما تسبب في خسائر فادحة للفلاحين بأرجاء مصر , وانخفض إنتاج القطن من 5.5 مليون قنطار إلي 4 مليون قنطار فقط , ويقينا فإن وزير الزراعة الحالي له عذره بعد أن تحمل مسئولية تركة مثقلة بالأخطاء والتجاوزات وكان عليه أن يصدر قرارا حاسما أثناء كارثة البطيخ المسموم بإعدام المبيدات السامة والمسرطنة وأن يمنع استيرادها ولم يسعفه الوقت لاستيراد مبيدات غير سامة لمقاومة دودة اللوز وكانت النتيجة الحتمية ما أصاب محصول القطن من خسائر وصلت إلي نحو ملياري جنيه موزعة ما بين 650 مليون جنيه بسبب تراجع الصادرات و 250 مليون جنيه نتيجة فقدان بذرة القطن والكسب وزيادة استيراد زيت الطعام و 350 مليون جنيه قيمة تخزين الفضلة في مصانع الغزل والنسيج بالإضافة إلي 750 مليون جنيه قيمة ما سنستورده من أقطان لازمة لتشغيل تلك المصانع , وهو الأمر الذي يهدد مستقبل صناعة الغزل والنسيج وأيضا الملابس الجاهزة , تلك الصناعة التي تبلغ عدد منشآتها إلي نحو 3000 منشأة وقيمة الاستثمارات بها يصل إلي 17 مليار جنيها وتبلغ مساهمتها من جملة صادراتنا التحويلية 25 % بما قيمته 3 مليار جنيها سنويا , وكان من الطبيعي في ظل انخفاض إنتاج القطن أن ترتفع أسعاره وأن تتجاوز الأسعار العالمية بما يتجاوز ال 20 % حتى وصل الحال أن الأسعار المحلية للقطن المحلي وخاصة صنف ” 86 ” تزيد علي سعر الغزل مما أدي إلي استحالة الغزل بالأقطان المحلية والاتجاه إلي الاستيراد , وقد أدي ارتفاع أسعار القطن إلي رفض المغازل المحلية شراء أكثر من مليوني قنطار قطن مصري مما يعني أن إنتاج محصول القطن هذا العام سيبقي كفضلة للموسم القادم , الغريب في الأمر أنه في ظل هذا التخبط في سوق القطن المصري يخرج علينا المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة بتصريح يؤكد فيه أن السلطات الأمريكية قررت إلغاء الدعم عن القطن ” البيما ” الأمريكي مما يعني مزيدا من ارتفاع الأسعار وكانت النتيجة ارتفاع سعر قنطار القطن المصري في ليلة واحدة 150 جنيها , الأغرب أن وزير التجارة والصناعة لم يذكر في تصريحه أن إلغاء الدعم عن القطن الأمريكي لن يتم إلا في عام 2006 ….!

وكان من الطبيعي في ظل هذا التخبط وانخفاض الإنتاج أن يقوم بعض المزارعين تدراكا للخسائر بخلط أنواع القطن الأعلى سعرا بالأرخص سعرا مما ينذر بخلط البذور وضياع السلالات النقية للقطن المصري …!

وقد أدي انخفاض إنتاج القطن إلي أن الكثير من مصانع الغزل والنسيج لم تعد تعمل بكامل طاقتها منذ أكثر من شهرين فشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وهي إحدى القلاع الصناعية المصرية توقف فيها خلال 18 يوما فقط 3835 ماكينة بمتوسط يومي 213 ماكينة بما يمثل نحو 31.7% من الطاقة الآلية للغزل وبلغ حجم الغزول المفقودة يوميا بما يساوي نسبة 36.3 % من إجمالي الإنتاج اليومي للغزل وهو الأمر الذي يؤكد تعرض الشركة لخسائر فادحة , وهذا ما يتعرض له الكثير من مصانع الغزل والنسيج في مصر مما يهدد آلاف العمال بالتشرد والضياع .

ويبدو أن الكارثة التي حدثت للقطن هذا العام جاءت لتؤكد خروجنا تماما من السوق العالمي بعد أن وصل إنتاج القطن الأمريكي إلي 17% أي سدس إنتاج العالم في الوقت الذي يواصل فيه القطن المصري انحداره الذي كان يعادل إنتاجه 2.5% من الإنتاج العالمي ولكنه بعد انخفاض إنتاجيته أصبح أقل من 1% .

من جانبا فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تري أن هناك العديد من الإجراءات التي يجب أن تتخذ لإعادة القطن المصري إلي عصره الزاهر والتي تتلخص في …

    • 1. توفير المبيدات اللازمة لمقاومة دودة ورق ولوز القطن علي أن تكون تلك المبيدات في الحدود الآمنة التي لا تضر بصحة الإنسان والحيوان .

 

    • 2. تحديد سعر الضمان حتى يجد الفلاح الأمان الكافي لزراعة القطن .

 

    • 3. العودة إلي نظام الدورة الزراعية لتحديد المساحات التي يجب أن تزرع بالقطن .

 

    • 4. التركيز علي زراعة أصناف القطن فائقة الطول والأقطان طويلة التيلة المطلوبة في السوق العالمي علي ألا يطغي ذلك علي زراعة الأقطان المتوسطة والقصيرة التيلة اللازمة للتصنيع المحلي .

 

    • 5. دعم مستلزمات الإنتاج بشكل عام لتخفيف العبء علي مزارعي القطن .

 

    • 6. تعديل قانون المالك والمستأجر في الأرض الزراعية وذلك بتحديد السقف الأعلى لإيجار الفدان وألا تقل مدة الإيجار عن 5 سنوات .

 

    7. تفعيل دور المرشدين الزراعيين وتوعيتهم بالأساليب الحديثة في الزراعة والري ومقاومة الآفات وطرق التخزين لزيادة إنتاجية الفدان وجودته .